كتب – محرر الاقباط متحدون ر.ص
شارك المطران عطا الله حنا رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس بالقدس، بندوة الكترونية حول التظاهرات التي تجتاح الولايات المتحدة وغيرها من الدول رفضا للمظاهر العنصرية والعنف الممارس بحق شرائح من المجتمع الأمريكي بسبب الاختلافات العرقية ولون البشرة، وقال حنا في كلمته التي وجهها من رحاب مدينة القدس :
بأننا نعرب عن وقوفنا ومؤازرتنا وتضامننا مع كافة المتظاهرين السلميين داخل امريكا وخارجها رفضا لظاهرة العنصرية المقيتة والتي هي ظاهرة خارجة عن السياق الانساني والاخلاقي والحضاري .
من القدس مدينة السلام نخاطبكم ومن فلسطين وطن الامل نبعث لكل واحد منكم برسالة التضامن والتعاطف مع مطالبكم العادلة وانتم تتظاهرون رفضا للعنصرية والعنف بكافة اشكاله والوانه .
نعرب عن استنكارنا ورفضنا لجريمة مقتل جورج فلويد كما ونعرب عن تضامننا ومؤازرتنا مع كل انسان يتعرض للاضطهاد والاستهداف بسبب سياسات التمييز العنصري والاستعباد والاقصاء والثقافة العنصرية المقيتة والتي من واجبنا جميعا ان نواجهها وان نقاومها وان نرفضها بكافة الوسائل السلمية .
من القدس مدينة السلام ومن ارض المحبة والتسامح والتلاقي نعبر مجددا عن ادانتنا لجريمة قتل جورج فلويد هذه الجريمة التي يجب ان تذكر الكثيرين في عالمنا بجرائم مماثلة ومشابهة ترتكب بحقنا كفلسطينيين في ظل سياسات الاحتلال الهمجية .
انه شهيد اخر يضاف الى سلسلة الشهداء الذين قتلوا بدم بارد بسبب انعدام قيم العدالة والمساواة وبسبب وجود ظاهرة التمييز العنصري والتهميش والاحتقار والاضطهاد بحق شرائح في مجتمعاتنا بسبب انتماءها الديني او خلفيتها العرقية او لون بشرتها .
إن ظاهرة التمييز العنصري ليست موجودة فقط في أمريكا بل هي ظاهرة يومية في وطننا فلسطين ولكنها موجودة أيضا في أكثر من مكان في عالمنا .
ان اغتيال جورج فلويد بهذه الطريقة البشعة يعني بالنسبة الينا كفلسطينيين الشيء الكثير ونحن من خلال رسالتنا هذه لا نعرب فقط عن تضامننا واستنكارنا لهذه الجريمة فحسب بل نؤكد ايضا بأن معاناتنا مشتركة في مواجهة قوى الشر والقهر والتمييز العنصري الفاشي الديني والاجتماعي والسياسي والاقتصادي .
ان اغتيال جورج فلويد يجعلنا نشعر بالتأثر والانفعال لا بل ان الكثيرين من ابناءنا انهمرت دموعهم وهم يشاهدون هذا المشهد المروع انطلاقا من روح التضامن والدعم ، وانطلاقا من روح التعاطف والتعاون والاخوة الانسانية فإننا نعرب من رحاب مدينة القدس عن وقوفنا الى جانب كافة القوى المناهضة لثقافة التخلف والتطرف والاضطهاد والتمييز العنصري ايا كان شكلها وايا كان لونها .
ان شعبنا الفلسطيني عاش وما زال يعيش في وطن ينتمي اليه ولكن في ظروف قاسية يفرضها الاحتلال على ابناء شعبنا الفلسطيني .
وما زالت تشهد فلسطين حتى اليوم احداثا تكاد تكون مطابقة ومتشابهة لما حدث عندكم ففي بلادنا يستهدف الفلسطينيون بطريقة وحشية وذنبهم الوحيد انهم فلسطينيون يريدون ان يعيشوا احرارا في وطنهم .
ان دعاة حقوق الانسان في عالمنا دعوا دوما الى ان نتمسك جميعا بالامل والرجاء وان نعمل من اجل مجتمعات خالية من العنصرية والتمييز ولكن جريمة قتل جورج فلويد والجرائم التي ترتكب ايضا بحق شعبنا في فلسطين انما هي تذكير لنا جميعا وفي هذه الاوقات العصيبة بشكل خاص بأن مهمة مواجهة العنصرية والاضطهاد والتضامن معا وسويا ضد قوى الشر والتمييز يجب ان تبقى وان تستمر لا بل ان جهودنا المشتركة يجب ان تتظافر وان تتكاثف وان تتعزز حيثما كنا واينما وجدنا رفضا للعنصرية سواء كانت في امريكا او في فلسطين او في اي مكان في هذا العالم ، فالعنصرية هنا وهنا انما هي وجهان لعملة واحدة .
ان كفاحنا ونضالنا كأبناء للاسرة البشرية الواحدة للتخلص من بغضاء العبودية وتحرير الانسان من الاضطهاد والقهر يجب ان تكون رسالتنا السامية دوما والتي يجب ان ننادي بها في كل حين .
ونحن من مدينة القدس نعبر عن حرصنا الشديد على اهمية التواصل والتضامن ما بين كل المجتمعات المستهدفة والمستباحة بالعنصرية في كل مكان في هذا العالم لكي نسير معا وسويا في طريق الخلاص وتكريس قيم المحبة والاخوة والرحمة والاخوة الانسانية والتي نادى بها السيد المسيح وتلاميذه وقديسيه والانبياء وكل من دافعوا عن هذه القيم في عالمنا.
سنبقى نحلم بعالم تسوده المساواة والمحبة والاخوة الانسانية وجهودنا المشتركة هي التي ستؤدي الى هزيمة وانهيار عقيدة وثقافة الكراهية وعقدة التمييز والاضطهاد حيثما كانت واينما وجدت .
نحن في مدينة القدس نواجه وبشكل يومي سياسات الاحتلال الغاشمة وما اكثر المظالم التي تعرض لها شعبنا الفلسطيني منذ النكبة وحتى اليوم ولذلك فإننا نتمنى بأن تكون هنالك مكانة لفلسطين في خطابكم المناهض للعنصرية لان شعبنا الفلسطيني هو ضحية العنصرية الممارسة بحقه ويجب ان نعمل معا وسويا من اجل تحقيق العدالة والمساواة من اجل هزيمة البغضاء والكراهية والتمييز والاضطهاد .
نعلن عن مشاركتنا الملايين من الناس ومن كل الاطياف والاعراق في المظاهرات السلمية وفي حملات الاحتجاج على مقتل جورج فلويد لاننا من خلال ذلك انما نرفع الصوت عاليا رافضين العنصرية ومؤكدين بأن الحياة الانسانية انما هي امر مقدس لان الله هو الذي خلق الانسان على صورته ومثاله .
ان حياة الانسان مقدسة لان الله هو الذي خلق الانسان واعطاه هبة الحياة وخلقه لكي يكون حرا لا لكي يكون معانيا من الظلم والقمع والاستبداد والعنصرية .
الفلسطينيون يشاطرونكم عشقكم وتشبثكم بمبادىء الحرية والمساواة والعدالة وخروجكم اليوم الى الساحات انما يعتبر انتصارا لقيم من واجبنا جميعا ان ننادي بها ويجب معا وسويا ان نواصل طريق مناهضتنا للعنصرية وتكريس القيم النبيلة للمساواة والمحبة والاخوة والمناداة بقبول الاخر حتى وان اختلف عنا في دينه او في خلفيته الثقافية او العرقية او لون بشرته ، فهذه هي القيم المسيحية ومن يقرأ الانجيل المقدس يكتشف بأن الله محبة والمحبة لا حدود لها وليست مشروطة بانتماء قومي او بانتماء ديني او لون بشرة او تعدد في الثقافات الخ ...
ان قيمنا الروحية وانفتاحنا على الانسانية يتطلب منا رغما عن كل معاناتنا اليومية في القدس وفي فلسطين ان نمد يدنا ونرفع صوتنا معربين عن تضامننا مع كل انسان مضطهد ومظلوم وفي اي مكان في هذا العالم .
الشهيد جورج فلويد هو شهيد الإنسانية ليس في أمريكا لوحدها بل في العالم بأسره ونحن نراه شهيدا فلسطينيا كما هم شهداء فلسطين الذين قتلوا بدم بارد دون اي وازع انساني او اخلاقي وذنبهم الوحيد انهم فلسطينيون صامدون ثابتون في وطنهم .
ومع كل الشهداء ضحايا التمييز والاضطهاد والعنصرية نعلن مجددا من القدس مناهضتنا ورفضنا لكافة مظاهر التمييز والتعسف والاضطهاد ووحشية الانظمة الاستبدادية وسيبقى شهداءنا رموزا للحرية والكفاح من اجل تحقيق العدالة هنا وفي كل مكان .
عاشت وحدتنا الإنسانية في مواجهة العنصرية وعاشت قيم الحرية ورفض التمييز العنصري في اي مكان في هذا العالم وسنبقى جميعا عائلة بشرية واحدة خلقها الله ترفض العنصرية والاستبداد والقهر والظلم في امريكا وفي فلسطين وفي اي مكان في هذا العالم .
لكل المتظاهرين اوجه تحية شعبنا الفلسطيني فألمنا واحد وجرحنا واحد ونزيفنا واحد والعنصرية في كل مكان هي ظاهرة مقيتة ومرفوضة من قبلنا جملة وتفصيلا .