بقلم- جرجس بشرى
أثار ترشح "عمر سليمان"- النائب السابق للرئيس المخلوع "حسني مبارك" ورئيس جهاز المخابرات المصرية- لرئاسة الجمهورية ردود أفعال متنوعة في الشارع المصري بين مؤيد ومُعارض بشدة لقرار ترشحه لمنصب رئاسة الجمهورية، فالمعارضون لترشح "سليمان" للرئاسة يهاجمونه بشده باعتبار أنه من فلول النظام السابق، وأن ترشحه لرئاسة الجمهورية يُعدُ بمثابة استنساخ لنظام الطاغية "مبارك" وإعادة البلاد لحالة الفساد والاستبداد، وبمعنى أدق إجهاض للثورة المصرية التي قامت على دماء شباب "مصر" التي أُريقت من أجل الحرية والديمقراطية ومدنية الدولة المصرية.

أما المؤيدون لـ"عـمر سليمان" فكانوا يبررون ترشحه للرئاسة  على اعتبار أنه الخيار الوحيد للخلاص من الإخوان والسلفيين، وأنه الوحيد الذي يمتلك القدرة للحفاظ على مدنية الدولة المصرية، ويمتلك من الأدوات السياسية ما يؤهله لإرجاع الإخوان والسلفيين إلى جحورهم، وهناك من يرون في "سليمان" أنه الوحيد على الساحة من بين المتنافسين على منصب الرئاسة القادر على الزج بالإخوان في السجون والمعتقلات.

والحق أقول، إنه لا يوجد من بين المتنافسين على منصب رئاسة الجمهورية حاليًا المؤهل فعليًا للرئاسة سوى "عمر سليمان" والسيد "عمرو موسى" والفريق "أحمد شفيق" رئيس الوزراء الأسبق، أما باقي المرشحين فللأسف الشديد هم في رأيي غير مؤهلين لحكم "مصر" في هذه المرحلة المفصلية من تاريخها! فلا مرشَّح إخواني ولا سلفي ولا أي مرشح آخر على الإطلاق يعتبر مؤهلاً لقيادة "مصر" في ظل مرحلة الاستهداف التي تمر بها حاليًا، وفي ظل حالة التأهب القصوى من قبل التيارات الدينية المتأسلمة التي تتحين الفرص للإنقضاض على هوية "مصر" وتعدديتها الدينية والثقافية والحضارية، ولم ولن أكون مُبالغًا إذا قلت إن "عمر سليمان" هو المرشّح الوحيد الذي يمتلك أدواته السياسية والتكتيكية لقيادة "مصر" في هذه المرحلة، فهو الشخص الوحيد على الإطلاق الذي يمتلك القدرة السياسة التي تؤهله لإدارة حالة الخلاف والاختلاف التي تموج بها الساحة على المستوى المصري والعربي والإقليمي والعالمي، بما يمتلكه من خبرات سياسية تراكمية يمتلكها وحده دون سائر المرشحين! كما أنه الوحيد الذي يجيد التعامل سياسيًا مع الفرقاء على الصعيد الداخلي والعربي والدولي، ويمتلك الحنكة السياسية دون غيره من الأسماء المطروحة للرئاسة، وبما يتوافر لديه من معلومات سرية من خلال خبراته السابقة لإدارة الصراع والتفاوض بشكل يجنب "مصر" مزيدًا من المواجهات على المستويين العربي والإقليمي، خاصةً فيما يتعلق بملفات حيوية مصرية تتعلق بأمن "مصر" وسيادتها، مثل ملف حوض النيل، والعلاقة بين الفرقاء من المصريين والفلسطينيين والمفاوض الإسرائيلي التي يؤثر على سيادة "مصر" ووحدتها..

كما أن خبرة "عمر سليمان" السابقة في تاريخ جماعة الإخوان المسلمين وتنظيمهم السري والدولي تعتبر مساحة ملغومة ولا يمتلك أحد من المرشحين المعلومات الكافية بشأنها سوى "عمر سليمان"، انطلاقًا من منصبه السابق في المخابرات في هذا الشأن؛ فهو الرجل الذي يستطيع أن يتخذ قرارات تتعلق بمصير الجماعة بناء على المعلومات الموثقة المتوافرة لديه عن الجماعة، والمزية الأخرى أن "عمر سليمان" يحظى بتأييد دولي واسع، خاصة من القوى الدولية اللاعبة على الساحة كالولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل وغيرها.

أنا شخصيًا لست مع أو ضد "سليمان"، وأعترف أنه من النظام السابق، وأنه من الفلول، ولكنني أراه أفضل المرشحين المطروحين على الساحة من خلال تحليلي السياسي، ولن أكون مبالغًا إذا قلت إنني أعلن تأييدي لـ"سليمان" في حالة وجود البدائل الحالية غير المؤهلة بشكل كامل لإدارة "مصر" في هذه المرحلة، وفي ظل حالة الاستهداف والقوى التي تتربص بـ"مصر" لتغيير الخريطة الجغرافية لمنطقة الشرق الأوسط الكبير.

فأنا عندما أكتب عن "عمر سليمان" أكتب من منطلق الواقع السياسي وأدواته ولا أكتب بدافع العاطفة والنظرة الضيقة للأمور، ولو وجدت مرشحًا مؤهلاً سياسيًا الآن يمتلك أدواته بشكل أفضل من "عمر سليمان" سأرشحه على الفور.