حمدي رزق
«فَانْظُرُوا كَيْفَ تَسْلُكُونَ بِالتَّدْقِيقِ، لاَ كَجُهَلاَءَ بَلْ كَحُكَمَاءَ». (أف 5: 15-16). سألت عامدا متعمدا عن فتح الكنائس طالما هناك تفكير جدى فى فتح المساجد بإجراءات احترازية كغلق دورات المياه (المَواضِئ/ جمع مِيضَأة) مع علامات استرشادية فى الفرش الجديد، الذى سيوزع على المساجد حذر العدوى، هكذا فهمت من تصريحات المستشار نادر سعد، المتحدث الرسمى باسم مجلس الوزراء.
كَحُكَمَاءَ، قرر أساقفة المجمع المقدس استمرار تعليق الصلوات بالكنائس، حتى السبت ٢٧ يونيو، على أن تنعقد اللجنة الدائمة للمجمع المقدس (أعلى سلطة دينية فى الكنيسة المصرية) مرة أخرى فى هذا التاريخ لدراسة الموقف، وكاستثناء يسمح بإقامة قداس «عيد دخول السيد المسيح أرض مصر» الإثنين، ١ يونيو، بعدد 6 أفراد فقط من الكهنة والشمامسة معًا، وأيضًا قداس «عيد العنصرة» الأحد ٧ يونيو بنفس العدد.
وشملت القرارات الحكيمة استمرار العمل بالقرار الخاص بصلوات الجنازات، والذى يقصر المشاركة فى الصلوات على أسرة المنتقل، ويفضل الصلاة على المنتقل بالمدافن مع تعليق صلوات الثالث وذكرى الأربعين وممارسة المعموديات بالكنائس، بحضور أسرة المعمد فقط، وبالنسبة لصلوات الأكاليل يستمر العمل بالقرار الخاص السابق إصداره.
الحكمة ضالة المؤمن، ومِن معانيها العلمُ والفهم، وأيضًا القصد والاعتدال فى التصرف، قال الله تعالى: «يُؤْتِى الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِى خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ» (البقرة/269).
فَانْظُرُوا.. كَحُكَمَاءَ، رأُس الكنيسة يأخذ بالأسباب، يرعوى لأحكام الجائحة، لا يزايد إيمانيا على إيمان المؤمنين المتضرعين إلى الله أن يرفع البلاء. «وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ.. » ( يونس / ١٠٧ ).
كَحُكَمَاءَ أتمنى على وزير الأوقاف المحترم الدكتور محمد مختار جمعة (وبعد مكالمة هاتفية مقدرة من فضيلته) أن يتروى مليا ويتريث فى قرار فتح المساجد، أقله إلى التاريخ الذى قررته الكنيسة تأسيًا بالحكمة التى حكمت قرار المجمع المقدس، وبعدها يراجع على الأطباء الثقاة (فى لجنة الأزمة) هذا قرار جد خطير يستوجب الاحتراز. أعرف أن الوزير مضغوط والحكومة مضغوطة بأشواق المؤمنين للصلاة الجامعة، وأشواقهم محل احترام، لن نمارى فى شوق وتشوق ضراعة إلى الله.
مجددا، لا مجال للمزايدة على إيمان المؤمنين، ولكن الحكمة تستوجب مراجعة ما تعتزمه الحكومة من فتح فى زمن يستوجب الإغلاق.. باستثناء الأعمال أضرارًا طلبا للرزق، للقوت الضرورى. «وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ» (155/ البقرة).
كَحُكَمَاءَ، ومن حكم ابن عطاء الله: «لا يكُنْ تَأخُّرُ أَمَدِ العَطاء مَعَ الإلْحاحِ فى الدّعَاءِ مُوجبًا ليأسِك، فهو ضَمِنَ لَكَ الإجابَةَ فيما يختارُهُ لكَ لا فيما تختاره لنَفْسكَ وفى الوقْتِ الذى يُريدُ لا فى الوقْت الذى تُريدُ».
نقلا عن المصرى اليوم