حمدي رزق
لعلهم يفقهون، الدرس جاء هذه المرة من العربية السعودية، مع إعلان وزير العدل وليد الصمعانى، عدم تمكن الراغبين فى الانفصال بتنفيذ رغباتهم إلا بحضور زوجاتهم أمام المحاكم؛ بإلزامية مثولها كتفًا بكتف مع المطلِّق.
كانت أمامنا فرصة ذهبية لتوثيق «الطلاق الشفهى»، لكن تحفظ المشيخة الأزهرية حال دون إحقاق حق المرأة المصرية فى توثيق طلاقها، ومنعًا لاستباحة أبغض الحلال، هكذا دون إرادة المرأة، تعسفًا من طائفة من المتعسفين الجائرين على حقوق الزوجية.
وينسحب وصف «التعسف» بمعناه اللفظى على هؤلاء، حين يستعملون الحق على نحو غير مشروع للإضرار بالغير، فاحتشدت البيوت بالمطلقات، لأسباب ومسوغات لا ترتقى إلى هدم البنيان على رؤوس ساكنيه.
وزير العدل السعودى الصمعانى يلفت النظر إلى دخول التقنيات الذكية التى تغنى عن الكلام فى رمى يمين الطلاق، وسجلت دوائر القضاء السعودية أكثر من حالة حدث فيها الانفصال عبر الرسائل النصية، والمفارقة أن ذات الوسيلة التى يتخذها البعض كـ«يمين طلاق» تصنف على أنها أيضًا من الأسباب التى تؤدى إلى النهايات الحزينة لشركاء الحياة (مثل هذه النهايات المأساوية يحدث فى مصر الآن).
يقول الوزير الصمعانى، إلى وقت قريب، لم يكن أمام الرجل لاتخاذ قراره «التاريخى» غير تعبئة نموذج صحيفة الدعوى إلكترونيًا وتحديد موعد عن طريق قسم الإحالات والمواعيد فى المحكمة، ثم الحضور شخصيًا مع غياب الطرف الأصيل فى القضية «الزوجة»؛ الأمر الذى حسمه الوزير الصمعانى بإلزامية مثولها كتفًا بكتف مع المطلِّق. ووضع الراغب فى الطلاق فى مواجهة ميدانية مع المطلَّق، ليتخذ القاضى قراره بعد الاستماع إلى طرفى النزاع.
ما حاجتنا إلى مثل هذا القانون الإلزامى، إلى آلية قانونية توثيق الطلاق الشفهى الذى بات إلكترونيًا، وتحد من استباحة أبغض الحلال، وتصعب الانفصال، وتوقف نزيف الزيجات.
الأرقام الموثقة، الطلاقات الموثقة فى إحصائيات الجهاز المركزى للإحصاء، نسبة الطلاق بين السكان ١٨ سنة فأكثر وفقا لتعداد ٢٠١٧ تبلغ نحو ١.٢٥٪ وهى النسبة الأعلى على الإطلاق منذ أكثر من نصف قرن «فترة الدراسة»، وأن ٨٢٪ من إشهادات الطلاق كانت بينونة صغرى «وهى التى خالعها زوجها، ويجوز للزوج أن يتزوجها فى العدة وبعدها»، كما أن أغلب أحكام الطلاق عام ٢٠١٨ تمت بالخلع «حوالى ٨٤ ٪».
هذا هو المعلن ولا يقارن بما خلف الأبواب المغلقة على ما فيها، الطلاق الإلكترونى ظاهرة تستفحل، وتجسد مأساة الطلاق الشفهى، وهو «أم المشاكل» التى تعانيها الزوجة المصرية، تنسى زوجة وتصبح طالقا بالثلاثة برسالة نصية على «واتساب»!
نقلا عن المصري اليوم