سحر الجعارة
للنجومية «شروط»، منها أن تكون موهوبا وذكيا ودؤوبا، سواء فى مجال الفن أو السياسة أو الأعمال.. لكن فى زماننا هذا سقطت الشروط وطغت «أمراض الشهرة»!!.
هناك من بنى نجوميته على كراهية الناس له، وهناك من خطط لها ونفذها بأموال طائلة أنفقها على الإعلام.. وهناك من جاءته «صدفة» فاستثمرها.. عن هؤلاء أتحدث.
عمن أصبحت «الشهرة» سلاحا مسمما فى أيديهم، وأصبحوا أكثر استبدادا من أى «فرعون».. هؤلاء تحولوا فى غفلة من الزمان من حملة «حقائب» إلى نجوم!.
للنجومية «سطوة» أقوى من سلطة المال أو المنصب، جعلت من بعض الأفاقين «مشايخ» يسير قطيع من الناس خلفهم.. ينفذون وصاياهم حتى لو كانت جرائم «إرهابية» ضد الوطن!.
النجومية «مفتاح سحرى»، يفتح أبواب المسؤولين والممولين، حتى لو كان صاحبها «نصابا»، يتلون بألف وجه على شاشات الفضائيات.
افترض أنك طرقت باب «مسؤول ما».. هل ستتساوى فى المعاملة والحفاوة وتلبية طلباتك بنجم كرة أو طب أو فن أو سياسة؟... لا أعتقد!.
أحيانا تكون الشهرة نوعا من أنواع «الفوارق الطبقية»، تجعل المشاهير فوق البشر، تفصلنا عنهم مسافات من «الرفاهية»، ونمط الحياة المختلفة.
قد يظن أحدكم أننى «محسوبة على المشاهير»، لكننى احتفظت بإنسانيتى طازجة، أدرك حجمى جيدا.. ولا أعرف حتى كيف أتجاوب مع قارئ يتعرف على فى مكان عام.
كلماتى تلك ليس مقصودا بها شخصا معينا، ولا تهدف إلى التجريح، بقدر ما هى رصد لظاهرة بعض الذين عاصرت مشوار صعودهم بحكم المهنة.
من كافة الفئات الاجتماعية والطبقات المادية تتكون بـ «كريمة المجتمع»، هؤلاء الذين يحتلون بؤرة الضوء.. يسرقون الكامير من «مواطن» قد يحتاج إلى وظيفة بسيطة.. لكنهم منعزلون خارج «العاصمة»، فى مجتمعات صممت خصيصا لتحميهم من الغوغاء والبلطجية.
أول أمراض الشهرة هو الانفصال عن مجتمعك، بحيث ترى كل القريبين منك «طماعين» و«عينهم تفلق الحجر»، فتُفعل «قانون المسافة».
وكلما زادت المسافة بينك وبين البيئة الاجتماعية التى نشأت فيها، تعاظم «الغرور» و«تضخم الذات» إلى أن تصل إلى جنون العظمة أو «البارانويا».
النموذج الأمثل لهذه الحالة كان «محمد مرسى»، الذى خرج من السجن ليحكم مصر، ثم عاد إلى السجن متوهما أنه لايزال «الرئيس الشرعى».. و«جنون العظمة» الذى تملك «المعزول» أصابه بحالة «هذيان»، لأنه علميا: (عبارة عن اعتقاد جازم بفكرة خاطئة وهى حالة نفسيّة مرضيّة).. وقد ظل هكذا حتى مات ومن خلفه من يشيعه على أنه الرئيس الشرعى!!.
قطعا حالة «مرسى» لا تقبل التعميم.. ولا كل المشاهير لديهم أمراض الشهرة.. لكن ماذا تقول عن شخصية شهيرة جدا، (على أعتاب السبعين ولا تتنازل عن الأضواء)، تعتقد فى السحر والشعوذة.. وتتصور إنهأ طُلقت بأعمال سفلية أو أن عملها فشل لنفس الأسباب؟!.
إنها لا تقبل انحسار الأضواء عنها، ولا ظهور أجيال جديدة احتلت مكانتها، فتلجأ إلى الأسباب الغيبية.
«النجم»- عادة- لا يتنازل بسهولة عن تلك الهالة الضوئية التى تغلفه، لا يقبل أن يتجاهله الإعلام، أو ألا تصيبه المناصب، إنه نوع من «عبادة الذات»!!.
وفى المقابل تجد نجمة بحجم وقيمة «هند رستم» تهجر الأضواء من أجل رجل أحبته.. لتعيش بعيدا عن صخب النجومية.. وترحل فى صمت.
هل النجومية «وحش كاسر»، يلتهم التواضع والبساطة والحب، يستبدل «الورود» بـ«النقود»؟؟.. فإذا نظرنا إلى ماضينا أو فى المرآة لا نتعرف على أنفسنا؟!.
لا أتصور أن كل نجوم المجتمع أصابتهم هذه اللعنة.
نقلا عن المصري اليوم