الأبرياء يموتون لتعيش النخبة
بقلم : حنان فكرى
الطامعون يغريهم بريق السلطة فتعمى ابصارهم .. يزجون بالابرياء الى الجحيم.. يقدمونهم ذبيحة تحت اقدام الكراسى فى المساء .. وفى الصباح يفاوضون على دمائهم .. زج الطامعون المهوسون بشهوة السلطة الابرياء من انصارهم الى جحيم خشينا الا نتحمل تبعاته من دماء طالما احترقت بها قلوب المصريين جميعا مرات ومرات.. دفع المحروضون الابرياء ومن ورائهم النبلاء ليموتون بدلا منهم ثم " يمصمص" المحرضون الشفاه فى شفقة ابعد ما تكون عن مشاعرهم و ينفون اشتراكهم فى الاثم .. انها احداث العباسية ..
الم يقل الشيخ حازم ابو اسماعيل و يحذر فى اعتصامه امام اللجنة العليا للانتخابات حينما تم استبعاده .. انه غير مسئول عما يمكن ان يفعله انصاره و اخذ يحذر ويحذر .. اين هو الان ابن الامريكية قد لاذ بالفرار من اول معركة ليترك من زج بهم يواجهون الموت من اجل قضية مجهولة المعالم .. وهو ما يسلمنا الى التساؤل التالى : ما السبب الاساسى من التصعيد عند وزارة الدفاع ؟؟ لنقرأ تصريحات السلفيين والجماعة الاسلامية والاخوان المسلمين جميعهم ساندوا الاعتصام واعلنوا المشاركة.. وعندما انقلب الامر الى بركة دم تنصلو جميعا بل لم نجد منهم احدا على خط المواجهة تركوا المنقادين الذين ذهبوا للتظاهر ضد المادة 28 التى حاربت التيارات الدينية للتصويت عليها بنعم قبل بضعة اشهر فى استفتاء مارس 2011 .. الم تكن الصورة واضحة حينها ام ان الصفقة كانت على ما يرام ؟؟! الم تكن المادة حينها تمهيدا للتزوير ام ان مقاعد البرلمان ازاغت الابصار عنها ؟!
انها المصلحة .. نعم هم سعوا وراء ما يخدم مصالحهم و زجوا بالابرياء منهم ليدافعوا عن قضية حسموها هم من قبل .. وتعرض الابرياء مغيبوا العقول للذبح على ايادى البلطجية.. ايا كان من دفع هؤلاء البلطجية الى مهاجمتهم .. فعلى اى الاحوال كنا نعلم ما سيحدث واختبرناه سابقا فى اكثر من موضع .. ثم انضم اليهم النبلاء من الثوار .. ليؤكدوا على وحدة الثورة و على نبل الاهداف وعلى طريقة " جيفارا " راحوا يدافعون عن الحق فى الاعتصام حتى لو اختلفوا معهم فى الاسباب .. ثم تصاعدت المطالب بتسليم السلطة .. و لا اعلم حقا لمن يرغبون الان فى تسليمها؟! .. هل للبرلمان الذى لم يستطع حتى الان ادراة اموره ومنقسم على بعضه البعض .. ام يعديوننا الى نقطة الصفر مرة اخرى .. و لا ارى غضاضة فى ان اعلنها صريحة فالتيارات التى توافدت على العباسية تؤكد ان الهدف لم يكن بريئا تماما لدى البعض و انهم يبغون فى افتعال ازمة المراد منها القفز على الحكم ظنا منهم انهم سيربحون معركتهم عند وزارة الدفاع .
اما الشيخ حسن ابو الاشبال فدعا الناس للخروج لالقاء القبض على المجلس العسكرى و احاطة وزراة الدفاع .. !! فلماذا لم يخرج هو .. " الشيخ مش عايز يموت فبيبعت الناس تموت بداله وهو مستنى الكرسى ؟!!".. قال لى احد الزملاء الذين ذهبوا الى هناك :" سمعنا البعض يقول سوف نصلى العصر فى وزارة الدفاع " فاى تصور ذاك الذى سيطر على اذهان بعضهم هل سيحاربون القوات المسلحة مثلا .. وبغض النظر عن التفاوت فى القوة التسليحية للطرفين .. فكيف تسقط الثورة فى بئر ملوثة بدماء الجميع هذا امر غير معقول و غير مقبول
و لاول مرة منذ بداية الثورة حتى الان اجدنى متعاطفة و ناقمة فى ذات الوقت على القوات المسلحة التى نظمت مؤتمرا حذرت فيه من المساس بالحواجز او محاولات اقتحامها .. لاول مرة اجدنى احاول ان اتبادل الادوار مع المجلس العسكرى .. و اجد ان الذهاب الى هناك ليس الا " جر شكل " بل منح المبرر للعسكر الجاثمين على الحكم للبقاء فيه مدة اطول .. و تسليمهم السلطة على طبق من ذهب من خلال ثغرة نصنعها نحن بايادينا فاذا كان العسكر يود فرض الأحكام العرفية لفرضها فى احداث اكثر سوءً من ذلك .. و معلوماتى المؤكدة ان المجلس زاهدا فى السلطة .. فالسلطة فى بلدى الان لم تعد رفاهية و انما حملا ثقيلا مراقبا رقابة شعبية وثورية مؤلمة لمن يجلس فى سدة الحكم .
اما عن النقمة فتاتى فى المرتبة التالية لان القوات كان عليها حماية المعصمين ممن هاجموهم منذ اللحظة الاولى فلماذا تركتهم يموتون و تدخلت عندما سالت الدماء بمنتهى الوحشية .؟ لماذا لم تتدخل الا حينما ذبح و قتل الشباب و لم يكن التدخل الا لفصل المسلحين عن العزل ؟ و كذلك نقمت على القوات بسبب ممارستها العنف مع المعتقلين ومن تم القبض عليهم .. فلماذا العنف فالجيش قوة نظامية ان مارست تصفية الثأر الشخصى مع المعتقلين الذين اغضبوهم بالسب و الشتائم و ارهقوهم بالاعتصامات و الاحتجاجات . . انتقصت من هيبتها تلقائيا .. هذا بخلاف القبض على الاطباء والصحفيين والمصورين الذين ذهبوا لتأدية واجبهم المهنى فهل نعاقبهم على اداء واجبهم تجاه ابناء الوطن حتى لو كان ضمنهم العاق و الارعن و البلطجى .. فكرة العقاب الجماعى وحدها كفيلة باسقاط هيبة القانون الذى يمنح الهيبة للدولة تلك الهيبة التى ترتكن اساسا الى العدالة و ليس البطش
فى كل مرة اشتبك الثوار مع العسكر كنا الخاسرون .. ليس فقط على ارض المعركة ولكن على ارضية الميدان فالشعب سأم الصراع .. الناس البعيدة عن التظاهرات ارهقها عناء الهزات الثورية المطالبة بالتغيير الذى لا يعنيهم فيه الا ان يطعموا ابنائهم مساء ً و ينامون دون تهديد ليبحثون فى الصباح عن ارزاقهم .. و حدث ما كنا نخشاه و تآكل تعاطف الشارع مع الثوار تدريجيا .. لانه اذا تعارض الحلم العام مع الحلم الخاص افقنا جميعا على كابوس فقدان الاثنين .
و ما يدلل على ذلك المشهد الذى اعقب فض الاعتصام فى ميدان العباسية بل و يكشف حجم الخطر الذى شعرت به القوات المسلحة من قدوم مسلحين قرب وزارة الدفاع .. انه احتفال قوات الجيش بإجلاء المتظاهرين.. ومشاركة الجنود بعض أهالي المنطقة الذين هتفوا: الجيش والشعب أيد واحدة، وأحضروا للجنود مكبر صوت رددوا من خلاله أناشيد القوات المسلحة، ونداء الصاعقة الشهير: صاعقة.. فداء للمجد .. وعدت بالذاكرة لكل الاحداث التى اشتبك فيها الجيش مع الثوار و لم اجد فيها مرة واحدة حدث فيها ذلك و تعجبت لماذا فى تلك المرة ؟ فالتحريات العسكرية اكدت مساء الخميس ان هناك مسلحون قادمون على الطرق تم ضبطهم فىاكثر من مكان منهم من جاء على طري قالكريمات من بنى سويف وتمكن بعضهم من الهرب .. فالمجلس يدرك تماما ان هناك من يود انتهاز الفرص ليقفز على السلطة .
منذ اللحظة الاولى للثورة و نحن نحلم بالحرية و الخبز والعدالة الاجتماعية .. لم يأت اى منهم .. و لم نقف عند نقطة الصفر بل تراجعنا .. لماذا حدث التراجع ؟؟ .. ان كنا جادين فى معرفة الاسباب .. ان كنا جادين فى الوصول الى الحقيقة دون ممالئة ولا مزايدة ولا رغبة فى الشو الاعلامى .. ولا خوفا من الانتقادات الحادة من اى طرف علينا ان نواجه انفسنا حقا .
هؤلاء العزل الا من النبل الثورى يدفعون الان ثمن طمع البعض والرعونة السياسية للبعض الاخر ممن زجوا بهم الى هذا الجحيم ..كلنا شريك فى الجرم .. من تعمد تكرار الظهور مهيجا ومؤججا فى صدور الشباب حماسة غير مسئولة و رغبة غير مروضة فى الخلاص من الحكم العسكرى دون وعى بمعطيات المرحلة الراهنة وما تشهده من انسداد سياسى واختلافها عن بداية الثورة.. الكل شارك فى الجرم .. من احترف الجلوس امام كاميرات الفضائيات لينفس عن احتياجه لتحقيق الذات من خلال بث التحريض شارك فى الجرم .. من يصمت الان مفضلا الا يعارض بعض القوى الثورية خشية ان يروج البعض عنه انه خان الثورة ثم يظل مزهوا بانه رمزا ثوريا على حساب دماء هؤلاء.. قد شارك فى الجرم ..من حاول استغلال الموقف لحصد مكاسب سياسية من مرشحى الرئاسة او البرلمانيين او غيرهم فاشعر المعتصمين ضمنيا بالامان ثم رحل ليباشر اعماله .. شارك فى الجرم .. نعم كلنا شريك فى الجرم .. تبا لتلك النخبة التى لا تسعفها الحكمة فى المحكات فاعتادت المرور الى الاضواء عبر أشلاء من آمنوا بها.
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :