سليمان شفيق
ردا على الغضب العارم إزاء قضية مقتل جورج فلويد، الذي قضى خلال توقيفه على يد شرطي أبيض في مينيابوليس الأمريكية، أعلنت سلطات المدينة أنها قررت "تفكيك وإعادة بناء" الشرطة في البلاد، بعد أسبوعين على الحادثة التي أدت إلى خروج احتجاجات في جميع أنحاء البلاد وحول العالم.
في مينيابوليس، المدينة الأمريكية التي قضى فيها جورج فلويد خلال توقيفه على يَد شرطي، أعلن أعضاء المجلس البلدي الأحد أنه سيتم "تفكيك" جهاز الشرطة.
وصرحت رئيسة المجلس البلدي ليزا بيندر لشبكة "سي إن إن"، "نحن ملتزمون بتفكيك أجهزة الشرطة كما نعرفها في مدينة مينيابوليس وإعادة بناء نموذج جديد للسلامة العامة يحافظ بالفعل على مجتمعنا آمنا".
الديمقراطيون يتعهدون بإصلاحات
وبعد أيام من الاحتجاجات في الولايات المتحدة، تعهد الديمقراطيّون الأحد بالدفع قدما باتجاه القضاء على العنصرية المتأصلة في صفوف قوات إنفاذ القانون، في مؤشر إلى بداية انتقال معركة التغيير التي انطلقت على خلفيّة قضية الأمريكي من أصول أفريقية جورج فلويد الذي قضى خلال توقيفه على يد شرطي أبيض، من الشوارع إلى أروقة المعترك السياسي.
وبعد يوم جديد من المظاهرات السلمية الحاشدة في مختلف مناطق الولايات المتحدة، أمر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأحد بسحب الحرس الوطني من العاصمة واشنطن، معتبرا أن الوضع أصبح الآن "تحت السيطرة الكاملة".
وتواصلت المظاهرات في مدن أمريكية عدة الأحد، مع تركيز المحتجين على ترجمة غضبهم على خلفية قضية فلويد إلى المطالبة بإصلاح الشرطة وبالعدالة الاجتماعية.
وأفادت صحيفة نيويورك تايمز بأن المرشح الديمقراطي لانتخابات الرئاسة الأمريكيّة جو بايدن سيلتقي الاثنين في هيوستن عائلة فلويد عشية جنازته.
ولا تزال ردود فعل كبار المسؤولين العسكريين المتقاعدين المنددة بمقاربة ترامب الصارمة إزاء الاحتجاجات وسعيه إلى إخمادها، تتفاعل، علما أن هؤلاء يتحاشون عادة انتقاد الرئيس، وهو ما يعكس أزمة تزداد تعقيدا بين البنتاغون والبيت الأبيض.
والأحد، أعلن وزير الخارجية الأمريكي السابق كولن باول، وهو أول أمريكي من أصل أفريقي يتولى حقيبة الخارجية، أنه سيصوّت لبايدن في الانتخابات الرئاسية في نوفمبر ، معتبرا أن ترامب "يحيد" عن الدستور.
وقال باول وهو جمهوري معتدل إن ترامب أضعف موقف الولايات المتحدة في العالم.
"هذه ليست ساحة معركة"
بدورها، صرّحت وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كوندوليزا رايس التي خلفت باول في المنصب في عهد الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش لشبكة "سي بي إس" أنها كانت "بالتأكيد" لتنصح ترامب بالامتناع عن أي زج للجيش في السعي لاحتواء احتجاجات سلمية.
وقالت رايس، وهي أول سيدة أمريكية من أصول أفريقيّة تتولى وزارة الخارجية، "هذه ليست ساحة معركة."
لكن مسؤولي الإدارة الأمريكية دافعوا مجددا عن مقاربة الرئيس في ما يتعلق بالاضطرابات.
وصرح وزير الأمن الداخلي تشاد وولف لشبكة "إيه بي سي" الأمريكية أن واشنطن كانت "مدينة خارج السيطرة".
واعتبر أن خفض العنف هو نتيجة الجهود التي بذلتها الإدارة، نافيا وجود مشكلة عنصرية متأصلة في صفوف الشرطة.
قانون لتفعيل آليات محاسبة الشرطة
وفي حين لم تقترح الإدارة بعد أي تغيير في السياسة ردا على الغضب العارم إزاء قضية فلويد، من المتوقع أن تقدم كتلة الأعضاء السود في الكونغرس الاثنين اقتراح قانون يرمي إلى تفعيل آليات محاسبة الشرطة.
ويهدف مشروع القانون إلى تسهيل مقاضاة عناصر الشرطة على خلفية حوادث مميتة، وحظر أسلوب التوقيف القائم على الخنق الذي أدى إلى موت فلويد وطلب استخدام كاميرات تُثَبّت على زي الشرطيين وإعداد قاعدة بيانات وطنية لتسجيل سوء سلوك الشرطة.
عمل كثير
وتحدثت عضو اللجنة، النائبة عن فلوريدا فال ديمينغز، التي طُرح اسمها نائبة محتملة لبايدن في الحملة الرئاسية، عن تغييرات تعتبرها ضرورية.
وذكرت ديمينغز، وهي قائدة سابقة لشرطة أورلاندو في فلوريدا لشبكة "إيه بي سي" الأمريكية "لدينا عمل كثير، العنصريّة المتأصلة هي الشبح الحاضر دوما."
وتابعت "ما علينا القيام به كأمة هو محاسبة الشرطة، وتوفير الرقابة اللازمة لذلك، النظر في معايير التدريب وفي سياسات استخدام العنف وفي آليات التوظيف وفي التنوع"، وإعداد تشريعات لضمان الإصلاح.
لكن وزير العدل الأمريكي وليام بار قال الأحد إنه يعارض أي خطوة تحدّ من حصانة عناصر الشرطة.
وصرّح بار لشبكة "سي بي إس" الأمريكية "لا أعتقد أن هناك ضرورة لتقليص الحصانة من أجل ملاحقة شرطيين سيئين، لأن هذا الأمر سيؤدي حتما إلى تراجع الشرطة" عن أداء واجبات إنفاذ القانون اللازمة.
واعتبر أن وظيفة الشرطة هي الأصعب في البلاد.
ودافع بار عن عملية إخلاء ساحة لافاييت الواقعة أمام البيت الأبيض بالقوة الاثنين قبيل خروج ترامب سيرا لتفقد كنيسة مجاورة تعرضت لأضرار خلال الاضطرابات، مؤكدا أن محتجين كانوا قد رشقوا حجارة خلال المظاهرة، مناقضا بذلك تقارير كُثُرٍ كانوا حاضرين.
كما نفى تقارير إعلامية أفادت بأنّ الرئيس طلب في لحظة معينة نشر عشرة آلاف جندي في المدن الأمريكية لقمع الاضطرابات.
وقال بار إن "الرئيس لم يطلب أبدا ولم يعتبر أن هناك ضرورة لنشر الجيش النظامي حينها"، مبديا ارتياحه "لتمكننا من تجنب هذا الأمر
ويتهم ديمقراطيّون ترامب بأنه عمق الانقسام بحديثه عن المحتجين، وهو رأي أيدته رايس الجمهورية.
وذكرت أنّ الرئيس "يجب أولا وقبل كل شيء أن يتحدث بلغة الوحدة، لغة التعاطف... للمساعدة في تخطي انقساماتنا وليس تعميقها".