رؤية أنجيلية
Black American between Anger and Hope
A Biblical Vision
Esau Mccaulley is an assistant professor of New Testament at Wheaton College and a priest in the Anglican Church in North America.
New York Times ,18/6/2020 page
نقلها الى العربية بتصرف الأب أثناسيوس حنين -اليونان
وسط الهيجان الكونى الذى صاحب احداث العنف الأخيرة فى الولايات المتحدة وتألم بسببه البعض مخلصا وتاجر به البعض الأخر مغرضا ’ يأتى صوت اللاهوتى والراعى المستنير والقس الابيض الحر الذى يرصد المرض ويحدد العرض ويشخص الدواء . وقعت على هذا الاب الراعى بينما اتصفح النسخة الورقية لجريدة "نيويورك تايمس" فى عددها الصادر صبيحة يوم الاربعاء الثامن عشر من يونية الجارى18 /6 /2020 وفى صفحة "الرأى" وليست مضطرا لأذكر صفة "الحر " لأن الرأى فى هذه البقاع وهذه الصحف حر والدليل نشر مقال بهذه القوة والصراحة لقس انجليكانى امريكى ابيض يعرض لرأى الانجيل العنيف واللطيف ’ الغاضب والمتشائم وفى ذات الوقت المتفائل والمسالم فى قضية جورج فلويد الاسود . وكلاهما أمريكيان.الراعى الامريكى الابيض ماكويلى هو استاذ العهد الجديد بكلية اللاهوت فى ضاحية وايتون وراع لكنيسة انجليكانية فى شمال امريكا .يتذكر الكاتب قائمة من ضحايا العنف البوليسى ويقرر أن رؤيته للفيديوهات لجورج ولمحمد والذى قتله البوليس الامريكى فى مطاردة لم يشرح لنا اسبابها ولكن اللافت انه بينما يذكر جورج المسيحى الامريكى الاسود لا ينسى محمد المسلم الامريكى .ويقرر الراعى بأن معاناة السود فى امريكا ليست بالامر الجديد ’ وأن الوثائق تشهد على جريمة صمت من قبل من هم فى السلطة عن مواجهة الحقائق .وكأن الراعى المسيحى يكرر قول العرب بأن الساكت على الظلم مهما كان منصبه - وضمنيا الساكت هو الراضى - هو شيطان أخرس !ويذهب الراعى أيساو الى أبعد من ذلك حينما يقرر أن ما نملك من مستندات وفيديوهات يؤكد بأن ما يحدث فى أمريكا ’ اليوم ’ هو "تمييز عنصرى منظم ومبرمج"
Systematic Racism
ويضيف بأن قبول هذه الحقيقة يؤدى الى التساؤل حول نوعية ومصداقية النظام السياسى الذى ينحاز فقط للأقوى والأغنى ! ويصل الراعى اللاهوتى الى لب القضية وهى أن هذه الاحداث المسجلة والموثقة والمصورة تؤدى الى ولادة الغضب فى النفوس ويذكر قولا لمفكر امريكى حينما قال " أنه لو كتب عليك ان تكون اسود فى هذا البلد ’ ولديك الحس والوعى ’ سوف تعيش كل زمانك فى حالة غضب عارم ".ما هو هدف غضبنا ؟ يتسأل ’ ويجيب هل هو الشرطى الذى وضع ركبته على رقبة انسان يصرخ ليحيى لمدة تسع دقائق بينما زملائه يستمتعون بالمنظر ! هل يصيبنا الجنون والهذيان من القوانين والعادات التى سادت وعاثت ضد الحضور الاسود وتجربتهم الامريكية الفريدة!هل لا يقلقلنا ويصيبنا بالجنون لامبالاة الكثيرين ! ان الكتاب المقدس لا يصمت تجاه غضب المظلومين وتأتى أقوى صرخة غضب فى الكتاب المقدس على لسان المسبيين والمضطهدين والمهمشين والمهجرين وذلك على لسان المرنم فى المزمور 137 والأية الثامنة "يا بنت بابل المخربة ( بضم الميم وفتح الحاءوكسر الرأء) طوبى لمن يجازيك جزائك الذى جازيتنا . طوبى لمن يمسك اطفالك ويضرب بهم الصخرة" ! كيف يمكن أن يشكل هذا الكم من العنف والقساوة نصا دينيا مقدسا ؟ يتسأل كاتبنا . ويجيب بأن المزمور 137 هو انشودة "المجروحين "وهو يتذكر دمار المدينة المقدسة أم المدائن وتخريبها ونهبها وهتك عرض نسائها وسبى وتهجير سكانها من الأبرياء بما عرف فى اللاهوت الكتابى "بالسبى البابلى".ويطرح الأب الانجليكانى السؤال على القارئ " ما هى الترنيمة التى تأتى على خاطرك وينطق بها لسانك وتنساب على قلمك أذا ما أجبرت على رؤية مقتل زوجتك وطفلك وجارك بشكل بشع وبلا ذنب ؟". ينتمى المزمور 137 الى هذا اللون من الأدب الذى يسمى "أدب الجراح".السؤال ليس لماذا كتب داود هذه الأغنية ! بل السؤال هو ماذا سيكتب أهل جورج ومحمد بعد أن شاهدوا بأم رؤؤسهم صور وفيديوهات مقتل فلذة أكبادهم ؟ ان مزمور داود يتعدى موجة الغضب ’ ليصير شهادة التاريخ فى الزمان وعلى الزمان.أن هذا المزمور والأناشيد الأخرى التى تسمى"أناشيد ومزامير الغضب" ليس لها سوى هدف واحد وهو أن لا نتوقف على مجرد الغضب بل أن نتذكر ولا ننسى أو نتناسى بل نسرع فى معالجة الاسباب التى قادت الى الغضب.أن معجزة الانجيل لا تكمن فى مجرد أنه يسجل غضب المضطهدين وشكوى المهمشين ’ بل تكمن فى أن نفس النصوص التى تدعوا الى الغضب والانتقام ’ هى هى التى تدعو الى خلاص وشفاء المضطهدين أى من يقودوا ويقننوا ويمأسسوا الأضطهاد والتمييز العنصرى.هذا نراه عند أشعياء النبى الانجيلى والذى ينادى فى الاصحاح 49 والأية 5 "...أقليل أن تكون لى خادما لاقامة اسباط يعقوب ورد محظوظى شعبى . فقد جعلتك نورا للامم لتكون خلاصى الى أقصى الارض ".
عندنا نحن المسيحيون ’ الغضب الداودى (مز137 )يعطى مكانا للأمل الأشعيائيى (أشعياء 49 ).وسنجد القوة والزخم الروحيين للقيام بهذه الانتقالة الحضارية تحت الصليب .كان يمكن ليسوع أن يستمطر غضب الله فى المزامير على من عادوه وصلبوه . ولكنه نادى بالغفران "يا أبتاه أغفر لهم ’ لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون" لوقا 23 .لم يصنع يسوع صلحا مزيفا لأنه هو نفسه ذاق الرعب الذى تقوده الدولة بكل طوائفها .هذا يفسر سبب شعور المسيحى الاسود بالقربى مع ذاك الملك المصلوب والذى ياتى من جماعة وطنية مضطهدة ومهمشة رسميا وبقرار من الدولة الرومانية . يعطى الصليب معنى للموت على خشبة الاعدام او تحت ركبة رجل شرطة أو فى سجن بلا محاكمة.لقد أظهر صليب يسوع وقيامته بعد ثلاثة أيام أنه لا خشبة الاعدام ولا خشبة الصليب لها الكلمة الأخيرة فى حياة من يقيمهم الله له أصدقاء. أن الدولة قد تظن أن العنف قد يوقف مقاصد الله وخططه . أن القيامة خير دليل على فساد هذا الادعاء . هذا الى جانب أن عمل يسوع الغفرانى العميق يزودنا ويمدنا بطاقات رجاء وأمل لا حدود لهم .ولكن هل يمكن أن نتكلم عن الرجاء بينما صرخة "لا أقدر أن أتنفس" تدوى فى الشوارع والميادين ؟
I can,t BREATHE !
أن رجاء القيامة لا يمنع المسيحيين من السعى للعدالة ’ لأنه هذا السعى يجرد الدولة . من سلاحها الوحيد والكبير وهو التخويف من الموت ومن قوته وسلطانه
. هذا الرجاء هو ما يفرق بين العدالة والانتقام .لقد كتب يوما ترومان فى كتابه "يسوع والمهمشين" بأن الغضب اذا ما انفك من عقاله سوف يتعدى القصد الاول من ظهوره ويأكل الأخضر واليابس .أن كراهيتنا لاعدائنا حينما نحملها معنا الى الشارع سوف تعود معنا الى بيوتنا وجيراننا وصداقاتنا وعائلاتنا ومجتمعاتنا ومؤسساتنا وولاياتنا’ بل سوف تخرب نفوسنا .نحن المسيحيون نسعى للعدالة لأن حياة السود وعائلاتهم ومجتمعاتهم تعنينا .نحن نسعى الى المصالحة بعد أن يستتب العدل لأننا نريد مستقبل خالى من الاحتقار والشكوك والتمييز.ولكن لا يمكن للعدالة والمصالحة أن تتحقق على حساب حياة مواطنينا السود الامريكيين .أن المستقبل الوحيد الممكن هو المستقبل العادل .ولأننا معشر المسيحيين قوم سلام فلابد أن نكون شعب عادل حتى ولو ظهر أن العدل يضرنا بعض الشئ .أننا فقدنا الكثير من الحيوات السوداء ’ مما يجعلنا لا نقبل سوى العدل .