د. مينا ملاك عازر
لا أعرف بشكل قاطع، لماذا أكتب هذه الكلمات؟ هل لكوني أريد تسجيل تجربتي أم مشاركتها مع سيادتكم لعلكم تستفيدون منها، وتعم الاستفادة أم لأنها قضية تستحق النقاش والتأمل والبحث بمنهج تحليلي '>منهج تحليلي وتأويلي وضعه ديكارت الفيلسوف الفرنسي، لنصل لأعماق تلك المسألة التي سأطرحها عليكم.
كورنا طبعاً يؤرق الكثيرين، بل يكاد يعصف ببيوت كثيرة، ويهدم علاقات وطيدة، ولعله عصف بقلوب وأدخلها دائرة الاكتئاب، واختطف عقول وجعلها تدخل دائرة مغلقة لانهائية من الشك والقلق والضيق والخنقة والكره للجلسة في البيت، وعدم الاستجابة لفخ الحكومة الرامي للتخل لأكبر كم من الشعب أو الاستجابة لنداء الإنسانية الراغبة بالاستمتاع بالصيف وملاذ الحياة أو الاستجابة لنداء غريزة الرغبة في البقاء، وبالتالي البقاء في البيت والهروب من كورونا، وهذا النزاع الداخلي الذي يجعلنا في دوامة لا نعرف ننزل ونخرج أم نبقى في البيت، كمثال تلك الحالة التي يقدمها برنامج صحة مصر والتابع لوزارة الصحة المصرية، متناقض في دعواه مع ما تريده الحكومة المصرية ذات نفسها، وكأن الوزارة في وادي والحكومة في وادي تاني، المهم تلك الدوامة الإنسانية التي يدخلها المرء بسبب وجود كورونا، يدق الأبواب وينتظرنا تحت باب البيت وفي المواصلات العامة وعلى أبواب المستشفيات وغيره جاءتني في لحظة ما فرصة قراءة بعض الروايات البوليسية للمؤلفة العالمية أجاثا كريستي، والتي كنت واحد من قرائها وقتما كنت صغير، فاغتنمت الفرصة، والفرصة جذبتني لدوامتها، وأخذت قراءة قرابة الأربع روايات منها، ولم أدر بنفسي، ولا أخفي عليكم أنني كنت مستمتع جداً، ونسيت كورونا وقت قراءة الروايات الأربع هذه.
والسؤال هنا، هل استمتاعي بهذا هو نوع من الحنين لفترة قراءة الروايات والبعد عن السياسة المؤرقة وأخبار كورونا أم لأنني كنت أختطف لواقع مرير واقع الرواية البوليسية حيث جريمة القتل التي كانت تاسرني بحبكتها ووقتما أعود للواقع الكوروني والسياسي المتأزم، كنت أشعر بأنه أقل خطر وأخف وطأة، ما يعني أنني أهرب من الوقاع المرير لواقع أشد مرارة، وحين أعود لواقعي الحقيقي كنت أشعر أنه هين، أم أنها كانت تخطفني ولا تجعلني أشعر بالوقت وبقائي محبوس تحت رحمة كورونا أم أنها تجعلني لا أقرأ أخبار وأعداد وزارة الصحة، ولا أتابع التناقض المأساوي بين أفعال الحكومة ووزارة الصحة، وبين المنطق القائل بضرورة البقاء في البيت كما تدعو وزارة الصحة، والخيال الغير مفهوم الداعي بالنزول والانفتاح على الحياة الطبيعية الذي تدعو له الحكومة، لا أعرف نجاح أجاثا كريستي في جذبي، وتهوين الحال يرجع لأي شيء مما سبق وعرضته، لكن أثق في أن الواقع يقول أنه يجب البقاء في البيت، وعدم الانشغال بالحياة الطبيعية المزعومة والمنصوبة كفخ يحاك للخلاص من أغلب الشعب المصري من قبل الحكومة التي يبدو أنها ضاقت بالشعب ذرعا.
المختصر المفيد اقرأوا فالقراءة غذاء للروح، وآفاق جديدة تنقلكم لأبعد مما تتخيلوا.