سليمان شفيق
المعارضة الداخلية لابي احمد في مواجهة جوهر محمد تدفعة للتشدد
نجحت وزارة الخارجية في تشجيع المجتمع الدولي على التحرك وتحمل مسؤولياته تجاه سد النهضة'> أزمة سد النهضة والنظر بعين الاعتبار لهذه القضية باعتبارها تهدد السلم والأمن الدوليين وتهدد استقرار الشعب المصري وتعرضه للخطر
يحدث ذلك في سياق التوترات الدينية والقبلية في اثيوبيا حاليا و في خضم المظاهرات التي تشهدها إثيوبيا برز اسم جوهر محمد (33 عاما) كرمز جديد يمثل المعارضة، وبعد أن ساند جوهر محمد في البداية رئيس الوزراء آبي أحمد، أصبح اليوم من أشد أعدائه، رغم انه كان من اشهر قليلة كان يعتبر جوهر محمد صانع فوز رئيس الوزراء الحالي آبي أحمد، الذي ينتمي مثله إلى إثنية الأورومو التي تمثل الأغلبية في إثيوبيا، وجوهر محمد هو خريج جامعتي ستانفورد وكولومبيا الأمريكيتين.
لكن مؤخرا انتقل جوهر محمد إلى صفوف المعارضين لآبي أحمد ليصبح من أبرز خصومه، حيث انتقد في عدة مناسبات علنا إصلاحات رئيس الوزراء، ثم رسخت اتهامات جوهر محمد على مواقع التواصل الاجتماعي لآبي أحمد بأنه يحاول إرساء دكتاتورية في إثيوبيا القطيعة التامة بين الرجلين، وهو ما أثار امتعاض آبي أحمد الحائز مؤخرا على جائزة نوبل للسلام؟!!
العلاقات بين الرجلين ساءت أكثر تزامنا مع نقاش في البرلمان حذر خلاله آبي أحمد من "أولئك الذين يملكون وسائل إعلام وليست لديهم جوازات سفر إثيوبية ويلعبون ألعابا ملتوية، تجدهم في فترات السلم ويغيبون في فترات الاضطرابات"، إشارة فهم الجميع من خلالها بأنه يقصد جوهر محمد الذي يحمل جواز سفر أمريكي.
وناهيك عن تكوينه الصحفي فهو أيضا المدير التنفيذي ومؤسس "شبكة أوروميا" الإعلامية التي تتمثل أساسا في قناة أنشأها في مينيابوليس حين كان يعيش في الولايات المتحدة، وتعتبر هذه القناة التي تبث عبر الأقمار الصناعية لسان المعارضة بامتياز، واستخدمها جوهر محمد لأغراض سياسية في الماضي.
خطورة الخلاف بين ابي وجوهر انها تقسم الاورومو وتثير القلاقل القبلية من جديد ، والتعددية الدينية في اثيوبيا : وطبقاً لآخر إحصاءٍ وطني للسكان 2007 ،يشكل المسيحيون 66.5% مِنْ سكانِ البلادِ (43.5 % أرثوذكس ، 19.3% طوائف أخرى كبروتستانت وكاثوليك)، مسلمون 30.9%، وممارسو المعتقداتِ التقليديةِ 2.6% ـ( كتابَ حقائق وكالة المخابرات المركزيةِالامريكية )ــ.
المسيحية أرثوزكسية لَها تاريخ طويلة في إثيوبيا تَعُودُ إلى القرن الأولِ، ولها حضور مهيمن في وسط وشمال إثيوبيا، والبروتستانتية لَها وجود كبير في جنوب وغرب إثيوبيا، هناك أيضا مجموعة قديمة صغيرة مِنْ اليهود، (يسمون ب بيت إسرائيل)، يَعِيشُون في شمال غرب إثيوبيا، مع ذلك أكثرهم هاجرَ إلى إسرائيل في العقود الأخيرة للقرنِ العشرين كجزء مِنْ مهماتِ الإنقاذِ التي قامت بها الحكومة الإسرائيلية،من خلال عملية موسى والعملية سليمان يَعتبٍر بَعْض العلماءِ الإسرائيليينَ واليهودِ هؤلاء اليهود الأثيوبيينِ بأنهم القبيلة الإسرائيلية المفقودة، وبدأ الاسلام في اثيوبيا 615 م ، ويصل عدد المسلمين الي 25 مليون ويعد الديانة الثانية بعد المسيحية .
اما عن التعدد القبلي والعرقي فالقومية الأمهرية: تنتشر في شمال البلاد، تقدر نسبتها بـ 25%، حكمت البلاد لعقود، ومن أبرز السياسيين الذين ينتمون إليها الإمبراطورهايليسيلاسي، وقبله الإمبراطور مينيليك (1889-1913)، وبعده نظام “ديرج” لمينغيستوهايلي مريم هيمنت هذه القومية على جميع القوميات الأخرى وجعلوا لغتهم لغة البلاد الرسمية، استعادت السلطة من التجريين الذين يقطنون ولاية تجرى بوصول مينيليك الثانى إلى الحكم عام 1889 ، والأمهرية هي لغة جمهورية إثيوبيا الفدرالية الديمقراطية، حيث تعتمد في المراسلات الرسمية، وهي لغة الجيش الإثيوبي ولغة الماركات التجارية وغيرها، والنسبة الاكبر من هؤلاء ضد ابي احمد وتعتبرة ديكتاتور .
القومية الصومالية: تقدر نسبة هذه القومية بنحو 6.2%، ويقطن سكانها في إقليم أوغادين الذي يعرف بالإقليم الخامس بحسب التقسيم الإداري الإثيوبي، وقد ضُمَّ إلى إثيوبيا منذ عام 1954.. تنتمي الغالبية العظمى من السكان إلى الأعراق الصومالية، وخاصة قبيلة الأوغادين إحدى قبائل الدارود، كما توجد فيه جماعات الدناكل، وهناك جالية عربية استقرت في المنطقة واختلطت بالسكان منذ عهد قديم. طائفة تيغراي: تقطن منطقة صغيرة تقع على حدود البلاد الشمالية مع إرتيريا، تشكل نحو 6.1% من سكان إثيوبيا، ورغم ذلك فهي العرقية التي تحكم إثيوبيا منذ تولي ميليسزيناوي السلطة عام 1991. وتسيطر تيغراي على قوات الجيش، إذ إن نسبة 99% من ضباط قوات الدفاع الوطني من هذه الطائفة، ونسبة 97% منهم من نفس القرية، فيما عدا رئيس الوزراء المستقيل، هيلاميريامديسيلين الذي ينتمي إلى طائفة “وولايتا” التي تشكل معظم سكان منطقة الأمم والجنسيات والشعوب الجنوبية. ولم يكن لعرقية التيغراي تأثير على الحياة السياسية، لكونهم لا يشكلون حجما سكانيا يحسب له، غير أن بروز “الجبهة الشعبية لتحرير التيغراي” بزعامة زيناوي عام 1989، قلب المشهد السياسي في البلاد، حيث تولى زعامة البلاد من عام 1991 حتى وفاته2012 ، الامر الذي يثير القلاقل والاحتجاجات الان وتهدد بالصدام بين الارومو والتيلغراي.
بداية التوتر بين ابي وجوهر:
التوتر بين آبي أحمد وجوهر محمد اشتد في 23 أكتوبر 2019 حين صرح هذا الأخير على فيس بوك أن عنصر الحراسة الشخصي الذي خصصته السلطات الفدرالية لحمايته تلقى الأوامر بالانسحاب. فأكد أن سحب الحماية يندرج في إطار خطة تسمح لمعادين له بمهاجمته إلا أن السلطات أجهضت هذه الخطة، مباشرة بعد هذه الاتهامات نزل أنصار جوهر محمد إلى الشوارع للتنديد بممارسات آبي أحمد المتهم بالتحضير لاعتداء ضد خصمه، واندلعت مواجهات بين أنصار الأخير والشرطة في البداية بأديس أبابا قبل أن تنتشر في منطقة أوروميا، فأحرقت الإطارات المطاطية ونصبت الحواجز وقطعت الطرقات في عدة مدن، وخلفت المواجهات حصيلة ثقيلة بلغت بحسب الشرطة 67 قتيلا.
وبذلك يكون جوهر قد استطاع ان يشعل النار في اغلب منجزات ابي التي حصل بها علي جائزة نوبل للسلام مثل انهائة خلافات 2017 ، حول الحدود مع إقليم "الأرومو" اندلع في سبتمبر 2017، وأسفر عن سقوط قتلى وجرحى ونزوح نحو 600 شخص إلى إقليم "هرر"، واستطاع أبي أحمد أن يوفق بين شعبي الإقليمين حينذاك.
الامر الذي يستدعي تأجيج الصراع من جديد حول مدينة "أمبو"، مركز المعارضة بإقليم "الأرومو"،والاساس للمظاهرات والمعارضة ضد النظام و يهدد باندلاع خلافات اخري في ابريلزارومدينة جوندر في إقليم أمهرا ، وفي مدينة أواسا ، حيث يعيش 56 قومية يشكلون حوالي 70% من القوميات والقبائل الاثيوبية.
جوهر محمد الذي يقدم نفسه على أنه "أورومو أولا"، قبل أن يكون إثيوبيا، كثيرا ما يتهم بتأجيج التوترات الدينية. لكن من المؤكد أن لديه ثقل لا يستهان به على مواقع التواصل الاجتماعي حيث يتابعه أكثر من 1.7 مليون شخص على فيس بوك و125 ألف شخص على تويتر. هؤلاء يتابعون كل يوم انتقاداته الشديدة للسلطة.
وفي هذه الفترة التي تسبق الانتخابات التشريعية التي كان مقرر إجراؤها في 2020 قد تضعف هذه المواجهة آبي أحمد، ويرى المتخصص في القرن الأفريقي إيلوا فيكات في حديث لفرانس24، أن كلا من الرجلين يحاول اختبار الآخر وتقييم قدرته على الحشد. لا أحد منهما يرغب في سيناريوهات مرعبة إلا أن كلاهما يرغب في دفع الآخر إلى الخطأ، وهو ما قد يؤدي إلى التسبب في أعمال عنف واسعة.
وقال إيلوا فيكات: "يبدو أن جوهر محمد هو أخطر منافس لآبي أحمد، للحصول على دعم الأورومو للانضمام إلى التجمع الذي يرغب في إنشائه. ولكنه يعبر عن شكوك حول قدرته على استمالة غير الأورومو، حيث يبدو أنه مكروه خارج هذه الإثنية.
ويقول آلان جاسكون "إن جوهر محمد يلعب لعبة خطيرة، لأنه يحاول تقسيم القاعدة الجماهيرية الانتخابية لآبي أحمد من خلال استغلال حنق أقلية الكيرو، الذين لم يحصلوا على الحكم الذاتي السياسي والثقافي اللذين يطالبان بهما كما يطالبون أيضا بتحسين ظروفهم الاقتصادية لا سيما وأن إثيوبيا لا ترغب أبدا في إثارة النعرات الطائفية الهشة في البلاد.
ووفق لما نشر في المركز المصري للفكروللدراسات الاستراتيجية:
"وافق المشرعون الإثيوبيون اليوم على مد فترة حكم رئيس الوزراء الإثيوبي ابي أحمد وتأجيل الانتخابات البرلمانية في البلاد متعللين بأن التأجيل يأتي بسبب جائحة كورونا.
الخطوة التي قام بها المجلس الإتحادي الإثيوبي ” البرلمان الإثيوبي” ومجلس الشورى بالموافقة على مد فترة أبي أحمد في الحكم أغضبت المعارضة الإثيوبية التي تتهم رئيس الوزراء الإثيوبي باستغلال ظروف جائحة كورونا للبقاء لمدة أطول في منصبه كرئيس للوزراء ووفقاً لصحيفة “ديلي ميل” البريطانية التي أضافت أن الخبراء والمتخصصين يرون فيما جرى شرارة قد تؤدي لمظاهرات ضد الحكومة ومقاطعة لها.
وفقاً لبيان نشر على وكالة الأنباء الإثيوبية فإن ” المجلس الاتحادي الأثيوبي وافق على تمديد مدة جميع التجمعات الحكومية إلى أن تعلن منظمة الصحة العالمية انتهاء خطر كورونا".
وبرغم من عدم تحديد المشرعين الإثيوبيين لموعد محدد للانتخابات لكن توصية لما يعرف بمجلس التحقيق الدستوري كشفت أن الانتخابات المحلية يمكن أن تعقد بعد 9 إلى 12 شهر من إعلان منظمة الصحة العالمية إنتفاء خطر فيروس كورونا وفقاً للمصدر.
وفي أول رد فعل لحزب جبهة تحرير الأورومو قال قائد الحزب داود إبسا ” أن قرار المجلس الاتحادي ليس له أي أساس دستوري".
اما قليم التيجراي يعلن تمسكه بإجراء الانتخابات الإقليمية التي كانت مقرر لها في أغسطس المقبل، برغم من قرار الحكومة التأجيل.
الامر الذي جعل الخبير البريطاني المتخصص في الشأن الإثيوبي وليام دافيسون من مركز “إنترناشونال كرايسيس جروب” قال ” إذا ما رفضت الأحزاب الكبرى توصيات مجلس التحقيق الدستوري فإن المظاهرات ومقاطعة الانتخابات ستصبح حقيقة ، وهو ما يهدد قيام انتخابات في 2021 من الأساس كما سؤددي ذلك لعدم الاستقرار السياسي في إثيوبيا وتقويض التحول الديمقراطي المخطط إليه".
كل تلك المتغييرات لايملك تجاهة ابي احمد الا التشدد والامساك بقضة سد النهضة التشدد ليكسب انصار في مواجهة جوهرمحمد ،في وقت بدأت فية الولايات المتحدة الاتحاد الافريقي، واغلب الممولين يخشون من تشدد ابي احمد وينتظرون حل متوازن يضمن لهم الاستقرار في اثيوبيا ومنطقة الايفاد بأكملها .
زعيم المعارضة محمد حوهر
رئيس الوزراء ابي احمد