بحيري: أقاوم الأساطير التي تهدر النص الأصلي
كتب – نعيم يوسف
واصل الباحث والمفكر إسلام بحيري، رحلته في نقد التراث، من خلال برنامجه "البوصلة"، المذاع على قناة "تين" الفضائية، حيث تناول قصة تمثل الشيطان بشرًا، بناء على الحديث الذي يروي قصة مشابهة.
الجميع يؤمن بوجود الشيطان.. ولكن
وقا بحيري: إننا جميعا نؤمن بوجود الشيطان، وأنه مخلوق خلقه الله اسمه "الشيطان"، ولكن هناك قواعد لهذه المسألة، مشددًا على أنه لا يقاوم الأساطير فقط، ولكن يدافع عن النص الأصلي، لأن كل هذا عبارة عن روايات يُهدر بها النص الأصلي.
وأكد أنه لا يهتم إلا بالأحاديث الموجودة في كتابي البخاري ومسلم، لأن هذين العملين إذا دُس فيهما شيء يصبح جزءًا من الدين، على عكس باقي الكتب التي من المعروف أن الأحاديث الموجودة بها ضعيفة.
نص الحديث
وروى "بحيري"، نص الحديث، وهو كالتالي: " وعن أَبي هريرة قَالَ: وكَّلَني رسولُ اللَّهِ ﷺ بحِفْظِ زَكَاةِ رمضانَ، فَأَتَاني آتٍ، فَجعل يحْثُو مِنَ الطَّعام، فَأخَذْتُهُ فقُلتُ: لأرَفَعَنَّك إِلى رسُول اللَّه ﷺ، قَالَ: إِنِّي مُحتَاجٌ، وعليَّ عَيالٌ، وَبِي حاجةٌ شديدَةٌ، فَخَلَّيْتُ عنْهُ، فَأَصْبحْتُ، فَقَال رسُولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيْهِ وآلهِ وسَلَّمَ: يَا أَبا هُريرة، مَا فَعلَ أَسِيرُكَ الْبارِحةَ؟ قُلْتُ: يَا رسُول اللَّهِ شَكَا حَاجَةً وعِيَالًا، فَرحِمْتُهُ، فَخَلَّيْتُ سبِيلَهُ. فَقَالَ: أَما إِنَّهُ قَدْ كَذَبك وسيعُودُ فَعرفْتُ أَنَّهُ سيعُودُ لِقَوْلِ رسُولِ اللَّهِ ﷺ فَرصدْتُهُ. فَجَاءَ يحثُو مِنَ الطَّعامِ، فَقُلْتُ: لأَرْفَعنَّكَ إِلى رسولُ اللَّهِ ﷺ، قالَ: دعْني فَإِنِّي مُحْتاجٌ، وعلَيَّ عِيالٌ لاَ أَعُودُ، فرحِمْتُهُ فَخَلَّيتُ سبِيلَهُ، فَأَصبحتُ، فَقَال لي رسُولُ اللَّهِ ﷺ: يَا أَبا هُريْرةَ، مَا فَعل أَسِيرُكَ الْبارِحةَ؟ قُلْتُ: يَا رسُول اللَّهِ شَكَا حَاجَةً وَعِيالًا فَرحِمْتُهُ، فَخَلَّيتُ سبِيلَهُ، فَقَال: إِنَّهُ قَدْ كَذَبكَ وسيَعُودُ. فرصدْتُهُ الثَّالِثَةَ. فَجاءَ يحْثُو مِنَ الطَّعام، فَأَخَذْتهُ، فقلتُ: لأَرْفَعنَّك إِلى رسولِ اللَّهِ ﷺ، وهذا آخِرُ ثَلاثٍ مَرَّاتٍ أَنَّكَ تَزْعُمُ أَنَّكَ لاَ تَعُودُ، ثُمَّ تَعُودُ، فَقَالَ: دعْني فَإِنِّي أُعلِّمُكَ كَلِماتٍ ينْفَعُكَ اللَّه بهَا، قلتُ: مَا هُنَّ؟ قَالَ: إِذا أَويْتَ إِلى فِراشِكَ فَاقْرأْ آيةَ الْكُرسِيِّ، فَإِنَّهُ لَن يزَالَ عليْكَ مِنَ اللَّهِ حافِظٌ، وَلاَ يقْربُكَ شيْطَانٌ حتَّى تُصْبِحِ، فَخَلَّيْتُ سبِيلَهُ فَأَصْبحْتُ، فقَالَ لي رسُولُ اللَّهِ ﷺ: ما فَعلَ أَسِيرُكَ الْبارِحةَ؟ فقُلتُ: يَا رَسُول اللَّهِ زَعم أَنَّهُ يُعلِّمُني كَلِماتٍ ينْفَعُني اللَّه بهَا، فَخَلَّيْتُ سبِيلَه. قَالَ: مَا هِيَ؟ قُلْتُ: قَالَ لي: إِذا أَويْتَ إِلى فِراشِكَ فَاقرَأْ آيةَ الْكُرْسيِّ مِنْ أَوَّلها حَتَّى تَخْتِمَ الآيةَ: اللَّه لاَ إِلهَ إِلاَّ هُو الحيُّ الْقَيُّومُ [البقرة:255] وقال لِي: لاَ يَزَال علَيْكَ مِنَ اللَّهِ حَافِظٌ، وَلَنْ يقْربَكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ. فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: أَمَا إِنَّه قَدْ صَدقكَ وَهُو كَذوبٌ، تَعْلَم مَنْ تُخَاطِبُ مُنْذ ثَلاثٍ يَا أَبا هُريْرَة؟ قُلْتُ: لاَ، قَالَ: ذَاكَ شَيْطَانٌ""
خلاصة الحديث
وأشار "بحيري"، أن خلاصة الحديث، هو أن الرسول وكل أبو هريرة لحراسة الطعام، فجاء له سارق ثلاثة مرات، في كل ليلة منفصلة، وكان أبو هريرة يرحمه ويتركه بعد أن يستعطفه، وفي النهاية كشف له الرسول أن هذا شيطان، وليس إنسان يسرق.
تحليل ونقد الحديث
وأضاف الباحث والمفكر، أن الحديث يقول "زكاة رمضان"، ولكن لا يوجد في الإسلام شيئا يدعى "زكاة رمضان"، ويوجد فقط إما "زكاة العيد"، أو "صدقة رمضان"، لافتا إلى أن البعض عندما يدس شيئا على الرسول تكون به بعض الأخطاء.
ولفت إلى أنه ليس من حق أبوهريرة العفو عن سارق، لأن الرسول قال: "والله لو فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها"، وبالتالي لا يوجد تهاون في تطبيق الحدود على الجرائم، أما إذا كان هذا المخزون طعامًا للصدقة، وهذا الشخص محتاجًا، وبالتالي فلا يوجد سرقة، ويمكن لأبو هريرة أن يعطيه من الصدقة، مشددًا على أنه عدم اعتباره محتاجًا، أو سارقًا، أمر غريب.
وأوضح أنه في حالة معرفة أبوهريرة من أول مرة أنه سارق، لماذا تركه؟!؟! ولماذا لم يقدمه للرسول ليفصل في عقوبته الجنائية، ولماذا لم يستمع للرسول بأن هذا الشخص كاذب وسارق، وسوف يعود، حتى المرة الثالثة!!
وتساءل: كيف يتمثل الشيطان بشرًا!! وهذا دليل آخر يثبت أن هذه القصة غير صحيحة، لافتا إلى أن "ابن تيمية" كان يزعم أن شيطانًا يتمثل به وهو في السجن، ويقول للناس كلامًا ليس صحيحًا، وهذا يمكن أن يُبنى عليه بعض الأمور الأخرى مثل أن يرتكب شخصا ما جريمة ويزعم أن شيطانًا هو الذي ارتكب هذه الجريمة.