(1905- 1976 )
إعداد/ماجد كامل
يبرز أسم المتنيح الأنبا ديسقوروس (1905- 1976 ) كواحد من أبرز المؤرخين المعاصرين الذين تولوا تدريس مادة تاريخ الكنيسة في الكلية الإكليركية ؛ ولقد ولد إدوارد يسطس الدويري في بلدة الدوير مركز أبو تيج محافظة سوهاج في يوم 5 مارس 1905 من أسرة تقية ؛فوالده كان كاهنا ببلدة الدوير ؛ ولقد ورد في سيرته الذاتية أن والدته قد تعثرت كثيرا في ولادته فنظرت من نافذة المنزل الي السماء وصرخت قائلة "يا ربي يسوع المسيح في يديك استودع روحي " وما كادت تنتهي من ترديد هذه العبارة حتي ظهر أمامها ملاك ساطع كالبرق وبشرها أنها سوف تلد أبنا مباركا .
وتدرج في مراحل التعليم المختلفة حتي حصل علي شهادة البكاوريا عام 1923 ؛ونظرا لرغبته الشديدة في التكريس ؛ ألتحق بالكلية الإكليركية وتخرج فيها عام 1927 ؛والجدير بالذكر ان الارشيدياكون القديس حبيب جرجس ( 1878- 1951 ) . قد ذكره ضمن قائمة أسماء الخريجين في موسوعته الخالدة "المدرسة الاكليركية بين الماضي والحاضر . ولقد جاء ذكره تحت ( 189) حيث قال عنه " ادوار يسطس من الدوير .التحق بالمدرسة الاكليركية سنة 1923 وقضي بها 4 سنوات تعين بعدها مدرسا بالاكليركية . وهو الان مدرس تاريخ الكنيسة بالمدرسة الاكليركية وضع مؤلفا جليلا في تاريخ القديس الانبا شنودة رئيس المتوحدين " ( المرجع السابق ذكره ؛ صفحة 287 ) .
والجدير بالذكر أنه قام بدعوة الأغنسطس وهيب عطا الله جرجس (المتنيح الأنبا غريغوريوس فيما بعد ) للخدمة والوعظ في مدينة الدوير لمدة شهر تمهيدا لرسامته كاهنا علي المنطقة فيما بعد ؛ ولكن وهيب عطا الله رفض العرض بشدة وهرب من الدوير بعد إتمام الشهر الذي كلف بالوعظ فيه . ولقد تميز بمنهجه في تدريس تاريخ الكنيسة بعدم الاكتفاء بالمحاضرات النظرية فقط ؛ بل قام باصطحاب الطلبة الي زيارة الأديرة الأثرية للتعرف علي تاريخ الرهبنة والأديرة ميدانيا أيضا وليس فقط نظريا . ولقد مر حادث مؤلم في حياته إذ كان يستحم في مياه البحر علي شاطيء الإسكندرية وكان البحر هائجا جدا ؛ وما لبث أن أبتلعت الامواج خاله وأبن خاله وتوفيا في الحال ؛أما هو فنجا بأعجوبة ؛ وبعدها ناجي نفسه قائلا " كان من الممكن أن أغرق أنا أيضا فكيف كنت ساقابل الله حينئذ ؟؟" ثم أشتاقت نفسه إلي حياة الرهبنة فكتب خطابا للبابا يوساب الثاني يطلب فيه الرهبنة مع استمراره في تدريس مادة التاريخ الكنسي بالكلية الإكليركية ؛وفي 17 اكتوبر 1948 ذهب إلي القمص مينا المتوحد (المتنيح القديس البابا كيرلس السادس فيما بعد ) وكان وقتها رئيسا لدير الأنبا صموئيل القلموني وطلب رهبنته في دير الأنبا صموئيل فوافق القمص مينا وبالفعل تمت رهبنته في صباح يوم الجمعة 12 نوفمبر 1948 بأسم الراهب "يسطس الصموئيلي " . ولكن بعد فترة ونتيجة لبعض الظروف الصعبة ؛طلب تحويل رهبنته من دير الانبا صموئيل القلموني الي دير البراموس ؛ وبنتيجة وساطة المتنيح الأنبا أثناسيوس مطران بني سويف السابق ( 1925- 1962 ) التحق بالرهبنة في دير البراموس العامر باسم الراهب "اتطونيوس البراموسي " وسيم قسا ثم قمصا .
وفي عهد البابا كيرلس السادس ؛ انتدبه قداسته للصلاة في كنيسة الأنبا رويس بالاضافة لعمله كأستاذ لمادة تاريخ الكنيسة بالكلية الإكليركية ؛ كما طلب منه قداستة المساعدة في الصلاة في كنائس مصر القديمة وحدائق حلوان والمستشفي القبطي والكنيسة المرقسية بالازبكية .
وبعد صباح يوم الأحد الموافق 19 سبتمببر 1965 ؛قام البابا كيرلس بسيامته أسقفا علي المنوفية بأسم الأنبا "ديسقوروس" ولعل في اختيار أسم ديسقوروس بالذات قصة لطبفة تستحق أن تروي ؛ فعندما كان قداسة البابا كيرلس السادس في زيارة لأثيوبيا خلال الفترة من ( 15 – 21 يناير 1965 ) ؛ سأله أحد الرهبان الاثيوبين عن السبب في عدم وجود أسقف علي أسم ديسقوروس في الكنيسة القبطية الآرثوذكسية ؛ فظل هذا السؤال يلح في ذهن البطريرك القديس حتي قام بسيامة القمص أنطونيوس البراموسي أسقفا بأسم الأنبا ديسقوروس وكان ذلك بتاريخ 19 سبتمبر 1965 . وعلي نهج أبيه الروحي قداسة البابا كيرلس السادس ؛أهتم نيافته أن يقيم صلوات القداس الإلهي يوميا ؛ وكان يحرص علي ذلك حرصا شديدا حتي أنه عندما توفي زوج شقيقته مساء الخميس وكانت صلاة الجناز والدفنة صباح الجمعة ؛ أستيقظ الساعة السادسة من صباح يوم الجمعة ؛ وأقام صلاة القداس الإلهي ؛ ثم توجه بعده إلي منزل أخته ليتلقي العزاء في وفاة زوجها .
كما أهتم بخدمة القري المحيطة ؛وقام ببناء وتدشين ثلاثة كنائس جديدة هي :- كنيسة مارجرجس بركة السبع ؛وكنيسة السيدة العذراء زوير ؛ وكنيسة السيدة العذراء بقرية متيل دويد ؛كما أهتم بتجديد العديد والعديد من كنائس الإيبارشية .
وبحكم عمله في التدريس بالكلية الإكليركية ؛ أهتم بالكتابة والتأليف ؛ فكتب في مجال تاريخ الكنيسة كتاب " موجز تاريخ المسيحية حتي عصرنا الحالي – دير السيدة العذراء البراموس ) وفي الطقس كتب كتاب "كتاب القداس الكيرلسي ) وفي العقيدة ؛سر الزواج – البركة – التجسد الإلهي وإمكانيته وضرورته – الحوار بين يوساب الأبح وبين أحد المواطنين في التثليث والتوحيد ) . كما أثري مجلة مارجرجس بالعديد والعديد من المقالات الهامة والقيمة .
ولقد شعر بظهور بعض أعراض المرض عليه ؛ ومع مرور الزمن أشتد المرض عليه جدا حتي تنيح بسلام في الساعة الثانية من ظهر يوم الثلاثاء الموافق 4 مايو 1976 ؛ وقام بالصلاة علي جثمانه الطاهر المتنيح قداسة البابا شنودة الثالث مع لفيف من المطارنة والأساقفة .
ولقد كتب المتنيح الأنبا غريغوريوس كلمة رثاء طيبة وردت في موسوعة الأنبا غريغوريوس ؛مقالات وموضوعات متنوعة – الجزء الأول ؛الموسوعة رقم 29 ؛ قال فيه " سلام ثم سلام للروح الوديعة الهادئة التي تحليتم بها . سلام ثم سلام للقلب التقي الورع بحق الذي تجملتم به . سلام ثم سلام للإنسان الصببور الذي فيكم ؛ كانت لكم مقدرة غير مألوفة علي ضبط النفس ؛عن كل مكروه . أنني أذكرك أستاذا تتلمذت عليه في تاريخ الكنيسة ؛بالكلية الإكليركية في الثلاثينات . ....... وكان شغفكم بالرهبنة كبيرا ؛ من قبل أن تنتظم في سلك رهبانها . وكنتم تصحب تلاميذك في رحلات روحية دورية إلي الأديرة ؛ وبذلك عاونتم علي إيجاد علاقة روحية وفكرية وطيدة بين الإكليركية وبين الأديرة .ولم تكن في تلك الأيام سيارات تصل إلي الأديرة ؛فكنا نترجل في منتصف الطريق الصحراوي الواصل بين القاهرة والإسكندرية . ونسير بعد ذلك علي الأقدام كنا نقطعها في نحو أربع ساعات ؛ وكنتم في أثناء ذلك كله تتحدث إلي تلاميذك بأخبار من تاريخ الرهبنة ؛ بصورة تجعلنا ننسي تعب الطريق ؛ ولقد رغبتم البعض منهم في تلك الحياة الملائكية والسيرة الروحانية . فما أن رسمتم أسقفا لكرسي محافظة المنوفية وتوابعها ؛ حتي جعلتم إيبارشية المنوفية مفتوحة للإكليركية والإكليركين . وكنت دائما أقول لكم إننا نعتبر إيبارشية المنوفية إيبارشية الإكليركية بغير تحفظ ولا عجب فأنت أب كبير لهم ؛ وأستاذ لأجيال منهم " ( المرجع السابق ذكره :- فقرات مختارة من رسالة الرثاء ؛ صفحة 351 ) .
بعض مراجع ومصادر المقالة :-
1- حبيب جرجس :- المدرسة الاكليركية بين الماضي والحاضر ؛ صفحة (287 ) ؛الخريج رقم ( 189 ) .
2- ايريس حبيب المصري :- قصة الكنيسة القبطية ؛نقلا عن منتدي أسرة الأنبا أنطونيوس ؛موقع علي شبكة الأنترنت بتاريخ 4 فبراير 2008
3- الأنبا غريغوريوس :- موسوعة الأنبا غريغوريوس ؛ مقالات وموضوعات متنوعة ؛ الجزء الأول ؛ المجلد رقم 29 ؛ صفحة 351 .