أشرف نادي حبيب
كان د. سامح فكري حنا أستاذ الأدب العربي بجامعة ليدز في لندن وبدعوة من الدكتور القس وجيه يوسف ميخائيل أستاذ التراث العربي المسيحي قد ألقى في ١٣ مايو ٢٠١٩ محاضرة في كلية اللاهوت الإنجيلية بالقاهرة عنوانها " الترجمات العربية للكتاب المقدس " رَوَّجَ فيها لمشروع ترجمات " المعنى الصحيح لإنجيل المسيح " الذي يستخدم التعبيرات القرآنية في ترجمة الكتاب المقدس بزعم إعادة توطين الكتاب المقدس في الثقافة العربية وفي بيئته الشرق أوسطية وبناء جسور مع الآخر المُغَايِر دينياً .
والجدير بالذِكْر أن ترجمات هذا المشروع تنكر الثالوث وألوهية المسيح يسوع وعمله الكَفَّاري لأجل خطايا العالم وعصمة الكتاب المقدس !
وليسمح لي القاريء الكريم أن أقدم له مثالاً على فساد هذه الترجمات :
- موضوع الآية : تحية افتتاحية في اسم الرب يسوع ابن الآب .
- نص الآية في رسالة يوحنا الثانية :
" تكون معكم نعمة ورحمة وسلام من الله الآب ومن الرب يسوع المسيح ابن الآب بالحق والمحبة " (الآية 3)
ἔσται μεθ’ ἡμῶν χάρις ἔλεος εἰρήνη παρὰ Θεοῦ Πατρός, καὶ παρὰ Ἰησοῦ Χριστοῦ τοῦ Υἱοῦ τοῦ Πατρός, ἐν ἀληθείᾳ καὶ ἀγάπῃ
- نص الآية في ترجمة " البيان الصريح " :
[ وسيكون معنا جميعاً الفضل والرحمة والسلام من عند الله الأب الصَّمَد ، ومن سيدنا المسيح الابن الروحي لله الأب الرحيم . نعم ، سيكون معنا نحن الذين نثبت على الحق والمحبة ]
تعليق : القاريء الكريم ، إننا في عبارة " الله الآب " نجد أن " الله Θεοῦ " قد دُعِيَ ب " الآب Πατρός " وذلك في علاقته بالمسيح ، وأن الله في المسيح هو " أب " لكل المؤمنين بيسوع . أَمَّا في عبارة " الرب يسوع المسيح ابن الآب " فالتركيز هنا على البنوية الأزلية للابن ، كما أن تكرار حرف الجر " من παρὰ " في الآية السابقة يشير إلى تَمَايُز أُقْنُومَيْ الآب والابن داخل الجوهر الإلهي الواحد للألوهية .
وكعادة ترجمة " البيان الصريح " في إزالة لغة الثالوث وأسماء أقانيمه فإنها قامت بترجمة عبارة " الله الآب " إلى " الله الأب الصمد " لتنفي عن الله أنه بطبيعته هو " الآب " ، وحتى يكون التأكيد على الوحدانية الإسلامية المُجَرَّدة التي لا تقبل بالثالوث المسيحي ؛ لأن كلمة " الصَّمَد " مرتبطة بالتوحيد في المفهوم القرآني (قُلْ هو الله أحد ، الله الصَّمَد ، لم يَلِد ولم يُولَد ، ولم يكن له كُفْوًا أحد) سورة الإخلاص 1-4 !
كما قام مترجمو " البيان الصريح " بترجمة عبارة " الرب يسوع المسيح " إلى " سيدنا المسيح " في إنكار صريح ومُمَنْهَج لألوهية المسيح يسوع !
وترجموا أيضاً عبارة " ابن الآب τοῦ Υἱοῦ τοῦ Πατρός " إلى " الابن الروحي لله الأب الرحيم " حتى يجعلوا بنوة المسيح في علاقته بالله مجرد بنوة روحية رمزية وليس بنوة أُقْنُومية بين الآب والابن داخل الجوهر الإلهي الواحد للألوهية ، وفي هذا إنكار لألوهية المسيح يسوع ونَقْض لتعليم الثالوث واسماء أقانيمه !
(الفصل الثاني من كتابي " إنجيل آخر ويسوع آخر - نظرة نقدية للترجمات الصوفية للكتاب المقدس)
#ضد_التيار