د.جهاد عودة
مفهوم الحاضنة الشعبية ترجع اصوله للزعيم ماو تتسى تونج عنما قال ببساطة " على الثورة ان تعيش وتتحرك وسط الجماهير مثل الماء فى البحر". وتطورت دراسات تحليل الحاضنة الشعبية لتستقر على المقولات التالية:
1- كما هناك حاضنة شعبية للثوره والتمرد مثلها للسلام والاستقرار والديمقراطية.
2- هناك دورة حياة للحاضنة الشعبية : تبدأ بالزوغ والتاسيس وتمر الى مراحل الانتشاء وديمومة وقمه استقرار والفعل وخلقه لمؤسسات له الى مراحل التراجع والتفكك.
3 - للحاضنة الشعبية اساسان وما يرتبط بها هى ظروف محلية متغيرة: الاساس الاول مجتمع متعاطف ، وثانيهما ادوار خالقه للتعاطف.
4- فى البداية يلعب القائد دور غالب فى هذه العملية وبعدها عند استقرار الفعل اجتماعيا تترك المهمة لافراد مساعدين على القمة الادارية.
5- يلعب عامل التكنولوجيا دورا فى الترويج علما ان تطور ادوات ووسائل الاتصال لها تأثير حاسم على مسارات الحاضة .
الحاضه الشعبية هى وكالة اجتماعية تتمثل فى القبيلة البدوية كالوكيل الاجتماعى السياسى. القبيلة تقدم للبدوي وحدة اجتماعية بيئية سياسية يرتبط أبناؤها بشبكة من العلاقات والحقوق والواجبات ولكن بالاضافة ان هناك الحقوق تنبع من البيئة الصحراوية ، وتعبر عن شكل حياة القبيلة البدوية. أن الحياة البدوية نظام اجتماعي سياسي أساسه القبيلة وشبكة من العلاقات الاجتماعية التي تحكم علاقة الفرد بأبنائه وشيخها الذي يحمل مكانة خاصة. وتعتمد الحياة البدوية على نظام انتاجي بيئي .
والجيش لا يرقى لنفس المكانة الاجتماعية فى النفسية البدوية الليبية وهذا مختلف عن فكرة حمل السلاح الذى هو من ارصدة البدوى الدوهرية. عندما نالت ليبيا استقلالها عام 1951؛ شكَلَ المحاربون القدامى في جيش السنوسي الأصلي نواة ما عُرفَ بالجيش الملكي الليبي. على الرغمِ من أنّ الجيش الليبي كانت لديهِ كميّات كبيرة من المعدات القتالية الموجودة تحت تصرفه إلا أن الغالبية العظمى تم شراؤها من الاتحاد السوفيتي في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي وكانت قديمة إلى حد كبير حيثُ ظهرت عيوبها خِلال فترة الحرب الأهلية الليبية.
من جِهة أخرى فالجيش الليبي باعَ كميات كبيرة من المعدات لمختلف البلدان الأفريقية وبالرغمِ من ذلكَ فهو يُعتبر عمومًا غير كفء ولا مُدرّبَ بشكلٍ جيدٍ.
في الفترةِ المُمتدة من أواخر السبعينات إلى أواخر الثمانينيات؛ تورّطَ الجيشُ الليبي في أربع عمليات توغل كبيرة على الأراضي التشادية لكنّه عانى من خسائر فادحة في هذه الصراعات وَخاصّة في جوله تويوتا عام 1987 ويرجعُ ذلك إلى حد كبير إلى سوء التكتيكات والمساعدات الغربية التي حصلت عليها دولة تشاد. هذه الأخيرة تمكّنت في نهاية المطاف من صد كل هذه التوغلَات ولم تعد ليبيا مُحتلة لها.
بحلول فبراير 2011؛ اندلعت الثورة الليبيّة ضدّ نظام معمّر القذافي ثمّ سرعان ما تحوّلت لحربٍ أهلية بعدَ تمرد العديد من وحدات الجيش وانضمامها لمعسكرِ المعارضة مما تسبّبَ في اندلاع معارك دارت رحاها في معظم أنحاء البلاد. ومعَ قدومِ سبتمبر من نفسِ العام كانَ الجيش الليبي قد تدمّر بالكامل تقريبًا بعدما تلقى ضربات جوية منَ الناتو وهجمات على الأرض كان يشنّها الثوار فيما هربَ أعضاءُ الجيش الموالين للقذافي بعد تمكّن المُعارضة والثوار من السيطرة على العاصِمة طرابلس أمّا الفلول فقد اتجهت صوبَ سرت، سبها وبني وليد مُحاولةً إعادة هيكلة نفسها هناك.
وقبلَ أن تنجح في هذه العملية؛ شنّ الثوار الليبيون هجومًا على تلكَ المعاقل ونجحوا في إنهاء الجيش بعدما قُتل معمر القذافي وابنه معتصم ووزير الدفاع السابق أبو بكر يونس فيمَا دُمرت بقايا ما عُرف بجيش الجماهيرية العربية الليبية.
اعتُبر الشعب المسلح في فترة حكم معمر القذافي إحدى المبادئ الرئيسية في السلطة الشعبية وفقَ الكتاب الأخضر حيث نصت بأنّ جميع فئات الشعب ينبغي لها التدرب على السلاح، حيث فرضت مادة دراسية يأخذها الطلاب من الثانوية تسمى «التربية العسكرية» يتم فيها تناول المبادئ الرئيسية للحروب وفن القتال ويتم التدرب على السلاح في جميع الثانويات في ليبيا وبالنسبة لبقية الشعب؛ يجبُ على كل مواطن أن يأخذ شهرًا في السنة للتدرب مرة أخرى على السلاح نظيرَ الخدمة في الشعب المسلح.
في 19 يوليو 1977 أوقفَ حرس الحدود المصري مسيرة احتجاجيّة فردت وحدات المدفعية الليبية من خِلال إطلاق النار على مواقع مصرية. تصاعدت الأمور بشكلٍ سريع وتوترت على مستوى الحدود بينَ الجانبين فتصاعدَ القتال في نفس اليوم من خِلال تبادل قذائف المدفعيات.
بعد يومينِ؛ تحركت فُرق مشاة وفرق مدرعات مصرية وحاولت على طول الساحل دفعَ الجيش الليبي للتراجع كمَا ا قامت مصر تنفيذها لغارات جوية مفاجئة ناجحة ضد قاعدة جوية ليبية جنوب طبرق مؤكدةً في الوقتِ ذاته على تدميرها لبطاريات صواريخ أرض جو ومحطات رادار.
انسحبَ الجيش المصري من هذهِ الحرب في 24 وليو فاتفقَ معظم المحللين الأجانب على أن الوحدات المصرية قد سادت وانتصرت .
خلال غزو أوغندا من قبل القوات التنزانية والمنفيين الأوغنديين في عام 1978؛ أرسلت ليبيا قوات تُقدّر بما بين 2000 إلى 2500 جنديًا للمساعدة في الدفاع عن عنتيبي وكمبالا من خلال تغطية تقاطعات الطرق بالمدرعات. وفي وقتٍ لاحق وُجّهت القوات الليبية عبرَ كنائب مُشاة لشنّ هجمات على الأرض لكنها فشلت في ذلك وقُتل حوالي 600 جندي ليبي خلال العملية فيمَا تم سحب الباقي على عجل.
بعد ما يقرب من عقدين من الزمن؛ انتهت محاولات العقيد معمر القذافي لضم شمال تشاد عام 1987 ففي الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام خسرت ليبيا كل الأراضي التي احتلتها في تشاد كما خسرت ما بين 500 مليون دولار ومليار دولار من الأسلحة وثلث قواتها البالغ عددها 15.000 جندي كما قُتل أكثر من 4984 جندي ليبي على أيدي القوات التشادية بين يناير وآمارس 1987. وكان الجنرال حفتر قيادات هذه الحرب. لقد هُزم الجيش الليبي من قبل قوة أدنى بكثير منه من حيث العدد والمعدات فيما كان انتصار تشاد نتيجةً لمزيج من التمويل الغربي الذي شملَ الأسلحة والمعلومات الاستخراتيّة فضلًا عن التكتيكات المُعتمدة.
جديرٌ بالذكرِ هنا أنّ فرنسا كانت قد وفرت الغطاء الجوي لحماية المناطق الخلفية التشادية في حين قدمت الولايات المتحدة مبلغَ 240 مليون دولار منَ المعدات والأسلحة كما ساهمت بمبلغ 75 مليون دولار كمساعدات عسكرية طارئة بما في ذلك طائرات النقل وأنظمة الدفاع الجوي. في هذهِ الحرب؛ عرضت القوات التشادية بعض الابتكارات التكتيكية المستحدثة مثلَ استخدامها لسيارات تويوتا في المناطق ذات الجغرافيا الصعبة وسيارات بانهارد الفرنسية الصنع كما استعملت صواريخ ميلانو المضادة للدبابات وصواريخ أخرى مضادة للطائرات بغرضِ تدمير الدبابات والطائرات الليبية.
في عام 2011؛ بدأت الاحتجاجات والتظاهرات ضد حكم القذافي في ليبيا والتي تزامنت أو شكّلت ما عُرفَ بالربيع العَربي. حينها استخدم القذافي قوات الشرطة والمرتزَقة لقمع الاحتجاج بعنفٍ وقد نتجَ عن ذلك ثورة مسلحة بين القوات الموالية للحكومة والقوات المناهضة لها.
انضمّت في وقتٍ لاحق كتائب من الجيش إلى الثوار ما زادَ من قوّتهم في مواجهة القوات الموالية لمعمر. بعد التقدم الأولي للثوار؛ بدأَ الجيش الليبي هجومًا مضادًا كما نجحَ بشكل مؤقت في صد مقاتلي المعارَضة. في 17 مارس 2011؛ أصدرَ مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة القرار رقم 1973 والذي يجيز استخدام «جميع الوسائل الضرورية» لحماية المدنيين في ليبيا «باستثناء إدخال قوات احتلال أجنبية». في يوم السبت الموافق لـ 19 مارس بدأت فرنسا في تطبيق القرار حيثُ حرّكت طائرة مقاتلة فرنسية للتحليقِ فوقَ المجال الجوي الليبي.
اما كتائب القذافي أو كتائب الأمنية هو مصطلح ظهر في الإعلام العربي بعد 17 فبراير 2011 وكانت قوات عسكرية موالية للزعيم الليبي معمر القذافي أسندت إليها مهمة الدفاع عن النظام السياسي آنذاك. لم تكن لهذه القوات صلة مباشرة بالجيش الليبي النظامي لكنها كانت تفوقه تجهيزا وتدريبا، ولم يكن لهذه الكتائب قيادة موحدة بل كان يطلق عليها تسميات مرتبطة غالبا بأسماء أبناء معمر القذافي والذين كانوا قادتها كخميس والمعتصم.
بلغ عدد قوات كتائب القذافي 47 الف جندي نظامي وأهم تلك الكتائب كانت تلك التي كانت ترابط في العاصمة طرابلس وبالتحديد في باب العزيزية مقر إقامة القذافي الذي كان محصنا تحصينا عاليا. و ما ان بدأت قوات الناتو تدخلها العسكري في ليبيا عبر القصف الجوي في 19 مارس حتى أعلنت انها دمرت 40 بالمئة من قدرات الكتائب العسكرية ، واستمرت معارك الكتائب مع معارضيه المسلحين 8 أشهر حتى سقطت أخر معاقلها في مدينة سرت في 22 أكتوبر 2011 وتمكن المعارضين المسلحين من قتل القذافي في نفس اليوم.
وعرف المخطط الاستراتيجى المصرى ان القبيلة لازلت هى المفتاح الحقيقى والاستراتجى لليبيا حتى عند قوات حفتر . ربما قدمت مصر لاول مره للثقافه الاستراتيجه الليبيه فكره الخط الاحمر على الارض. وهذا الخط لايجب فهمه الا فى سياقيين : اولهما هو سياق الحفاظ الموارد الليبه وثانيهما سياق التحالف الاقليمى والدولى من اجل استقرار ليببيا. هذا الخط ايضا الابد من فهمه فى سياق الاحياء الاستراتيجى للقبيله كوكيل سياسى واستراتيجى للامتداد والتواصل بين الدولتين.