دكتور: طلعت مليك
أعزائي على الفيس بوك ـ النيل بالنسبة لأبناء مصر شيء مقدس ـ بل كان له مكانة كمكانة الإله ـ فتصورا معي مصر بدون النيل ـ ماذا سوف تكون؟
فكرت أن أكتب سلسلة مقالات عن النيل ـ وذلك بعد أن تلقيت تعليقات على البوست الذي كنت أنا قد كتبته أمس ـ ووجدت عليّ بأن أوضح أشياء كثيرة تهم القاريء العزيز بعدما تلقيت هذه التعليقات ـ ونبدأ السلسلة بهذه المقدمة:
اهتم المصريين القدماء بالنيل لأنه أساس لحياة الإنسان والحيوان والطير والزرع وكل حي يحتاج إلى الماء!
بل واهتموا بالنيل كوسيلة لنقل للتجارة الداخلية والخارجية، حتى أنهم أقاموا وحفروا ا قناة تربط النيل بالبحر الأحمر ـ وكانوا ينظفونها و يطهرونها من الرمال بشكل دوري ـ لتسهيل مرور السفن للوصول بالتجارة والمنتجات فيما بعد إلى الهند وبقية شرق آسيا ـ إلا أنه في فترات ضَعف واضمحلال مصر بسبب الضربات العدوانية التي كانت تتلقاها من الأعداء حيث كانت مصر مطمع للقوى الكبرى آنذاك ولذلك في فترات الاضمحلال والضعف
لم تكن هناك أعمال صيانة ولا أعمال تنظيف ولا تطهر للقناة! فكانت للقناة ـ تمتلأ بالرمال وعلى سبيل المثال لا الحصر أذكر لكم أصدقائي على الفيس بوك ـ وعندما جاءت إيران "الإمبراطورية الفارسية آنذاك" إلى مصر ـ وجهت نظرها إلى هذه القناة حتى تعود بالمنفعة على بلاد الفُرس " أو بلاد فارس آنذاك" او الإمبراطورية الفارسية التي كانت تسيطر على أجزاء كبيرة من الكرة الأرضة وعندما قامت هذه الإمبراطورية الفارسية باحتلال مصر ـأرادت أن تستخدم القناة في نقل جنودها وتجارتها ورحلاتها!
لأن الإمبراطورية كانت تمتد من الهند حتى الشرق الأوسط ـ فأرادت تنظيف القناة حتى يصب النيل فيها الماء من جديد ـ وتعج بالحياة ـ فاستخدموا في ذلك المصريين في أعمال السخرة لتنظيف القناة وتفريغها من الرمال! ـ مما جعل التجار المصريين إلى الغضب وعليه قاموا بمقاطعة القناة ولم يمروا بها في تجاراتهم ، وذلك نكاية في الفرس الإيرانيين ـوكان ذلك في العام ٥٩٠ م ـ وخاب بذلك ظن الإمبراطورية الفارسية في جمع وجباية الأموال مقابل مرور سفن التجار!
عموماً أصدقائي
عندما يأتي الحديث عن مصر في أي بقعة في العالم ـ فهناك صورتان ترتسم في مخيلة السامع عن اسم مصر: نهر النيل والأهرامات!
ولا غرابة في ذلك ـ فالنهر هو عظيم بحق ـ يصل طوله إلى (6 671 km)، ويشترك فيه الدول الآتية: بورندي ـ روندا ـ تنزانيا ـ كينيا ـ أوغندا ـ اثيوبيا ـ ارتيريا ـ صومال ـ السودان ـ مصر!
والنيل هو في وجدان كل مصري أصيل ـ ولن أتحدث عن قداسته عند المصريين في العصور المختلفة لمصر قبل الغزو العربي الإسلامي! فهذا موضوع طويل ربما نكتبه لاحقاً ـ ولكن سأتحدث قليلاً عن أيامنا هذه!
بداية تذكرت قصة قد ذَكرها َ لي أحد أساتذتي "نيح الله روحه" وذلك أثناء قيامي ببعض الأبحاث ـ حيث حكى لي : انه في أثناء عمله كبروفيسور في جامعة روما في سبعينات القرن الماضي ـ جاء عندهم في الجامعة وفي القسم الذي كان يعمل به هذا البروفيسور ـ طالب من مصر ـ وكانوا كالعادة يرحبون بالطلاب الجُدد ـ وعندما سألوا الطالب المصري: هل انت سعيد في روما وكيف قضيت اسبوعك الأول؟ ـ فأجاب المصري: تنزهت في المدينة ـ ثم بعد ذلك بدأت أبحث عن النيل وللأسف لم أصل إليه بعد!! ما علينا من نهاية هذه القصة ـ ولكن كل ما يهمنا هنا شيئيان: حب الطالب للنيل ـ ثم عدم معرفته بالخريطة!
وهنا طبعاً ليست مشكلة الطالب ولكن مشكلة الأنظمة التي توالت على الحكم في مصر ـ وهم قد عملوا معاهد للسينما والمسرح اكاديميات للفنون ومراكز للدعوة الإسلامية وكليات للشريعة الإسلامية ... الخ، ولكن لم يعملوا "كلية" متخصصة بدراسات وأبحاث في نهر النيل ـ وطبعاً هم معذورين أيضاً لأن معظمهم لا يمتدون بجذورهم إلى هذه الأرض الطيبة ونيلها الخالد!
أعزائي على الفيس بوك ـ الموضوع له بقية وهو سلسلة مقالات عن النيل ـ ولكن أرجوا منكم إذا كان يجبُ عليّ أن أقلل أو أزيد عدد السطور في كل مقالة قادمة أو تكون بحجم هذه المقالة التي هنا حالياً! ـ لأن سلسة المقالات لكم ـ تحياتي بروفيسور دكتور طلعت مليك Dr-Talaat Melik