الأنبا إرميا
تحدثنا فى المقالة السابقة عن أحد الجوانب من المعرفة القاتلة التى يسعى لها بعض الناس من أجل انتزاع حق الحياة، بواسطة تقنيات مختبرات الحرب البيولوچية، من تخليق ڤيروسات وبكتيريا قاتلة تُستخدم على نحو غير سليم. أما الجانب الآخر من المعرفة القاتلة، فهو السعى للسيطرة على فكر البشر ومعتقداتهم وانتماءاتهم وسلوكهم، بربطهم بما حولهم من أشياء وبالشبكة الإلكترونية الذكية 5G أو ما بعدها، وذٰلك بزرع شريحة صغيرة جدًّا داخل الجسم البشرىّ هدفها معرفة كل إنسان يعيش على الأرض والتحكم فيه بيسر؛ إذ تصبح هى السبيل الوحيد إلى حصول الإنسان على الخِدمات المجتمعية من صحية وبيعية وشرائية وكل سبل العيش. يجرى ذٰلك عن طريق الهُوية الجديدة التى يُطلق عليها ID2020 التى تُعد مشروعًا عالميًّا يهدُف به البعض إلى أن يصير لكل إنسان يعيش على سطح الأرض رقْم هُوية موحد عالمىّ يمكن به ترقيم جميع أنشطته التى يؤديها فى المجتمع من مال وتعليم وصحة و... إلخ، مع مراقبته ومعرفة موقعه وأفعاله على مدار أربع وعشرين ساعة!!..
يجرى ذٰلك بواسطة شريحة صغيرة جدًّا كحبة الأرز، أو وسم، صُنعت فى ثمانينيات القرن الماضى، وجُربت على الحيوانات، ثم أصدرت منظمة الغذاء والدواء (FDA) تصريحًا بزراعتها فى البشر عام 2004م. تحتوى هٰذه الشريحة كل المعلومات عن الشخص، ثم تُزرع فى يده أو على جبهته؛ وبالفعل قد انتشرت زراعتها فى قرابة عشرة ملايين إنسان. وبهذه الشريحة المزروعة يصير الإنسان مرتبطًا بما حوله من أشياء: الحاسوب، الحيوان، الجماد، وكل شىء فى الجيل الجديد من شبكة المعلومات الدولية المسمى إنترنت الأشياء (IOT) والتى تعنى Internet of Things؛ فلن يحتاج الإنسان بعد إلى بطاقة هُوية، وجواز سفر، وتأشيرة إقامة، وبطاقة صرف أموال، و... إلخ؛ إذ جميع معلوماته الخاصة مسجلة ومعرّفة كتاريخه منذ ولادته حتى لحظته، ويمكن الاطلاع عليها لمن يسعون للسيطرة على البشر أو من يستفيد بها ويوجهها كيفما يشاء خيرًا أم شرًا!!. فقد ذكر بعض المتخصصين أن الشريحة تعمل كذاكرة تحوى بيانات الشخص، وبها هوائى للإرسال والاستقبال، وتحتوى على برامج معقدة تقرأ موجات المخ الكهرومغناطيسية (ELF) (Extremely Low Frequency Electromagnetic Waves) التى يرسلها إلى جميع أعضاء الجسد لتنفيذ أوامره، وهٰكذا تتمكن من تحليل وظائف الجسد وإرسالها إلى مركز التحكم. وتستقبل الشريحة من مركز التحكم موجات (ELF) أقوى، أو تعادل الموجات الصادرة من المخ. وتمكّن الشريحة صاحبها من أن يؤدى عمل جهاز التحكم عن بعد (REMOTE CONTROL) فى أى جهاز فور التفكير به فى المخ؛ فيتمكن من تشغيل السيارة أو التلفاز وغيرهما؛ وهٰكذا يفقد إنسانيته صائرًا كإنسان آلىّ (ROBOT). ولرفض كثيرين زرع الشريحة الإلكترونية، قُدمت خُطة بديلة Plan لإقناع البشر بأهمية الشريحة وفوائدها؛ حيث يمكن علاج بعض الأمراض بما يُرسل إلى الشريحة من إشارات، تُرسلها بدورها إلى المخ لتنشيط العضو المريض بالجسم أو متابعة الأمراض. لٰكن على الرغم من هٰذه الفائدة، فإنه يمكن لهٰذه الشريحة أيضًا قتل الإنسان ونزع الحياة منه والتخلص منه فى ثوانٍ عن طريق إيقاف وظائف المخ والأعضاء الحيوية؛ وبذلك إنهاء حق الحياة لمن يريدها.!!
ومن مساوئ الشريحة أيضًا، التحكم فى أعصاب الإنسان وردود أفعاله، بإرسال إشارات إلى المخ تَحفِزه على القيام بأعمال لا إرادية دون وعى!! ويصبح الإنسان غير قادر على التحكم فى إرادته، ويفقد حريته، صائرًا عبدًا لما يُرسل إليه من أوامر. كذٰلك بواسطة إرسال موجات لا تلتقطها الأذن، لكن بعض المجسات الخاصة فى الجسم، يمكن إرسال رسائل ضمنية مشجعة أو مثبطة للإنسان، فتؤثر بدرجة كبيرة فى حالته المزاجية سلبًا أو إيجابًا؛ وبذٰلك يصير الإنسان فاقدًا لحريته التى خلقها الله عليها. ويتحكمون أيضًا فى حياة الفرد بما فى ذٰلك حساباته المصرِفية وأرباحه ومصروفاته؛ فلا تعُود له القدرة على اتخاذ أى قرار فيفقد خصوصيته وسيطرته على ما يملك، مسلوبًا أغلى ما خُلق عليه: حريته وإرادته. ونتيجة هٰذه السيطرة التى حولت الإنسان إلى شىء وصيرته كآلة، يتمكن المسيطرون من حظر أمواله وسحبها (تصفيرها). وإذا تمرد هٰذا الشخص أو سلك بأسلوب غير مقبول لهم، يُحرم من المال الشهرى الذى يصرف لمعيشته، أو من التنقل والسفر والخروج... إلخ. إنه سعى لا يتوقف نحو السيطرة على حياة البشر، من أجل رغبة بعضهم فى أن يصير مثل الله!! وفى «مِصر الحلوة» الحديث لا ينتهى!.
* الأسقف العام رئيس المركز الثقافى القبطى الأرثوذكسى
نقلا عن المصرى اليوم