الأب رفيق جريش
ونحن على مشارف تخفيف الحظر بمناسبة وباء كورونا، علينا أن نستفيد بما هو إيجابى فيه، فالآن نستطيع أن نرى السماء أكثر صفاءً صباحاً ونرى النجوم أكثر وضوحاً في المساء بعد أن خفت أشعتها بسبب التلوث، كما أصبحنا نسمع تغريد العصافير في الفجر بعد أن هاجرت مدننا، وأما البحر فرجعت إليه زرقويته الصافية، وإن نسب التلوث العالية التي كانت تتعرض لها مصر بسبب أطنان الملوثات التي كانت تنفثها وسائل النقل العام والخاص والمصانع من الممكن أن تعود مجددا إذا ما تم إلغاء القيود المفروضة على حركة المواطنين وعادت حركة المرور إلى معدلاتها الطبيعية، هذا الحظر أدى إلى تراجع نسب التلوث، إلى جانب غلق المقاهى والكافيتريات التي كانت تقدم الشيشة وتتيح عادة التدخين بشراهة أمام المواطنين، وهى من الأسباب الرئيسية للأمراض الصدرية والتنفسية في البلاد وأظهرت مشكلة البطالة، فإذا كان الحظر له فائدة لتتنفس الطبيعة من جديد فلماذا لا؟.
إن تحديد مواعيد غلق المحال الساعة الثامنة مساءً، أما المطاعم والكافيهات ففى الثانية عشرة مساء كحد أقصى هي الأنسب، وإلزام عقوبات للمخالفين، وهو المتعارف عليه عالميا ومعمول به في دول كثيرة، ولا أحد يعترض على ذلك. هذا القرار سيساهم في تنظيم الشارع المصرى والتخلص من الفوضى والضجيج طوال الليل دون مراعاة لحقوق المرضى والطلبة والسكان في الراحة والهدوء وأيضاً لتخفيف الزحام، وفى نفس الوقت الاستفادة من الأزمة الراهنة.
لماذا لا نستفيد من درس الحظر الذي نحن بصدده في الوقت الحالى في نواحى حياتنا المختلفة؟، فالشباب طوال الليل والنهار في الشوارع وعلى الكافيهات، فأين الوقت ليبحث الشباب عن هواياته وعائلته وحياته.
ففى سبعينيات القرن الماضى في عهد الرئيس السادات صدر قرار مشابه بغلق المحال والمقاهى الساعة التاسعة مساء، وبعد فترة تم التراخى عن تنفيذ الفكرة، واستمر فتح المحال حتى ساعات متأخرة من الليل، وعادت ريمة لعادتها القديمة كما يقولون.
وفى النصف الثانى من عام 2010 تجددت الفكرة عبر عباءة الاتحاد العام للغرف التجارية، ولم يكن هدفها حينئذ ترشيد استهلاك الطاقة، ولكن لتنظيم الشارع التجارى المصرى بعد أن أصابته الفوضى، ولكن تم حفظ المشروع في أدراج الحكومة السابقة، وكانت الخطة تتضمن العمل به في يناير 2011.
لابد من تحقيق العدالة الاجتماعية فيما يطبق على المحال الصغرى يطبق على أكبر المولات ولا يتم تمييز لمكان عن آخر، ومنع تجار الأرصفة في نفس سياق القرار، وأن يتم اتخاذ قرارات صارمة وإجراءات حازمة ضد من يخالف، ومنها إلزامه بدفع غرامة مالية كبيرة للمخالفة.
غلق المحال مبكرا يحل أزمة المرور والاختناقات، يتيح فرصة للتنطيف والقضاء على المشاجرات والبلطجة وضبط الأمن، فضلاً عن القضاء على الاقتصاد الموازى وضمه آجلا أو عاجلاً إلى الاقتصاد الرسمى وهذا يفيد الاقتصاد القومى.
قبل تخفيف الحظر لابد من غرس الثقافة الصحية للمواطن المصرى العادى، خاصة البسطاء والعمال وعمال اليومية وجامعى القمامة الذين لا يعرفون كيف يستعملون أدوات الوقاية والنظافة الشخصية، علينا رفع الوعى الصحى سريعاً، خاصة عن طريق الإرشادات الخاصة ووسائل الإعلام، لتكون الثقافة الصحية هي أسلوب حياة المواطن المصرى العادى.. هذه المسؤولية لا تقع على الجهات المختصه فقط، وإنّما تقع مسؤولية الصحة على الفرد أيضاً، فالصّحة مسؤولية فردية قبل أن تكون مسؤولية جماعية؛ ممّا يعنى أنّ الفرد مسؤول عن صحته في المقام الأول. فصحتك وصحة مجتمعك مسؤوليتك.
نقلا عن المصرى اليوم