كتب : مدحت بشاي
medhatbeshay9@gmail.com
لعل من أبرز النتائج السلبية التي خلفها ذلك الكيان السرطاني المخيف لقوى جماعات الإرهاب والتخلف عبر وحودهم بيننا بعناصرهم وقياداتهم المتطرفة ، هي خلق أشكال من التمايز بين الناس في المظهر والملابس و درجات الإيمان الديني والتقاليد ، بل ولغات التخاطب ، ثم إقحام الدين في كل شئون الحياة ( اقتصاد ديني ، ملابس شرعية ، إدارة دينية ، تعليم ديني ، ثقافة وإعلام ديني .. ، وفي المقابل المطالبة بــ" سينما نظيفة " ولا تسألني المعنى والهدف ، و كمان إطلاق فتاوى التحليل و تحريم ممارسة العديد من الفنون .. فينزوي شباب الإبداع و أصحاب الذائقة النقدية ويحرمون من مساحات الإبداع المستقل ، وحق المبادرة والسبق الفني والتميزالجمالي
لا شك ، أن العقل النقلى النمطي تحت مظلة وحماية إرث هائل من التهويمات الخادعة بترويج روحانيات آسرة لعقول ووجدان البسطاء منا باتت تفصلنا وتبعدنا عن الانحياز لمنهج التفكير البحثي الصادق في أسانيده و مراجعه الفكرية لنصرة ورفع كفة التفكير الارتجالي الجاهل ، مما يدفع في اتجاه قبول الذهاب إلى أوراق وتفهمات أهل عصور سحيقة عاشوا محددات وظروف دنيا مختلفة تمامًا عن دنيا الناس وأحوالهم الآن ، بل و تقديس و تعظيم الماضي ورموزه وانتاجهم الفكري والإنساني ورفع مكانته رغم أنه يمثل في النهاية منتج بشري قابل للمراجعة والجدال ..
في حديث قديم نُسب إلى رئيس الوزراء البريطاني الأسبق " توني بلير " قوله:" في معظم الأديان بعدان متنافسان: البعد الأول إقصائيّ، بمعنى إيماني في مواجهة إيمانك، و هنا علّة التطرف. وبعد آخر تضميني، ويتجلى في مدّ اليد إلى الآخرين والانفتاح عليهم. وبدلا من أن يكون الإيمان مصدرا للانقسام و النزاع، ثمة جانب آخر غالبا ما لا يجيد عالم الدين إبرازه، وهو جانب التعاطف والتكافل والعدالة الاجتماعية..
وعليه ، أرى أن عمق وجدارة و سمو التوجه الفكري ــ دون صياغات تقعيرية ـــ لا يتعارض مع سهولة التلقي والتماهي معها ، لو تعمدنا تبسيط مبادئ العقلانية وأفكار دعم حالة التواد والمحبة والترفق ، وقبول الاختلاف والتعدد والإيمان بالإنسان وحرياته...، إنها مهمة فكرية تستحق أن يُبذل من أجلها الكثير من الجهد وحشد كل الإمكانيات المادية والبشرية
إن الكم الهائل المطروح و المشاع من الأفكار المتطرفة والسوداوية عبر كتيبات صفراء أو نشر عبارات تتسلل لدور العلم والتعليم و ساحات الثقافة وبرامج الإعلام العامة منها والدينية ، بل ومن خلال جيوش و كتائب الكترونية باتت تصادر على حق أصحاب مساحات إيجابية في ممارسة التواصل المعرفي والإنساني الحضاري بين مستخدمي تلك الوسائط و الآليات الحديثة .. هذا الكم الهائل المتنوع الأشكال و المتعدد الأغراض و المآرب الشيطانية بات يشكل حجر عثرة في سبيل نجاح كل الجهود الفردية والجماعية لإعداد خطاب منهجي علمي شامل موضوعي واقعي للتنوير و التقدم فى كل المنطقة للأسف !!!!
تعالوا نهجر عالم القوالب التقليدية لإنتاج خطط إصلاح ما فسد بعقد المنتديات و ورش العمل والملتقيات والصالونات الثقافية في الغرف المحدودة المساحة المكانية والضيقة الأفق الفكري إلى ساحات الممارسة والتجريب والتفاعل الإنساني .. فليكن حضورنا في مواقع وضع المناهج المدرسية .. تعالوا معًا صوب استوديوهات الإنتاج السينمائي والدرامي .. و في مواقع الدرس والوعظ والإرشاد الديني .. وغيرها من مواقع التفاعلات النفسية والتربوية والفكرية ، ضمن إطار عام للعمل المشترك لدعم خطاب متفق على أهدافه وآليات تحقيقة ، فلا نجد مايتم من إصلاحات في قطاع ما يفسدها توجهات و آليات العمل في قطاع آخر ..
تعالوا إلى الاتفاق على عقد اجتماعي جديد يضمن حالة صلح جادة بين أهل الإصلاح والتنوير وكل القائمين على أمر مؤسسات التنشئة والتربية والتعليم والثقافة والمؤسسات الدينية والخيرية والاجتماعية بعزم و نية لإدارة التغيير بحماس وحيادية من أجل حالة اندماج وطنية ..