Henri Hyvernat
( 1858- 1941 )
إعداد / ماجد كامل
يمثل عالم اللغة القبطية الفرنسي الأصل الامريكي الاقامة هنري هيفرنات ( 1858- 1941 ) Henri Hyvernat أهمية كبيرة في تاريخ الدراسات القبطية بصفةعامة ؛واللغة القبطية منها بصفة خاصة ؛ فهو صاحب اكتشافات مخطوطات دير الحامولي بالفيوم كما سنري في هذا المقال . أما عن هنري هيفرنات نفسه ؛ فأسمه بالكامل هنري اكسافير لويس هيفرنات Henri Xavier Louis Hyvernat ؛ولد في 30 يونية 1858 بأحدي المدن الفرنسيبة ؛ وكان والده يعمل محررا في جريدة ليون Gazette de Lyon . ولقد تدرج في مراحل التعليم المختلفة حيث درس اولا في جامعة ليون University of Lyons ؛ وفي خلال الفترة من ( 1882- 1885 ) درس اللاهوت في الجامعة البابوية بروما Pontifical University in Rome . وفي عام1897 ؛عين كاول أستاذ ومدير مؤسس لقسم الدراسات الشرقية بالجامعة الكاثولوكية بواشنطن the first professor and founding director of the department of Oriental studies at the Catholic University of America in Washington ؛ ومن خلال تخصصه العلمي أصبح مهتما بآثار العصور الوسطي والتاريخ الحديث للمسيحية الشرقية medival and early modern history of the Christian Orient . ولقد ركز هنري هيفرانات في أبحاثه علي تراث المسيحية الشرقية .
ومن أهم انجازات هيفرنات أكتشافه للمكتبة القبطية بدير الملاك ميخائيل الحامولي بالفيوم Coptic library of ancient in the monastery of ST Michael al –Hamuli . ( لنا عودة إلي محتويات هذه المكتبة بشيء من التفصيل بعد الانتهاء من سرد قصة حياته ) .
ولقد أستمر هيفرنات حوالي 30 عاما في دراسة وفهرسة محتويات هذه المكتبة over 30 years studying and cataloging the Coptic library ولقد أستمر هيفرنات في العمل والكتابة والأنتاج حتي توفي في 30 مايو 1941 عن عمر يناهز 83 عاما قضاها كلها في العلم والبحث والدراسة . ولقد اثري المكتبة التاريخية والأثرية بالكتب التالية ( والشكر هنا واجب لأستاذة نرمين نبيل مساعدة أمين مكتبة المعهد الفرنسي للآثار الشرقية لتفضلها بترجمة عناوين الكتب من الفرنسية إلي العربية ) .
1-- البوم علم الكتابات القبطية القديمة للمساعدة علي فهم مقدمة أعمال الشهداء في مصر ؛ باريس 1888 . Album de Paleographie cipte ,pour servir a l introduction of the acts des martyrs de l Egypt ,Leroux ,Paris ,1888
2- أعمال شهداء مصر المأخوذة عن المخطوطات القبطية في الفاتيكان ومن مكتبة متحف بورجيا . تقديم وتعليق هنري ايرفنا .باريس 1886 . Les actes des martyrs de l Egypt tiers of mancurits Copts Vaticne et de la bibliotheque du Musee Borgia ,avec introd rt commrntaires par Henri Hyverant ,Leroux , Paris ,1886
وعودة إلي مكتبة دير الحامولي ؛ فهي تحتوي علي نحو 50 بردية ترجع للقرن التاسع والعاشر 50 manuscripts from 9 th and 10 centuries ؛ وفي عام 1911 أشتري purchasedالمليونير الامريكي جون بربيتون مورجان John Pierpont Morgan هذه المخطوطات ولقد ظل هيفرانت أكتر من 30 عاما في دراسة هذه البرديات ؛وبعد الانتهاء من الدراسة والفهرسة ؛ تم نشرها في 56 مجلد و30 جزء بروما وذلك خلال عام 1922 56 volumes in 63 parts (Rome ,1922)
وعن أهمية مخطوطات الحامولي يذكر لنا جناب الأب الورع "القس شنودة ماهر" في كتابه الهام " الأقباط والمكتبات في العصور الفرعونية وما بعدها حتي العصور الوسطي " أنها مكتوبة بالقبطية الصعيدية ؛فيما عدا المجلد التاسع عشر فهو مكتوب باللهجة الفيومية ؛ وهو كتاب عبارة عن تنصيب ميخائيل رئيسا للملائكة .وقد أتضح أن عشرين مجلدا من مخطوطات هذه المكتبة مؤرخ في فترة تقع ما بين 820م و920 م .وهذه المخطوطات غير المؤرخة ليست متأخرة عن تلك الفترة ؛ وإنما علي الأرجح أقدم . ويمكن للدارس التعرف علي محتويات تلك المكتبة من مقال منشور في دائرة المعارف الكاثولوكية ؛ومن الطبعة المصورة التي أصدرها هيفرنات لتلك المخطوطات ..... وتتضمن هذه المكتبة بالاضافة إلي مخطوطات الكتاب المقدس بعهديه ؛ مخطوطات لفصول القراءات ؛وعظات وتفاسير ؛ ودفنار ...... الخ والعظات وهي من أقوال آباء بطاركة الإسكندرية ( وقد ذكر منهمالبابا بطرس خاتم الشهداء ؛القديس أثناسيوس الرسولي ؛ القديس تيموثاو
س ؛ القديس ثاؤفيلس ؛ القديس كيرلس الكبير ؛ البابا ديسقوروس ..... ألخ ) . ومن غير المصريين ذكر ( كيرلس الأورشليمي ؛ يوحنا ذهبي الفم ؛ ساويرس الأنطاكي ؛ القديس باسيليوس الكبير ) . ومن سير الشهداء وعذابتهم ذكر ( الشهيد قلتة ؛ قزمان ودميان ؛ مرقريوس أبو سيفين ؛ تادرس المشرقي ؛ معجزات مارمينا .... ألخ ). ومن الرهبان والنساك ذكر ( الانبا انطونيوس ؛ مكسيموس ودوماديوس ؛ القديس أبو نوفر ؛ صموئيل المعترف ..... ألخ ) . (لمزيد من التفاصيل راجع :- المرجع السابق ذكره ؛ الصفحات 119 ؛120 ) .
كما يذكر لنا "الدكتور ابراهيم ساويرس" مدرس الأدب القبطي بجامعة سوهاج عن هذه المخطوطات في دراسة هامة له نشرت في مجلة الكرازة بتاريخ 27 نوفمبر 2015 ؛ أنه في آواخر عام 1910 أكتشف عدد من الفلاحين سكان المنطقة مجموعة من الأوراق ؛ وعن طريق أحد تجار الآثار ؛توصل الفلاحون الي إميل شاسيناه ( 1868- 1948 ) مدير المعهد الفرنسي للآثار الشرقية ؛ الذي أقنعهم بضرورة بيع المكتشف بالكامل ؛ وبالفعل وبفضل جهود شاسيناه طارت المخطوطات إلي باريس ووصلت حيث قام البروفيسر هنري هيفرنات رئيس قسم اللغات الشرقية بالجامعة الكاثولوكية بأمريكا ؛ الذي سرعان ما أكتشف قيمتها ؛ فقام بإقناع المليونير الأمريكي بيير بونت مورجان بشراءها مهما كان الثمن ؛ وبعد انتهاء عملية الشراء ؛ تم إرسال هذه المخطوطات إلي مكتبة الفاتيكان لإجراء الترميمات اللازمة للمخطوطات ؛ وبالفعل وصلت المخطوطات إلي مكتبة الفاتيكان خلال عام 1912 ؛ وكان يعمل نائبا لمدير المكتبة وقتها المونسينور " أكليللي راتي" ؛ والذي صار فيما بعد البابا بيوس الحادي عشر بابا الكنيسة الكاثولوكية رقم 258 خلال الفترة من ( 1922- 1939 ) .
والذي كان له فضل كبير في القيام بعملية الترميم علي أكمل وجه ؛ ثم قام قريق البحث بعرضها علي خبراء المتحف البريطاني في الترميم من أجل ضمان دقة الترميم ؛ وبعدها عادت المخطوطات لتستقر حتي يومنا هذا في مكبة بيير مونت مورجان ولقد بلغت من قيمة هذه المخطوطات أن قال عنها العالم الكبير "والتر كرام" ( 1865 – 1944 ) أنها أهم مجموعة قبطية أكتشفت علي الأطلاق .أما هيفرنات نفسه فقال عنها " إن لأمريكا أن تتفاخر باقتنائها هذا الكنز ؛ وأن بلده لم تعد تحسد أوربا علي شيء بعد امتلاكها مخطوطات الحامولي " ( لمزيد من التفصيل الرجوع إلي المقال المذكور بمجلة الكرازة ) .
كما كتبت عنها المؤرخة الكنسية الكبيرة "إيريس حبيب المصري" (1910- 1994 ) في موسوعتها الرائدة "قصة الكنيسة القبطية ؛ الجزء الخامس حيث قالت " توجد مخطوطات باللغة القبطية عثر عليها بمكتبة دير الحامولي مجموعة معا داخل غلاف سميك ؛والغلاف في حجم الأطلس ؛ويتضمن أربعا وعشرين مخطوطة ؛وقد نقلت إلي باريس عام 1911 . وسوف نعرض نماذج منها علي سبيل العينة فقط :-
1- سفر العدد من القرن الثامن الميلادي باللهجة الصعيدية .
2- سفر الملوك من القرن التاسع بنفس اللهجة .
3- مخطوطة من القرن السادس تتضمن جزء من انجيل متي .
4- مخطوطة من القرن التاسع تتضمن جزء من رسالة رومية .
5- مخطوطة من القرن التاسع تتضمن الرسالة الثانية للقديس يوحنا الحبيب .
6- مخطوطة من القرن التسع تتضمن صفحة من صلوات القداس الإلهي .
7- أيقونة من القرن التاسع تصور لنا السيدة العذراء وهي جالسة علي كرسي ؛ ويجلس علي ركبتيها السيد المسيح ( أنظر صورة الأيقونة في الصور الملحقة بالمقالة ) .
8- مخطوطة من القرن التاسع تتضمن صفحة من السنكسار .
وتذكر لنا المؤرخة الكبيرة سر تعلق العلماء الاجانب بمثل هذا النوع من المخطوطات ودراستها وصيانتها بهذا الشكل ؛ ولكن يزول العجب عندما نقرأ هذا التعليق لأحد رجال الدين الأنجليز حيث قال " إن الشعوب كلما ازدادت تشبعا بالمسيحية ازداد وجودها القومي رسوخا وتضمنت قوتها كشعب له كيان وطني ؛ لان الحقائق المسيحية ليست مذاهب عقيمة ؛ ولا هي عاديات تتزين بها المتاحف الكنسية ؛إنما هي الجذور التي تغذي الحياة الروحية وهي بالتالي تمنح العصارة للوجود القومي " ( لمزيد من التفصيل راجع الكتاب المذكور :- الصفحات من 175 – 178 ) .
ومن الأدلة الدامغة علي تعلق العلماء الأجانب بمثل هذا النوع من المخطوطات ودراستها وصيانتها ما كتبته العالمة الفرنسية الشهيرة "آن بدور " في مقالة هامة لها بعنوان " الكتابة واللغة والكتب " وردت في موسوعة "الفن القبطي في مصر. 2000 عام من المسيحية " حيث قالت عن مخطوطات الحاولي " أنها تحوي نصوص توراتية ونصوص حول تاريخ القديسين والمواعظ ...... أما مجموعة المعلومات الخاصة بالتاريخ ومكان النسخ وأسم الناسخ فتقع في آخر الكتاب وهذا يدل علي أن الفيوم كان يضم مراكز نسخ مهمة تزود كذلك الدير الأبيض ..... وأخيرا تطالعنا الزخرفة أيضا علي شكل أفرع نباتية ملونة في الهوامش وحروف مكبرة ومزوقة وطيور ونقشيات في نهاية الفصول مرسومة بالريشة . وفي مخطوطات الفيوم كذلك . جرت العادة أن يبدأ الكتاب برسم صليب كبير وبرسوم تزين الصفحات بكاملها مستوحاة من الرسوم الجدارية التي تمثل رؤساء الملائكة والقديسين ومريم العذراء ؛وترسم عيونهم وفقا للتقليد الخاص بالفن القبطي . أما الجلدات المصنوعة من الجلد فهي مزينة بالصلبان والنجوم ونجميات برسوم علي شكل وريدات وفقا لتقنية الطبع علي البارد " . ( المرجع السابق ذكره ؛ الصفحات 56 و57 ؛ كذلك أيضا الرسم الملحق بالمقالة صفحة 73 ) .
بعض مراجع وأسانيد المقالة :-
1- القمص شنودة ماهر إسحق :- الأقباط والمكتبات في العصور الفرعونية وما بعدها حتي العصور الوسطي ؛ سليلة دراسات في التاريخ المصري والكنسي ؛ المركز الثقافي القبطي الأرثوذكسي ؛2012 .
2- إيريس حبيب المصري ؛ قصة الكنيسة القبطية ؛ الجزء الخامس ؛ نسخة موجودة علي شبكة الأنترنت .
3- الدكتور إبراهيم ساويرس :- مخطوطات الحامولي ؛ مجلة الكرازة ؛ الجمعة 27 نوفمبر 2015 م – 17 هاتور 1732 ش ؛ العددان 47 و48 .
4- الفن القبطي في مصر 2000 من المسيحية ؛ الهيئة المصرية للكتاب ؛2008 .
5- Henri Hyveranat – Wikipedia - موقع علي شبكة الأنترنت .
6- Henri Hyveranat – Wiki data – موقع علي شبكة الانترنت .
7- Henri Hyveranat – Wikimedia - موقع علي شبكة الانترنت .
8- Hyvernat , Henri 1858- 1941 {World cat Identities } – موقع علي شبكة الأنترنت .
9- Fourth Annual Henri Hyvernat lecture- Scientific Research Publishing – موقع علي شبكة الانترنت .
10- شكر خاص للأستاذة نرمين نبيل مساعدة أمين مكتبة المعهد الفرنسي للآثار الشرقية لتفضلها بترجمة عناوين كتب العالم الكبير من الفرنسية إلي العربية .