لا اسلاموفوبيا ولا رد فعل طبيعي ضد أسلمة الغرب
بقلم :مجدي جورج
وصلتني علي الايميل دعوة من موقع الحوار المتمدن للمشاركة في مناقشة حول موضوع (هل ما يحدث في الغرب هو اسلاموفوبيا ام رد فعل طبيعي ضد أسلمة الغرب ) . وبما انني أعيش في الغرب منذ فترة ليست بالقليلة ومتابع الي حد ما تفاصيل ما يحدث في هذا الموضوع فإنني رايت ان ادلو بدلوي في هذا الموضوع الخطير.
وبعيدا عن التنظير والادجلة ومن خلال الأمثلة والمواقف الفعلية والواقعية فإنني اقول ان ما يحدث في الغرب بعيد كل البعد عن الاسلاموفوبيا وبعيد كل البعد عن رد الفعل الطبيعي لمحاولات أسلمة الغرب . بل انني اضيف ان ما يحدث في الغرب اليوم هو ما يمكن ان نطلق عليه( مسيحية_ فوبيا ) ، وبما انني مسيحي مصري اعيش في الغرب فان لدي العديد من الأمثلة التي تثبت صحة ما اقول :
اولا فى ضاحية مونتري القريبة من باريس تتبرع البلدية بالماء والكهرباء للمسجد (مع انها لا تفعل هذا ابدا للكنائس ) الذي أنشئ بمساعدة عمدة مونتري كما اكد لي ذلك احد الأصدقاء المسلمين وهو مصري الجنسية ويصلي هناك دائما ، بل ويذهب العمدة مهنئا لهم في كل عيد ونفس هذا الامر تم مع المسجد الكبير الموجود في ضاحية بانيوليه.
ثانيا في اعياد الميلاد كنا نري الشوارع تتزين بعبارة
. Joyeux Noël
والآن رفعت هذه العبارة في بعض الاحياء وحلت محلها محلها عبارة
Bonne Fête
مراعاة كما فالوا لمشاعر المتطرفين ولا نعرف هل العبارة الاولي ستضر فعلا بمشاعر المتطرفين المرهفة ام هي التنازلات والخوف من تكدير السلم الاجتماعي الذي نظن انه سيتضرر اكثر واكثر بمثل هذه التنازلات التي تثير شهية هؤلاء الباحثين عن تدمير الحضارة الغربية ؟ نفس هذا الامر ينطبق علي شجرة الميلاد التي بدات ترفع من مدارس بعض الاحياء لنفس السبب السابق.
ثالثا تقوم الدنيا علي راسها اذا مس الاعلام الاسلام باي كلمة نقد ولو حقيقية ويتهم صاحبها بالعنصرية ويوقف عن العمل ويحاكم ويغرم في الغالب الاعم ولكن المس بكل المعتقدات المسيحية هنا في الغرب عموما وفرنسا خصوصا هو إبداع وحرية رأي وهناك الان فيلم سيعرض يسمي علي ما اظن
Le Groupe du christ
اي ما معناه مجموعة او رسل المسيح ويظهر فيه تلاميذ المسيح ورسله كمجموعة من الشواذ جنسيا ، ومع ان هناك اصوات خافتة تعترض عليه الا ان خطط عرضه لازالت قائمة للان علي ما اظن .
رابعا لان الجالية القبطية كبيرة بفرنسا لذا فهي تحتاج الي كنائس متعددة خصوصا بباريس وضواحيها للصلاة بها وسأذكر لكم ثلاثة أمثلة تدل علي مدي معاناة هذه الجالية بالمقارنة بما يتمتع به المسلمين الوافدين من تسهيلات في هذا الامر :
الاول في بداية التسعينات حصل الاقباط علي مخزن كبير بضاحية باريس عشرين لبناء كنيسة عليه وعندما تأخروا في عملية البناء لضعف الإمكانيات المادية سحبت منهم نصف المساحة ، ولضعف الإمكانيات فان بناء هذه الكنيسة الصغيرة لم ينته الا بداية العام الحالي في حين ان المساجد بمجرد حصولها علي الترخيص المناسب فإنها تبني علي احدث طراز وفي اسرع وقت بتمويلات البترودولار الذي يغض الغرب النظر عنه.
الثاني ان هناك مجموعة كبيرة من الاقباط لا يجدون مكان للصلاة فيه الا في احد الكنائس التي يؤجرونها وذلك في ضاحية سانت أنطوان ولكن لا يسمح لهم الا بالصلاة ساعات محددة وأيام معينة فهم لا يستطيعون الصلاة كل الاحاد بل مسموح لهم بالأحد الثاني والثالث فقط من الشهرولا يسمح لهم بالسهر في الكنيسة للصلوات الا لساعات محددة وهكذا.
الثالث ان هناك كنيسة قبطية في ضاحية فيل جويف وبجوارها احد المخازن وعندما تقدم الاقباط لشرائها لتكون نادي للكنيسة رفض الطلب رغم استيفائه كل المطلوب ولكن عندما تقدم المسلمين لشرائها لبناء مسجد عليها ملاصق تماماً للكنيسة قبل الطلب .
خامسا ابني الذي يدرس في المدرسة الإعدادية رفض أصدقائه العرب في المدرسة اللعب معه لانه يأكل كل اللحوم حلال وغير حلال وسبوه لذلك ، وابنة احد أصدقائي في اول سنة لها في دراستها الابتدائية قالت لها صاحبتها المسلمة انتي تعبدي الشيطان عندما عرفت انها مسيحية . وعندما ذهبنا للشكوي اهملوا شكوانا بل ان احد المدرسين الفرنسيين سخر من السيد المسيح امام ابني ولم تفعل إدارة المدرسة اي شئ رغم شكوانا ، كل هذا في مقابل ان اي فعل مما سبق لو حدث مع احد المسلمين لقامت الادارة بإيقاف المدرس او الطالب عن المدرسة ولرفعت الشكاوي للادارة العليا.
سادسا لن احكي لكم عن اللحم الحلال ولا المسابح العامة آلتي فصلوا فيها بين الجنسين ولا عن زوايا الصلاة التي يسمحون بها للمجندين الفرنسيين من اصول اسلامية رغم عدم توفر كنائس للمجندين المسيحيين.
يا سادة ما سبق هو غيض من فيض كثير جدا جدا يبين لنا ان الغرب عموما وفرنسا خصوصا لا يوجد بها اسلاموفوبيا ولا يحزنون وكل المسالة انما هي محاولات لابتزاز هذا الغرب بهذه الكلمة لكي يقدم التنازلات اكثر واكثر كل ذلك يتم في ظل عدم وعي او تؤاطو او انتهازية من بعض الإعلاميين والمسئولين الفرنسيين.
وكما لا يوجد اسلاموفوبيا فلا توجد ايضا اي محاولات جادة لوقف أسلمة الغرب فالحقيقة ان الغربيين لا يبذلون ادني مجهود لوقف أسلمة اوروبا فهم لا يهمهم الدين باي شكل وهم علي استعداد لان يتقبلوا ان يتحول كل القاطنين في الغرب بما فيهم الغربيين انفسهم الي مسلمين طالما لا يمس هذا قيم العلمانية المتطرفة المطبقة بفرنسا وطالما لا يؤثر هذا بالسلب علي حياتهم فكما سمعتها من احد الفرنسيين فلا يهم ان كان رئيسهم يدعي فرانسوا او محمد المهم عندهم هو الا يخالف محمد القيم السائدة والا يسلبهم حقوقهم وحرياتهم التي دفعوا الغالي والنفيس من اجلها ، فإذا تحول الكل للإسلام كاسلام الجيل الاول من المهاجرين وليس اسلام الأجيال الحالية بمعني ان يرتاد المسلمون الحانات او علي الاقل لا يمنعونها ويتاففون منها بإحيائهم وان تكون نسائهم سافرات كالغربيات وان لا يغلقوا الشوارع وقت الصلوات ولا ان يزعجوا السلطات باللحم الحلال والمسابح المنفصلة ولا يتقوقعوا في احياء خاصة بهم اي يقبلوا بثقافة الاخر وعلمانيته ، لو فعل المسلمون كل هذا فان الغرب لن يضيره ان تصبح كل اوروبا اسلامية وهذا هو الواقع.
العلمانية الفرنسية علمانية متطرفة جدا في معاداتها للقيم الدينية المسيحية ((وقد حاول ساركوزي التخفيف من هذا التطرف بزيارته للفاتيكان والتحدث عن العلمانية الإيجابية ولكن من الواضح انه فشل )) في نفس الوقت فان المجتمع الفرنسي الحاد جدا في معاداته للقيم الدينية المسيحية فانه يظهر في منتهي التسامح مع قيم الاسلام واليهودية أيضاً وذلك حتي لا يتهم بالعنصرية ضد المسلمين او بمعاداة السامية بالنسبة لليهود ، للاسف نحن في عصر المسيحية فوبيا فالغرب لا يتسامح معها خوفا علي علمانيته والشرق يمنع التبشير بها خوفا ورهبةً منها .
Magdigeorge2005@ hotmail.com
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :