زهير عزيز دعيم
مشهد مؤثّر ، بشع ، يُثير الغثيان، ويهيِّج الغضب ، ذاك الذي يعود على مسرح الحياة في فترات متقاربة ...
مشهد أغضبني ، فتَّ في عظامي ، أحزنني فصرخت :
رحماكَ ربّي!!!
منظر الشُّرطي الأمريكي الأبيض قبل أيام قليلة وهو يدوس بوحشيّة رقبة مواطن أسمر ولا يتركه إلّا بعد أن تركته روحه.
مهما كانت الاسباب والمُسبّبات – رغم أنّها كانت في هذه الحالة تافهة وأكثر- فمثل هذا التصرّف هو وحشيّ لا يليق بالانسان والانسانيّة ؛ هذه الانسانية الجميلة التي تتبرّأ منه وتنبذه .
نعم وقفت دهِشًا أمام هذا المشهد المؤثّر سلبًا والمستفزّ.
كيف لانسان مهما علا كعبه ومقامه ومركزه أن يدوس رقبة انسان آخَر خلقه الله على صورته ومثاله؟!
يدوس ويدوس ولا يربأ حتى تخرج الروح عنوةً !!
أين المحبّة ؟
أين الرحمة؟
أين الانسانية والأريحية والضّمير ؟
مَنْ علّم هؤلاء البشر !!! أن للون قيمة تزيد عن ذاك أو تقلّ ، وأنّ هذا الجنس من البشر لا يرقى الينا والى أمثالنا ؟.
لا يقتصر الأمر فقط على دوس الرّقاب ، وإنّما يتعدّاه يوميًا في العالم الى سرعة الضغط على الزناد إن كان المخالف أو الانسان المقابل من شعب آخر وقومية أخرى ولون مغاير .
ونروح نتذرّع بذرائع واهية ، باهتة مدّعين أنه الدّفاع عن النفس ، مُبرّرين عملنا بأنّه شرعيّ وأبو الشّرعيّة... كنّا في موقف يهدّد سلامتنا!!! يا سلام ....
والسؤال الذي يطرح نفسه هو :
هل دوْس الرقبة قد يحدث من رجل أبيض لآخر أبيض ، لو عادت نفس الظروف لتكوكب على أرض الواقع ؟
وهل الضغط على الزِّناد بنفس السرعة الى الأقسام العلوية من الاجساد لو كان " المُخالف" أو المغاير من نفس القومية ونفس المقام ؟
لا أظنّ ذلك.
آثمون، خطأة ، مُجرمون ، حريّ بهم أن يعودوا الى ربّ السماء طالبين الغفران ، باكين ونادمين، فالإنسانيّة بهم وبأمثالهم فقدت رونقها ولونها وحسّها .
ستهدأ الامور في الولايات المتحدة وفي أماكن أخرى في العالم ، لتعود لتطفو من جديد بتصرّف عنصريّ آخر يقتنص روح انسان لا لشيء بل لأنه من لون آخر وشعب آخر وأمّة أخرى!!!
كفى عجرفة وتعاليًا وعنصرية... حان الوقت أن نعود الى نبع المحبّة لنستقي من هناك محبّة الآخَرين وننهل التواضع والأثَرَة..
حان الوقت أن ينظر كلّ منّا الى السماء بخجل قائلًا :
" ارحمني اللّهمَّ أنا الخاطِىء "