بقلم: عادل جرجس
ينبغى علينا عند تحليل المشهد السياسى الا نأخذ بالظواهر والشكليات ولكنه يتوجب علينا ان نغوص ونفتش فى اعماق هذا المشهد لكى ما تتبين لنا الحقيقة والتى يمكن ان تصدمنا لأنها قد تكون عكس ما هو ظاهر للعيان، والمتابع جيدا لتغيرات هذا المشهد لا بد له وان يلحظ بعض التحركات التى قد تبدو غير ممنطقة وغير مبررة ولكنها فى حقيقة الامر قد يكون لها روافد وروابط غير ظاهرة او معلنه فإذا ما كشفنا النقاب عنها وتتبعناها بدت لنا الحقيقة واضحة وظاهرة لتبدد كل الغموض الذى قد يكتنف هذا المشهد .. عن ابو الفتوح والإخوان أتحدث.
ابو الفتوح وإختطاف الجماعة
لا أحد يستطيع ان ينكر ان الدكتور عبد المنعم ابو الفتوح هو باعث نهضة جماعة الإخوان المسلمين " الحديثة " فى السبعينات بعد ان تم تفكيك الجماعة الى حد كبير على ايدى الرئيس جمال عبد الناصر وأصبحت كل كوادرها اما ملاحقة او مختبئة أو تم اعتقالها الى أجل كان لا يعلمة الا الله وساعد ابو الفتوح فى هذا رغبة الرئيس السادات بعد ذلك فى التقرب الى الإسلاميين نكاية بالمشروع الشيوعى وأنصارة وكان ابو الفتوح حينها شاباً صغيراً يعتنق فكر الجماعة وساعده وقتها المرشد الأسبق للجماعة عمر التلمسانى فى لم الشمل، وجرت فى النهر مياه كثيرة حتى قويت وأستقوت الجماعة وأصبح ابو الفتوح من كبار رموزها.
وهو ما جعل طموحه يتطلع الى اعلى منصب فى الجماعة " المرشد العام " ورأى فى نفسه أنه هو الأحق أكثر من غيرة بأن يكون على رأس الجماعة وهو ما أدركة عواجيز الجماعة مبكراً فبينما أنشغل ابو الفتوح فى اعداد الجيل الثالث من الإخوان هذا الجيل الذى كان وما يزال يراهن عليه فى الوصول الى قمة مكتب الإرشاد كان فى نفس هذا الوقت وبالتوازى يتم إنشاء امبراطورية العواجيز داخل الجماعة وأدركوا من خلال تجربتهم ان رأس المال هو أهم ما يدعم تلك الإمبراطورية فعملوا على انشاء نظامهم الاقتصادى والمالى وهوما نجحوا فيه وبدأت الحرب الباردة بين ابو الفتوح والعواجيز فكل منهم يسعى الى التخلص من الأخر وكل منهم يراهن على عناصر القوه التى تمكن منها.
المشروع الاسلامى الكوزموبولتانى
وهو المشروع الكبير لجماعة الاخوان وهو بإختصار شديد ان الإخوان يرون انهم ( رئيس مجلس أدارة العالم ) والحاكم الكونى للمسكونة كلها مستخدميين فى ذلك تأويلهم الخاص للدين وتحصين هذا التأويل بأنه التفسير الجامع المانع فيما اتى به النص القرأنى وكل ما عداه هو من قبيل الكفر أو الخروج على صحيح الدين، وأبو الفتوح هو أبن حقيقى لهذا المشروع الكوزموبولتانى الإسلامى ولكنه أضاف رؤيته الخاصة الى ذلك فهو أراد لنفسه ان يكون محسوباً على كل تيارات الإسلام السياسى التى تدفع من وراء هذا المشروع فهو مؤسس الجماعة الإسلامية وعلى علاقة قويه بتنظيم الجهاد الذى خرج من رحمه تنظيم القاعدة كما ان ابو الفتوح له روافد شيعية فى الخليج امتدت الى اكثر من 9 سنوات من عمرة.
الخليفة التوافقى
وهكذا اصبح ابو الفتوح بحكم انتمائة لكل تيارات الاسلام السياسى هو الخليفة التوافقى الذى تدعمة تلك التيارات اذا ما حان وقت تنفيذ مشروع الخلافة الكوزموبوليتانية الإسلامية ولكن لن يتسنى له بعد ان يقود كل تلك التيارات نحو المشروع الحلم فتنظيمياً هو مازال عضو فى الإخوان ومتعاطف مع باقى التيارات وهو ما لا يؤهله لأن يكون فى الصدارة كما ان هناك من الكاريزمات الإسلامية سواء كانوا شيوخاً أو قاده من هم أكثر منه لمعاناً.
إختطاف الجماعة
كانت وسيلة ابو الفتوح ومازالت هى إمتطاء جواد جماعة الإخوان المسلمين ليركبها وينطلق بها نحو مشروعة العالمى وهو ما لاح له فى الافق عقب هوجة 25 يناير فتنامى حلمة وقرر ان يركب مصر ويركب الجماعة " فوق البيعة" وينطلق بهما نحو مشروعة الكبير.
الجماعة تفتت ولا تنافس
إن إعلان جماعة الإخوان المسلمين لعدم ترشيح اى منهم لمنصب الرئيس كان ضمن صفقة العسكر والاخوان حيث انه بمقتضى الصفقة فإن الرئيس من استحقاق العسكر ولكن ما دفع الجماعة لنقض اتفاقها هو الخوف من تنامى تيار ابو الفتوح والتفاف معظم التيارات الاسلامية السياسية الفاعلة من حوله وهو ما سوف يتيح لأبو الفتوح مستقبلا اذا ما جاء رئيساً الإطاحة بكل عواجيز الجماعة ومن ثم كان يجب ترشيح أحدهم لتفتيت الصوت الاسلامى فى مواجهة ابو الفتوح فالجماعة تفتت ولا تنافس على الكرسى فهم يعلمون جيداً ان .. مرسى لن يعتلى الكرسي.