بقلم: عماد توماس
تشهد مصر يومي 23 و 24 مايو القادم، أول انتخابات رئاسية بعد ثورة 25 يناير، يتبارى فيها 13 مرشحا يمكن تصنيفهم الى اربع مجموعات بحسب تصنيفهم من اغلبية المصريين.
الاولى: مرشحي الفلول مثل الفريق احمد شفيق، والسيد عمرو موسى، الثانية :مرشحي الاسلام السياسي مثل عبد المنعم أبو الفتوح و الدكتور محمد مرسى والدكتور سليم العوا. الثالثة :مرشحي الثورة مثل حمدين صباحى، خالد على ، أبو العز الحريري والمستشار هشام البسطاويسى. الرابعة : مرشحين تأثيرهم وفرصهم ضعيفة مثل عبد الله الأشعل، وحسام خير الله، ومحمود حسام، ومحمد فوزى عيسى.
ملاحظتان أساسيتان
الملاحظة الأولى هو غياب المرأة والأقباط عن المرشحين وهى اهانة بالغة للثورة المصرية، التي خرجت من اجل المساوة في الحقوق والكرامة الانسانية وعدم التمييز والتفرقة بين المواطنين على اساس العرق او النوع او الدين.
الملاحظة الثانية، ان سباق الرئاسة فقد رجلا كان من الممكن ان يكون قبله الناخبين بمختلف انتمائيتهم، كان سيجتمع حوله قوى اليسار والليبراليين والاسلاميين المعتدلين والأقباط والمرأة، لكنه عفى نفسه من الدخول في مسرحية هزلية يبدو انه شاهدها مسبقا فكان يعرف نتيجتها فلم يستمر في السباق انه الدكتور المحترم "محمد البرادعي"
مرشحى الفلول
إذا استعرضنا العينة الاولى من المرشحين ، ما يطلق عليهم بمرشحي الفلول، نجد "عمرو موسى" الأقرب الى تأييد الاحزاب المدنية مثل الوفد الذى أعلن عن تأييده لعمرو موسى بالإضافة الى المصريين الاحرار والجبهة والمصري الديمقراطي من الممكن ان ينحازوا إلى عمرو موسى ، باعتباره رجل سياسة ودولة لدية خبرة كبيرة في التعامل مع السياسة الخارجية ولم يتلوث بفساد النظام السابق وخرج من وزارة الخارجية لجامعة الدول العربية منذ سنوات عديدة، كما ان عمرو موسى قد يجد دعما من الليبراليين والاقباط وان كان البعض يحفظ على كونه "عروبيا" أكثر من "العرب" ويراه البعض متلونا يغازل الجميع من أجل كسب أصواتهم.
اما احمد شفيق، فربما يجد دعما من العسكريين وعدد من الاقباط لكنه لن يستطيع المنافسة بقوة في ظل الحملة الشرسة ضده من التيارات الاسلامية وشباب الثورة ومن الافضل له أن ينسحب لصالح عمرو موسى بدلا من تفتيت الاصوات. ويكون بذلك أراح واستراح.
المرشحين الاسلاميين
اما المرشحين الاسلاميين، في مقدمتهم الدكتور عبد المنعم ابو الفتوح الذى يجد دعما واضحا من شباب الاخوان ودعما مستترا من الجماعة والعجيب بان عدد من الأقباط اعلنوا تأييدهم لأبو الفتوح، ربما انخدعوا في خطابة المعسول المغلف بمغازلات للمرأة والمسيحيين وهو الذى رفض تعيين نائبا مسيحيا فى حالة فوزة.
ويعتمد على حشد الناخبين في الهجوم وعدم ترشيح الفلول لتخلو له الساحة فهو يعلم ان "عمرو موسى" هو منافسة الأقوى، ويتحدث دائما عن "مشروع" ظاهرة المدنية ومرجعيته دينية.
ويمكنك ان تتابع على اليوتيوب على الانترنت عدد من الفيديوهات التي ترصد اقوال ابو الفتوح التي تصفه بانه يمارس "التقية" بان يظهر ما لا يبطن ويبطن ما لا يظهر، فاحد الفيديوهات يقول فيها انه فضل الترشح بعيدًا عن "الإخوان" لاعتبارات سياسية نافيا انشقاقه عن الجماعة، وفيديو آخر، يرفض فيه القسم بانه لن يصبح من الاخوان ويصرح بأنها جماعة تشرف كل المصريين، وفيديو ثالث –أثناء الثورة- يصف "عمر سليمان "بالشخصية الوطنية، قبل ان ينقلب عليه بعدما اعلن ترشحه للرئاسة قبل استبعاده. ويقلق القوى المدنية ماضي ابو الفتوح فهو خرج تنظيما من الجماعة لكنه فكريا ومنهجيا من اكبر المنظرين والداعمين لها، فلا يدهشك ان يصرح ان مصر دولة اسلامية 100% متجاهلا نحو 15% من المسيحيين. ولا يُنسى علاقته بالمجاهدين الافغان بعد تسريب فيديو للقاء معهم بالإضافة الى إعلانه الموافقة على التعديلات الدستورية في خروج عن القوى المدنية. فكيف يفكر بعض المنتمين للقوى المدنية –كذبا- وبعض الأقباط الذميين الذين يعتبرون انفسهم رعايا وليسوا مواطنين في دعم ابو الفتوح وهو الإخوانى الذى لا غش فيه!!
ويأتي محمد مرسى رئيس حزب الاخوان "الحرية والعدالة"، كمرشح اسلامى يعتمد على اصوات الراديكاليين في جماعة الاخوان واعضاء حزبه، وقد ينال جعما من بعض الجماعات السلفية، وهو لا يجد كاريزما للرئاسة بعد ان كان مرشح "استبن" لخيرت الشاطر، وتبدو مهمته صعبة لعدم وجود قبول له في الشارع الا انه سيعتمد على الحشد الاخوانى لحزبه. الا اذا كانت هناك صفقة خفية لدعم "ابو الفتوح" سرا ودعم "مرسى" علنا.
ويأتي "العوا"، كمرشح اسلامى لن يحظى باي قبول الا اذا مال السلفيين له ، والأغلب ان "العوا" سينسحب في حال التوافق على مرشح اسلامى ليكون له مساندا مع وعد بأخذ جزء من التورتة في حال نجاحه.
مرشحى الثورة
يأتي المرشح "حمدين صباحى"، على رأس المرشحين الثوريين، الذين ارتفعت اسهمهم فى الايام السابقة، يعتمد على الفقراء والفلاحين ويعتقد انه سيحظى بأصوات الأقباط ، يرفع شعار " واحد مننا" في حملته الانتخابية، يؤكد على اهمية صدور قانون لبناء دور العبادة الموحد وحرية المعتقد. يؤمن بأن العدالة الاجتماعية تتحقق خلال معادلة بسيطة هي "7+1". وهى سبعة من الحقوق الاساسية للمواطن والحق فى بيئة نظيفة. مشكلته مع الليبراليين والاقباط في نزعته الناصرية، وتأكيده الدائم على دعم المقاومة الفلسطينية وفتح المعابر وقطع الغاز عن اسرائيل لكنه يؤكد على انه لن يحارب اسرائيل لأن حربة مع الفقر والجهل.
لا يمكن للقوى المدنية الرهان على "صباحى" بسبب نزعته الناصرية، والاقرب في حال دعمه أن يشكل تحالفا مع "خالد على" و المستشار "هشام البسطاويسى"، و "أبو العز الحريري". بدون ذلك ستكون فرصته صعبة في ظل وجود مرشح اسلامى ومرشح من الفلول.
اما "خالد على"، فهو أصغر المرشحين -40 عام- حصل على تأييد 30 عضو من مجلس الشعب معظمهم من الحزب المصري الديمقراطي، قدم استقالته من منصبه كمدير لمركزه الحقوقي، عندما أعلن اعتزامه الترشح للرئاسة، عرض عليه تولي وزارة القوى العاملة في حكومة عصام شرف، لكنه رفض، يؤيده قطاع كبير من العمال والفقراء والمهنيين لدفاعه عن حقوقهم. هو محامى "ابانوب" شهيد جريمة نجع حمادي، والجندي المجهول وراء تشريح جثث الشهداء في مذبحة ماسيرو لعدم ضياع حقوقهم. يرى أن صغر سنه عامل إيجابي فجمال عبد الناصر واوباما وتونى بلير كانوا في اعمار متوسطة عندما تولوا القيادة. يؤمن بالعدالة الاجتماعية وينحاز لدور القطاع العام مما يجعله قد يفقد أصوات رجال الاعمال والرأسماليين. نجح "خالد على" في انتزاع كثير من الأحكام مثل: حكم الحد الأدنى للأجور وبطلان انتخابات النقابات المهنية وعدم دستورية القانون الخاص بها ورفع الحراسة القضائية عن نقابة المهندسين والحصول علي حكم قضائي يلزم الحكومة بتخصيص معاش استثنائي لمصابي الثورة.
تبدو فرصة ضعيفة جدا، لتأخر اعلان ترشحه، ولفقر حملته الانتخابية المادية، كما ان رهانه على العمال لن يجد صدى فالعمال لم يستطيعوا تشكيل حزب بعد الثورة ب 5 الاف توقيع !! كما أنه فشل في الحصول على (30) الف تأييد من انصاره . والافضل له ان ينضم لفريق رئاسي مع "صباحى" و"البسطاويسى" و"ابو العز"، والبعض يرى نزوله الانتخابات في تجهيزه للانتخابات القادمة بعد اربع سنوات.
اما "ابو العز الحريرى"فلا يختلف اثنان على وطينته، لكنه تأخر في الترشح وحملته الدعائية ضعيفة جدا بالمقارنة مع باقي المرشحين ويعتمد على اصوات قوى اليسار وخاصة حزب التحالف الشعبي الاشتراكي. وتبدو فرصه ضعيفة والافضل له الانضمام للفريق الرئاسي
كما تبدو فرص المستشار "هشام البسطاويسى"، ضعيفة خاصة في ظل اعلان حزب التجمع" فقط عن دعمه، بل العجيب ان احد فروع حزب "التجمع" فى احدى المحافظات اعلن عن دعم مرشح آخر!! وهو الحزب الذى فقد الكثير من شعبيته في الشارع وتشتت انصاره في الاحزاب اليسارية التي تشكلت بعد الثورة. "البسطاويسى" بدأ جيدا بعد الثورة مباشرة في حملة دعائية بدأت من محافظة اسيوط في مؤتمر حاشد، لكنه سرعان ما اوقف حملته وعاد الى الكويت لإكمال عقد عمله هناك، وعاد بعد نهاية عقدة ليعلن استمراره في السباق الرئاسي. والافضل له التنازل والانضمام للفريق الرئاسي.
الخلاصة، الاقرب من وجهة نظري، هو اعادة بين "عبد المنعم أبو الفتوح" و"عمرو موسى"، ويلاحقهما بقوة "حمدين صباحى" بعدها بحسب التحالفات والتربيطات سنعرف من هو الفائز وإن كنت أرى الأقرب هو " عمرو موسى. والله أعلم. هذا ان تمت الانتخابات فى موعدها ولم يُحل مجلس الشعب فى 6 مايو وتؤجل الانتخابات لحين اشعار آخر!!