كتب – محرر الاقباط متحدون ر.ص
تحدث الأنبا نيقولا أنطونيو، مطران الغربية وطنطا، والناطق الرسمي للروم الأرثوذكس في مصر، عن كتابه رؤية أرثوذكسية في تفسير سفر الرؤيا.
وقال أنطونيو، عبر حسابه على "فيسبوك"، في (رؤ 12:1 و13) يقول يوحنا كاتب سفر الرؤيا "فَٱلْتَفَتُّ لأَنْظُرَ ٱلصَّوْتَ ٱلَّذِي تَكَلَّمَ مَعِي، وَلَمَّا ٱلْتَفَتُّ رَأَيْتُ سَبْعَ مَنَايِرَ مِنْ ذَهَبٍ. وَفِي وَسَطِ ٱلسَّبْعِ ٱلْمَنَايِرِ شِبْهُ ٱبْنِ إِنْسَانٍ مُتَسَرْبِلاً بِثَوْبٍ إِلَى ٱلرِّجْلَيْنِ وَمُتَمَنْطِقاً عِنْدَ ثَدْيَيْهِ بِمِنْطَقَةٍ مِنْ ذَهَبٍ".
قول يوحنا "شِبْهُ ٱبْنِ إِنْسَانٍ"(15)، يشير إلى يسوع المسيح من حيث مجده الإلهي؛ ولأنه لا يمكنه القول أنه رأى الديان الذي لا يُرى.
عن جلوس شبه ابن الإنسان "فِي وَسَطِ ٱلسَّبْعِ ٱلْمَنَايِرِ"، التي هي "السَّبْعُ كَنَائِسِ" (الآية 20)، يشير إلى سكنى يسوع المسيح بمجده الإلهي في وسط كنائس المسكونة كلها، ذلك كما وعد بقوله: "لأَنَّهُ حَيْثُمَا اجْتَمَعَ اثْنَانِ أَوْ ثَلاَثَةٌ بِاسْمِي فَهُنَاكَ أَكُونُ فِي وَسْطِهِمْ" (مت 20:18). وفي العهد القديم وعد الله بني إسرائيل قائلاً: "وَأَجْعَلُ مَسْكَنِي فِي وَسَطِكُمْ، وَلاَ تَرْذُلُكُمْ نَفْسِي" (لا 11:26)، وقد رأى بولس الرسول أن هذا تحقق في يسوع المسيح فاستشهد بهذه الآية بقوله: "فَإِنَّكُمْ أَنْتُمْ هَيْكَلُ اللهِ الْحَيِّ، كَمَا قَالَ اللهُ إِنِّي سَأَسْكُنُ فِيهِمْ وَأَسِيرُ بَيْنَهُمْ، وَأَكُونُ لَهُمْ إِلهًا، وَهُمْ يَكُونُونَ لِي شَعْبًا" (2كو 16:6).
كما أن وجود يسوع المسيح "فِي وَسَطِ ٱلسَّبْعِ ٱلْمَنَايِرِ"، أي في وسط الكنيسة، يشير إلى أنه هو نور الكنيسة الذي تستمد منه ضياءها ونورها، كما يشير إلى أنه هو نفسه حاضر في وسطها بواسطة الأسرار الإلهية المقدسة.
من هذه الصورة "سَبْعُ مَنَايِرَ مِنْ ذَهَبٍ" (الآية 12)، و"فِي وَسَطِ ٱلسَّبْعِ ٱلْمَنَايِرِ شِبْهُ ٱبْنِ إِنْسَانٍ" (الآية 13). تكون "السبع مناير" على شكل سبع مصابيح زيتية وكل مصباح محمول على حامل، وكل منارة قائمة بذاتها بحيث يمكن السير فيما بينها أو الجلوس في وسطها. وهذه السبع منائر بهذا الشكل تشير إلى أن إسرائيل القديم انتهى بمجيء يسوع المسيح؛ لأنها ليست هي منارة إسرائيل الذهبية المعروفة، ذات القاعدة الواحدة وسبعة أذرع(16) المذكورة في (خر 31:25- 36).
أما كونها "مِنْ ذَهَبٍ"؛ فهذا يشير إلى أنها سماوية، كما يشير إلى نقاوتها وعظمتها ومجدها الذي تستمده من مجد ربها القائم في وسطها، كما سيُذكر في الآية (13). وكذلك يشير إلى كونها نورًا للأمم (غير اليهود) ومجدًا لشعب إسرائيل الجديد- الذي هو شعب الله الروحي المؤمن بيسوع المسيح- كما تنبأ سمعان الشيخ عن يسوع المسيح عندما استقبله عند دخوله إلى الهيكل، قائلاً: "الآنَ تُطْلِقُ عَبْدَكَ يَا سَيِّدُ حَسَبَ قَوْلِكَ بِسَلاَمٍ، لأَنَّ عَيْنَيَّ قَدْ أَبْصَرَتَا خَلاَصَكَ، الَّذِي أَعْدَدْتَهُ قُدَّامَ وَجْهِ جَمِيعِ الشُّعُوبِ. نُورَ إِعْلاَنٍ لِلأُمَمِ، وَمَجْدًا لِشَعْبِكَ إِسْرَائِيلَ" (لو 29:2-32). ذلك أن بني إسرائيل سقطوا من كونهم شعب الله برفضهم يسوع المسيح الإله المتجسِّد الذي أتى بالجسد من نسل داود لخلاص جميع البشر، والإيمان به ربَّا وإلهًا.
المنارة الذهبية ذات القاعدة الواحدة وسبعة أذرع كانت في هيكل هيرودس الذي تم الانتهاء منه في عهد أغريباس الثاني عام 64م وليس في هيكل سليمان، وكانت ترمز عند اليهود إلى مجد الله وكمال الله ونور إسرائيل الذي وُضع من الله ليكون نورًا للأمم. وهذه المنارة ذات القاعدة الواحدة والسبعة أذرع حملها معه تيتوس قائد جيوش الإمبراطور سبستيانوس إلى روما مع ما استولى عليه من هيكل أورشليم بعد أن دمر مدينة أورشليم عام 70م. وهي منقوشة على قوس نصر سبستيانوس في روما لكن بشكل مقلوب، إشارةً إلى انتهاء إسرائيل القديم.