منى مكرم عبيد
حسنًا فعلت الحكومة المصرية بقرارها فتح حركة الطيران بداية من يوليو المقبل، خاصة مع قرار الاتحاد الأوروبى'> دول الاتحاد الأوروبى بفتح حركة السفر من وإلى البلاد منتصف يونيو، أصبح لزاما علينا التعاطى السريع مع هذا الملف، بما لا يؤثر على صحة المواطنين، خاصة أن كورونا دخلت إلى مصر من خلال اختلاط العاملين بقطاع السياحة مع عدد من السياح الأجانب المصابين بالفيروس، وبالتالى الآن هناك حاجة للتعامل مع الأمر بعين الاعتبار بشكل دقيق وحاسم.
بداية علينا الاعتراف بأنه طبقا لتقارير الاتحاد المصرى للغرف السياحية وصلت خسائر قطاع السياحة فى مصر إلى مليار دولار شهريًا نتيجة أزمة كورونا وتوقفت السياحة، والعاملون يتقاضون رواتبهم، والدولة قامت بتأجيل الضرائب وفوائد القروض للشركات، وهناك مخاطر من إعلان بعض شركات السياحة إفلاسها حال استمرار توقف السياحة.
من سوء الحظ كانت الحكومة المصرية قد وضعت صناعة السياحة فى قلب «رؤية 2030» التى تسعى لتعزيز نمو اقتصادى مستدام، خاصة أن هذا القطاع الحيوى يشكل حوالى 11% من الناتج المحلى الإجمالى، حتى جاءت الجائحة تضرب بكل الخطط والتوقعات عرض الحائط، ويصبح الجميع فى مرمى نيران الجائحة.
على المستوى الدولى يمثل هذا القطاع 10.3% من الناتج الإجمالى العالمى، وأشارت التقديرات الأولية الصادرة عن منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية إلى انخفاض فى السياحة العالمية بنسبة 45% خلال عام 2020، وقد تصل هذه النسبة إلى 70% فى حالة تباطؤ جهود تحقيق التعافى حتى شهر سبتمبر المقبل، وحسب تقديرات المجلس العالمى للسفر والسياحة هناك ما يقرب من 75 مليون وظيفة فى قطاع السياحة باتت مهددة بالخطر، وهو ما قد يؤدى إلى خسارة فى الناتج الإجمالى العالمى قد تصل إلى 2.1 تريليون دولار عام 2020.
ربما يكون المخرج الآن هو السياحة الألمانية، حيث تعد مصر من أهم شركاء ألمانيا فى الشرق الأوسط بحجم مبادلات قدره 4.5 مليار يورو، ومثلت مصر دوما مركز جذب للسياح الألمان الذين بلغ عددهم العام الماضى ما لا يقل عن 1.8 مليون شخص وهو أعلى رقم تسجله السياحة الألمانية فى مصر خلال العقود الماضية.
علينا التعايش مع الأمر وفق ضوابط معينة، والاستفادة من تجارب إسبانيا، التى قررت فتح البلاد اعتبارا من يوليو المقبل، حيث تعدد الوجهة الأولى عالميا وسجلت العام الماضى 83.7 مليون سائح، ورغم الفادحة التى ألمت بالبلاد نتيجة كورونا، إلا أن الحكومة الإسبانية تعاملت مع الموقف بنوع من التروى للحفاظ على الصحة العامة وفى نفس الوقت وقف نزيف الاقتصاد، وضرورة تحديد الدول التى يمكن استقبال سياح منها، والدول التى سيتم وقف استقبال سياح منها، توكيدا للشفافية وخلق حالة طمأنة بأن هناك من يتابع الأوضاع خارجيا ومدى السيطرة على كورونا.
لدينا تجارب ناجحة لرجال الأعمال، بعد استحواذ رجل الأعمال المصرى سميح ساويرس على 75.1% من شركة «إف تى آى» الألمانية لإنقاذها من تداعيات أزمة كورونا، وبالتالى يمكن التعاون معهم لمعرفة كيفية إدارة هذا الملف الحيوى الذى يلعب دورا مهما فى تدفق النقد الأجنبى لمصر، وربما توقف عملية تحويل الأموال من المصريين بالخارج كما كان معتادا قبل كورونا، ومع توقف السياحة ستكون النتائج كارثية ولن تستطيع الحكومة المصرية على مواجهتها، البدء بالسياحة الألمانية فى ضوء نجاح برلين فى تقليل انتشار الفيروس لن يكون أمرا خطرا على المجتمع المصرى، وربما يتم فتحها لدول معينة من الاتحاد الأوروبى'> دول الاتحاد الأوروبى بشكل تدريجى ووفق أجندة معينة ودول محددة.
التعايش ضرورة، والتباعد الاجتماعى فى الشواطئ والمنتجعات أصبح أمرا حتميا، الرهان الآن على تأهيل المطارات للتعاطى مع هذه التغيرات، كذلك تأهيل العاملين فى القطاع الصحى على كيفية خدمة السياح بما لا يسمح بنقل الفيروس مجددا، كذلك تطوير الأطقم الطبية والصحية فى الفنادق والمنتجعات الصحية، ولكن المهم هو السرعة فى إعلان الخطة وموعد الحجوزات، حتى تتمكن شركات السياحة الداخلية والخارجية من تسويق المنتج المصرى، بعد أن كانت مصر من المواقع التى ينصح بزيارتها فى 2020، نتيجة خطط افتتاح المتحف المصرى الكبير، ومدينة العلوم والثقافة فى العاصمة الإدارية الجديدة، جاءت كورونا لتحبط كل هذه التوقعات، والآن علينا التعاطى مع الواقع ولكن بشكل سريع ودقيق ومراعاة مصالح كل الأطراف، وإلا ستكون الفاتورة باهظة الثمن على الجميع، ونخسر الموسم السياحى أو ما تبقى منه على وجه الدقة.
* برلمانية سابقة وأستاذ العلوم السياسية
نقلا عن المصرى اليوم