هاني صبري - المحامي
أثار ما قاله أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، حالة من الغضب والإستنكار عند الكثير من المصريين، مما دفع بعض المواقع الإخبارية إلي حذفها ، والبعض يري الفتوي من وجهة نظرهم فيها نوع من التمييز والفرز المجتمعي بين المصريين، حيث جاءت الفتوي في وسط ظروف صعبة تمر بها البلاد والعالم بأسره.
وقد جاءت الفتوي ردًا على سؤال: ما حكم إخراج الزكاة للمحتاجين من غير المسلمين؟ وكان الرد أنه لا يجوز إعطاء الزكاة لغير المسلمين وأن من شروط إخراج الزكاة، أنها تخرج إلى المسلم، مؤكدًا أن صاحب المال لو أخرجها لغير المسلم؛ فإن زكاته غير صحيحة.
في تقديري الشخصي كان يجب علي أمين فتوي دار الإفتاء المصرية الإخبار عن حكم المسائل الخلافية بقول واحد منها وهذا لم يحدث منه، حيث إن فتواه قد تضر المجتمع ولها تأثير سلبي علي وحدته واستقراره وسلامته.
فالإنسانية والرحمة والعطاء للفقراء والمساكين لا تحتاج إلى فرز أو تمييز بين الناس.
أن حكم دفع الزكاة لغير المسلمين وردت في سورة التوبة ( ٦٠) في قوله تعالي « إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ «.
وهناك ثمانية أصنافٍ من الناس يجوز أن تُدفع لهم الزكاة وردت في هذه الآية.
وقد اختلف العلماء في حكم دفع الزكاة لغير المسلمين من الفقراء والمساكين والغارمين وأبن السبيل ، وذلك على قولين :
القول الأول: الرأي الراجح عند جمهور العلماء من فقهاء المذاهب المعتمدة وبالإجماع عدم جواز إعطاء الزكاة لغير المُسلمين، ودليلهم حديث معاذ ابن جبل.
اما عن القول الثاني: يجيز دفع الزكاة الواجبة لمستحقيها من غير المسلمين ، ويقول السرخسي من علماء الحنفية في كتاب المبسوط: إن زفر صاحب أبي حنيفة يجيز إعطاء الزكاة لغير المسلم المحتاج، وهو قول الخليفة عمر بن الخطاب وقول محمد بن سيرين والزهري وجابر بن زيد وعكرمة من التابعين.
أن لفظ الفقراء والمساكين قد ورد في الآية بشكل عام ومن ثم استحقاق الزكاة لجميع المحتاجين.
ويرى البعض أن التوفيق بين حديث معاذ وبين ما ذهب إليه زفر من الحنفية ممكن، فالزكاة في الأصل لفقراء المسلمين، ولكن لا مانع من إعطاء الفقراء المحتاجين من غير المسلمين من الزكاة.
للأسف الشديد هناك تضارب في إصدار الفتوي في هذا الشأن حيث أصدر أمين الفتوي بدار الإفتاء المصرية بعدم جواز الزكاة لغير المسلمين، وقد صدر عن فضيلة الاستاذ الدكتور / شوقي علام مفتي الديار المصرية في العام الماضي فتوي بمشروعية علاج المسيحي وإجراء عملية له من أموال الزكاة، وأن ما ذهب إليه فضيلته يتفق مع الإنسانية والرحمة والعطاء للفقراء والمساكين، والتكاتف والتراحم بين أبناء الوطن الواحد بدون تمييز.
لذلك نطالب دار الإفتاء المصرية توحيد الفتوي في هذا الشأن وأن تكون الفتوي التي تمس المجتمع ككل يتم مراجعتها من فضيلة مفتي الديار المصرية، لسد الطريق علي أعداء الوطن في الداخل والخارج الذين يحاولوا إستغلال أي شئ لإثارة الخلاف بين أبناء الوطن، حفظ الله مصر وشعبها العظيم من كل سوء.