الأقباط متحدون | مزاعم حول البرنامج النووي المصري (1/5)
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٣:٣٧ | الاربعاء ١٨ ابريل ٢٠١٢ | ١٠برموده ١٧٢٨ ش | العدد ٢٧٣٤ السنة السابعة
الأرشيف
شريط الأخبار

مزاعم حول البرنامج النووي المصري (1/5)

الاربعاء ١٨ ابريل ٢٠١٢ - ١٤: ٠٢ م +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم: محمد منير مجاهد 
أدركت مصر مبكرا الدور الذي يمكن أن تلعبه الطاقة النووية في حل مشكلتين هامتين من المشاكل التي تواجه الجنس البشري، وهما توفير الطاقة الكهربية والماء العذب، وشرعت منذ الستينيات من القرن الماضي في إنشاء أول محطة نووية لتوليد الكهرباء وتحلية مياه البحر، وقد تصدت إسرائيل للبرنامج النووي المصري منذ بداياته بكل الوسائل بما فيها العدوان العسكري عام 1967 الذي كان من أهم أهدافه إيقاف البرنامج النووي وغيره من البرامج المتقدمة، ففي الضوء العقيدة النووية الإسرائيلية بأنه "توجد طاقة نووية واحدة لا اثنتين" فإن أحد المحاور الإستراتيجية الإسرائيلية هو منع أي دولة في الشرق الأوسط – خاصة مصر – من تنمية قدراتها النووية السلمية، وفي هذا الإطار وطبقا لما أعلنه أمنون شاحاك رئيس الأركان الإسرائيلي الأسبق "كل الوسائل مقبولة لحرمان الدول العربية من القدرات النووية". 
 
لتحقيق هدف حرمان مصر من تنمية قدراتها النووية السلمية تتحرك إسرائيل على المستوى الدولي (الخارجي) وعلى المحلي (الداخلي)، ويمكن أن نلاحظ على المستوى الخارجي نمط متكرر تمارسه إسرائيل كلما أبدت مصر الرسمية أو الشعبية اهتماما باستئناف برنامج المحطات النووية لتوليد الكهرباء وتحلية مياه البحر المجمد منذ عام 1986 يتمثل في حملة تشويه شرسة تحركها مزاعم صهيونية- أمريكية بسعي مصر لتطوير سلاح نووي، أو أن البرنامج السلمي المعلن ما هو إلا غطاء لبرنامج عسكري، وهو ما فندناه في عدة مقالات منشورة في الصحف منذ عام 1998، ومنها مقال "الحملة الإسرائيلية – الأمريكية على البرنامج النووي المصري" الذي نشرته جريدة "المصري اليوم" في 28 يناير 2005 قبل التفكير في استئناف البرنامج بأكثر من عام ونصف.
 
وفي هذا الإطار نشرت جريدة الوفد (2/9/2010) ما يلي: "أصدرت منظمة السلام الأخضر الإسرائيلية بيانًا أدانت فيه بشدة إقدام مصر علي بناء مفاعل نووي لتوليد الطاقة الكهربائية بمنطقة الضبعة علي ساحل البحر المتوسط‮، ‬وأذاعت القناة السابعة بالتليفزيون الإسرائيلي بيان المنظمة وأوضحت أنها تعمل ضد بناء أي مفاعلات نووية في العالم،‮ ‬وتعتزم التحرك ضد مصر،‮ ‬وكانت منظمة‮ «‬الحفاظ علي البحر المتوسط‮» ‬وهي أحد فروع المنظمة قد عارضت بشدة قرار الحكومة المصرية ببناء محطة للطاقة النووية علي ساحل البحر المتوسط،‮ ‬وأكد التليفزيون الإسرائيلي أن المعارضين لتطوير الطاقة النووية يعتبرونها أمرًا خطيرًا ومكلفًا،‮ ‬كما يعتبرون أن بناء أي مفاعل نووي يعتبر تهديدًا خطيرًا للمنطقة وتهديدًا مباشرًا لأمن إسرائيل‮.‬ وطالب البيان بإحباط أي مبادرة لتطوير الطاقة النووية لخطورتها علي البيئة،‮ ‬واعتبرت المنظمة أن البرنامج النووي المصري الوليد يشكل خطرًا داهًمًا علي إسرائيل والمنطقة،‮ ‬ويسبب أضرارًا خطيرة بالبيئة وشككوا في أن يكون البرنامج النووي المصري سلميًا".
 
على المستوى الداخلي تتحرك إسرائيل معتمدة على شبكة من المصالح المباشرة وغير المباشرة من مافيا الأراضي، وكتاب مرتبطين بمصالح خليجية، وما يسمون بالخضر والمعنيين بالبيئة، للهجوم على البرنامج النووي المصري على ثلاث محاور رئيسية هي: 
1) الهجوم على الطاقة النووية والزعم بأنها ملوثة للبيئة وأن دول العالم تتراجع عن استخدامها، وإثارة المخاوف من وقوع حوادث نووية والزعم باستحالة التشغيل الآمن المحطات النووية، ومن إمكانية التخلص الآمن من النفايات النووية، والزعم بوجود مخاطر من التعرض الطويل للإشعاع منخفض الشدة، والتشكيك في اقتصادياتها ... الخ.
2) التشكيك في صلاحية موقع الضبعة لإنشاء محطات نووية رغم الدراسات المستفيضة التي أجريت عليه من أواخر السبعينيات، بزعم أن أي تسرب في المحطة النووية سيؤدي إلى فناء مصر كلها، أو أن التربة غير مناسبة، وأنه من الأفضل نقل المشروع النووي إلى مكان آخر على ساحل البحر الأحمر (النشط زلزاليا) أو شرق العريش (منزوعة السلاح)!!
3) التشكيك في نزاهة وأمانة العاملين في الهيئات النووية باتهامهم بالعمالة للشركات المنتجة للمحطات النووية دفاعا عن مكتسبات مادية، أو بالتربح بالاستيلاء على أراضي البدو الذين كانوا مقيمين في موقع المشروع بالضبعة وبيع منتجاتها لحسابهم الشخصي، أو إقامة منتجعات فاخرة بالموقع كمصايف لكبار العاملين بوزارة الكهرباء ... الخ.
 
الهدف باختصار هو التشكيك في الاختيار الذي اتجهت إليه مصر منذ الستينيات، وإثارة الشك في سلامة اختيار الموقع، وتشكيك المصريين في أنفسهم وفي قدرتهم على إنشاء وتشغيل وصيانة وتكهين المحطات النووية فهاهم أبناءه الذين كانوا رأس حربة في الوقوف أمام مافيا الأراضي منذ عام 2004، ليسوا إلا أناس عديمي النزاهة، وفي نفوسهم غرض، ويروجون لمنتجات الشركات المنتجة للمحطات النووية لأنهم عملاء لها، وأنهم يدعون الوطنية لكسب الأنصار ... الخ. وهو الأمر الذي يستوجب الرد عليه وتفنيده ليس فقط دفاعا عن البرنامج النووي المصري وعن حق المصريين في امتلاك مستقبلهم، وإنما أيضا لتأكيد ثقة المصريين في أنفسهم وفي قدراتهم.
 
يعتمد المشككون في الطاقة النووية – رغم تاريخها الطويل في التشغيل الآمن منذ عام 1954 – على المخاوف الناتجة عن الآثار والعواقب المروعة للقنبلتين الذريتين اللتين ألقيتا على مدينتي هيروشيما ونجازاكي باليابان خلال الحرب العالمية الثانية، والاعتقاد الخاطئ بعدم اكتمال نضج الطاقة النووية حتى الآن، والمخاوف من تكرار حوادث كتلك التي وقعت فى جزيرة ثري مايلز أيلاند بالولايات المتحدة الأمريكية عام 1979، وفي تشرنوبيل في أوكرانيا بالاتحاد السوفيتي "سابقا" عام 1986، ومؤخرا في فوكوشيما باليابان عام 2011.
 
وحقيقة حادثة ثري مايلز أيلاند هي وقوع خطأ ميكانيكي بأحد الصمامات تلاه خطأ بشرى ساهم فى نقص مياه التبريد، وهو ما أدى لانصهار قلب المفاعل، ولم ينتج عن الحادث أي وفيات أو إصابات، كما تم احتواء كل المواد المشعة المتسربة بمبنى الاحتواء وعدم تسربها خارج المحطة، ومن ثم لم يتم تهجير أي من السكان الملاصقين للمحطة النووية.
 
أما بالنسبة لحادثة تشيرنوبيل فطبقا لتقرير (Chernobyl’s Legacy: Health Environmental and Socio-Economic Impacts) الذي يتضمن نتائج دراسة أجراها 100 عالم متخصص برعاية الأمم المتحدة وصدر بمناسبة مرور 20 عاما على كارثة تشيرنوبيل فإن عدد الوفيات الناجمة عن الكارثة حتى منتصف عام 2005 تقل عن 50 حالة وفاة وكل هذه الحالات تقريبا هي لعمال الإنقاذ الذين تعرضوا بشكل مكثف للإشعاع وماتوا في غضون شهور من الحادثة، وحتى تاريخ صدور هذا التقرير تم رصد 4000 حالة إصابة بسرطان الغدة الدرقية ومعظمهم من الأطفال، تم شفائهم جميعا باستثناء تسع حالات وفاة، ومن الجدير بالذكر أن محطة تشيرنوبيل كانت تتكون من أربعة مفاعلات وقعت الحادثة في أحدهم فقط وتم إغلاقه عام 1986 أما بقية المفاعلات فقد ظلت طواقم التشغيل تديرهم حتى تم إغلاق آخرهم عام 2000 أي لمدة 14 سنة بعد الحادثة.
 
أما عن فوكوشيما، فقد تعرضت اليابان في الحادي عشر من مارس 2011 لكارثة طبيعية مروعة حيث ضرب زلزال بقوة 8.9 على مقياس ريختر (تعادل 1000 مرة زلزال 1992 في مصر) شرق اليابان – (وهي قوة تتجاوز أسس تصميم مفاعل محطة فوكوشيما-1)، ونتج عنه موجات عاتية من المد الزلزالي المعروفة باسم "تسونامي"، وقد أدى الزلزال والتسونامي إلى مصرع نحو عشرة آلاف شخص وفقدان ما يقرب من عشرين ألف شخص، ومسحت من على وجه الأرض مدن بأكملها بها آلاف المنازل، كما أدت الكارثة أيضا إلى وقوع حادثة في محطة فوكوشيما-1 النووية والتي تضم ستة مفاعلات نووية قدرتها الإجمالية 4700 ميجاوات وتعد واحدة من أكبر 15 محطة نووية في العالم، ورغم أن الحادثة النووية لم ينتج عنها أي وفيات فقد سارع أعداء البرنامج النووي المصري لتسليط الضوء عليها والمبالغة في آثارها متجاهلين الكارثة الإنسانية المروعة الناجمة عن الزلزال والتسونامي، أما هذه الحادثة التي أصابت أربعة من مفاعلات المحطة الستة فقد واجهها مشغلو محطة فوكوشيما ببسالة نادرة حيث ظلوا موجودين في أماكنهم داخل المحطة النووية ولا يغادرونها إلا لفترة مؤقتة حينما ترتفع حدة الإشعاع في المحطة ويعودون بعد أن تنخفض حتى سيطروا تماما على الحادثة في المفاعلات الأربعة وأعلن رسميا في 16 ديسمبر 2011 أن المفاعلات قد وصلت لحالة الإيقاف البارد الآمن.
 
لا أجد ما ألخص به دور الطاقة النووية في إنقاذ عالمنا المضطرب سوى كلمات باتريك مور أحد مؤسسي منظمة السلام الأخضر المعنية بشئون البيئة في مقال له بجريدة واشنطن بوست بتاريخ 16 إبريل 2006 حيث يقول "في أوائل السبعينيات حينما شاركت في تأسيس منظمة السلام الأخضر كنت أعتقد أن الطاقة النووية مرادف للمحرقة النووية ... ولكن بعد 30 سنة فقد تغيرت رؤيتي ... فالطاقة النووية قد تكون مصدر الطاقة القادر على إنقاذ كوكبنا من كارثة أخرى محتملة وهي تغير المناخ".




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تقييم الموضوع :