سحر الجعارة
لا يستطيع أحد أن يتجاهل الأرقام التى ذكرها الدكتور خالد عبدالغفار، وزير التعليم العالى والبحث العلمى، حول التوقعات الإحصائية لانتشار فيروس كورونا «كوفيد 19 المستجد»، حيث قال إنه (طبقاً للنموذج الافتراضى لتحليل البيانات فإن عدد الحالات التى تسجلها مصر يبلغ 117 ألف حالة، بواقع 6 آلاف حالة يومياً، ولكن ما يتم رصده من الواقع الفعلى أقل من ذلك بخمس مرات، لافتاً إلى أن معدل الوفيات حتى 30 مايو بلغ 3.9%).
وحول طريقة حساب الإصابات والوفيات، أوضح «عبدالغفار» أنّه حال تغير نسب الإصابات يومياً تتغير التوقعات، موضحاً أنّه ليس بالضرورة الأرقام المعلنة فى العالم تكون حقيقية: (بالنسبة للإصابات قلنا نضرب فى 5، وللوفيات نضرب فى 10 وفقاً للنماذج الافتراضية).
هل تبدو الأرقام صادمة؟.. ربما لا بد من صدمة كهربائية ليفيق الشعب الذى يتعامل مع الفيروس باعتباره «أكذوبة»، ومرة أخرى باعتباره قانوناً يفرض غرامة على من لا يرتدى الكمامة، وبالتالى على المواطن التحايل عليه، فنشأت ظاهرة «الكمامة الدوارة» حيث يتبادل المواطنون الكمامات فقط قبيل الأكمنة لتفادى الغرامات.. وهى ظاهرة قاتلة لأننا ننقل العدوى بتعمد ينم عن جهل واستهتار بالقواعد الصحية والقانونية وكأنها «تحدى للقانون» فحسب!.
ما يهمنى فى الأرقام التى أعلنها وزير التعليم العالى هو معدل نمو الفيروس الذى كان يتراوح بين 8 و10٪ ثم انتظم بمتوسط 5٪، وارتفع معدل النمو فى الوقت الحالى إلى 6.5%، وذلك عقب ارتفاع الحالات المصابة عن ألف حالة يومياً.
وأضاف الوزير أنه طبقاً لهذا المعدل لم نصل حتى الآن لحالة انكسار معدل نمو فيروس كورونا أو حتى حالة انخفاض أعداد حالات كورونا المسجلة يومياً.. (ويلزم لدخول حالة الانحسار أن يكون معدل العدوى أقل من 1%).. إذاً على أى أساس يتم عودة الأنشطة الرياضية وفتح المساجد والكنائس والسياحة الداخلية.. أو إجمالاً فتح الأنشطة الاقتصادية لتعود الحياة إلى طبيعتها؟!.
أتصور أن الفترة التى نمر بها حاسمة فى اتخاذ الحكومة لقرار «الفتح التدريجى» أو فرض الحظر الشامل، وإن كان من الواضح أن عملية إعادة الأنشطة الاقتصادية قد بدأت فعلياً بعودة السياحة الداخلية.
ولكن بكل أسف، أعلن اللواء عمرو حنفى، محافظ البحر الأحمر، الأحد الماضى، عن رصد حالة إصابة واحدة إيجابية بفيروس كورونا المستجد «كوفيد 19»، بعد أسبوع من عودة السياحة الداخلية وتشغيل الفنادق حسب الضوابط التى أقرها مجلس الوزراء.
وقال المسئولون بغرفة المنشآت الفندقية بالغردقة إنه تم عزل الحالة المصابة بفيروس كورونا بأحد فنادق الغردقة فى الأدوار المخصصة للعزل داخل الفندق، مع متابعة دورية لباقى النزلاء بالفندق، ضمن اشتراطات حصول أى فندق على شهادة السلامة الصحية أن يخصص مبنى أو أدوار أو جناح لعزل المصابين بالتنسيق مع وزارة الصحة والسكان، مع متابعة يومية لباقى النزلاء.. السؤال المطروح: أى سياحة هذه التى تقضيها فى عزل صحى؟.. والإجابة ليست عندى بالطبع.
لاحظ أيضاً أن عودة الطيران، التى بدأتها بعض شركات السياحة، كما بدأت فى العديد من الدول الأوروبية (التى بدأ انحسار الفيروس فيها)، تتطلب ألا يأتى السائح أو رجل الأعمال ليقضى إجازته فى «الحجر الصحى»، وبالتالى فعلينا أن نستقبل الوافدين دون شروط أو ضوابط صحية وهو أمر مخيف.
وإن كانت الشركة الوطنية للطيران تضررت من توقف حركة الطيران عالمياً فعليها أن تحسب كلفة «الكوادر البشرية» وتعريضها للخطر.
إذا كانت المعادلة هى إما الحفاظ على الاقتصاد أو حماية الأرواح فعلينا أن نراجع ثانية شروط «مناعة القطيع» التى لا تتوافر فى مصر.. وأن نسأل أيضاً إذا كنا بصدد نشاط ليس له عائد مادى مثل فتح «دور العبادة»، فما الضرورة الملحة لفتحها كى تصبح بؤرة لتبادل الفيروس؟!
هل ستفلس المساجد والكنائس أو تنهار الأندية الرياضية اقتصادياً، رغم أن اشتراكاتها وصلت للملايين كما أنها تشترى اللاعب الواحد للفرق الرياضية بملايين الجنيهات؟! وختاماً تبقى إشكالية امتحانات الثانوية العامة تؤرق معظم البيوت المصرية، الدكتور طارق شوقى، وزير التربية والتعليم والتعليم الفنى، قال فى مداخلة هاتفية مع الإعلامى خالد أبوبكر، على قناة ONE، إن «امتحانات الثانوية العامة فى موعدها لمن يريد».. وفى رده على تعليق خالد أبوبكر بأن «التعليم» ستتحمل تبعات تداعيات الامتحانات، قال: «يعنى إيه نتحمل تبعات؟.. لو بهذه الطريقة مفيش مسئول هيشتغل فى الدولة».. إذاً الوزارة ليست مسئولة عن طرق انتقال الطالب إلى لجنته ولا عن احتمالات إصابته.. والامتحانات ستتم بالإجراءات الاحترازية «لمن يريد»!!.
الدولة تراهن فى تخفيف الغلق وإجراءات الحظر على التباعد الاجتماعى والتعقيم ووعى الشعب.. وهو نفس الوعى الذى أنتج لنا ما يسمى بـ«الكمامة الدوارة»!.
نقلا عن الوطن