د. مينا ملاك عازر
بالرغم من أنني شاركت بها، وأذكر يومها وقت أن نزلت وصديقي وسرنا على الأقدام حتى ميدان التحرير، وفرحت وقت أن زال حكمهم، إلا أنني أجزم معتمداً ومستنداً على المفاهيم السياسية والتعريفات العلمية للثورات، بأنها لم تكن ثورة، لذا لا أستطيع اعتبار ما جرى من سبع سنوات في مصر في مثل هذا الغد ثورة.
هذا ليس تقليلاً مني لأهمية ما جرى فإزالة حكم الإخوان من على قلب مصر وقلوب المصريين، لا ليس بالأمر الهين، لكن الثورات تعرف بأنه ما يطرأ عنه ظهور طبقة اجتماعية جديدة، وهذا لم يحدث اللهم إلا إذا اعتبرنا قرب زوال الطبقتين الوسطى والدنيا من المجتمع بموت الطبقة الدنيا جوعاً أو من كورونا بسبب عدم اعتناء الحكومات بالاقتصاد الذي يمسهم، والصحة التي تقيهم أو تعالجهم، وحلول الطبقة الوسطى محل الطبقة الدنيا، ليس بسبب عدم وجود الطبقة الدنيا فحسب بل انهيار الطبقة الوسطى اقتصادياً بسبب ارتفاع مستوى المعيشة وغلاء الأسعار بشكل مؤسف، ولا يبرره سوى تجاهل الحكومات أولويات الوطن واهتمامها بما يخدم اسمها ويخلد ذكراها وناسها، أن تخليد الاسم وبقاء السيرة، لا قيمة له إذا زال الوطن وانهار، فانهيار الأوطان يحدث بعدم وجود الشعب، وهو ما ربما نواجهه بعد الانفتاح الصحي الأخير، والقروض الاقتصادية الجارية والمتوالية.
المهم أننا اليوم وهي تتطل برأسها علينا لتذكرنا بما قدمته لنا حين أطاحت بالإخوان، وما لم نقدمه لها حين لم نحافظ على مكتسبات دستورها الذي خطه الخمسين المشهورين، ولم نحسن منه، وحين أهملنا الطبقة العريضة التي شكلت عضمها وعامودها الفقري الذي كون الكتلة الحرجة التي أحرجت الإخوان في الميادين، وحين ركن الإعلاميين الذين شكلوا وعي ووجدان الشعب الذي رفض سيطرة وسطوة وفاشية الإخوان، أقول حين ركنا الإعلاميين هؤلاء يتوارون عن الشاشات لأنهم صدقوا الثورة، وبقوا محافظين على رأيهم فسكتوا أو تواروا أو أُخفيوا أو اختاروا الاهتمام وإلقاء الضوء على موضوعات غير سياسية، اتقاء لغضبة بعض الرافضين لفكرة الرأي الآخر والظانين بصدق مواقفهم ووطنيتهم وحدهم، فكانت المأساة الاقتصادية والصحية الي نمر بها الآن، للأسف.
أختم كلماتي هذه وأقدم خالص الشكر لجيش مصر الذي شكل درع وسيف انتفاضة الثلاثين من يونيو، والذي ساند الإعلاميين في دورهم التوعوي، وصد رجال الإخوان الإرهابيين في الفيافي والقفور ليؤمنوا لمصر مستقبل آمن بعيد عن الإرهاب، أحيي جيش مصر وأترحم على شهداء الوطن من القضاة والشرطة والجيش بالطبع وحتى من المواطنين العاديين الذين لم يضنوا على الوطن بالدم من شأنه تسطير مستقبل جيد للبلد.
المختصر المفيد كل عام وأنتم متذكرين، كيف كنا؟ وعلى من خرجنا؟ ومصر محفوظة- بإذن الله-