إعداد وتقديم : بيتر عاطف
كان لمصر أهمية تاريخية كبيرة على مر العصور
وتلك الأهمية كانت هي السبب في زيادة أطماع
الدول الاستعمارية في احتلال مصر
فمنذ الاف السنوات قد تناوب على مصر الكثير من المستعمرين وظلت مصر تحت الاحتلال لفترات طويلة مثل الاحتلال الفرنسي والإنجليزي والعثماني
واي احتلال لمصر كان يتبع سياسات ضد نهضة الشعب المصري
ولكن لم يشهد تاريخ مصر أسوأ من احتلال العثمانيين لمصر
تلك الفترة التي كانت اظلم الفترات في تاريخ مصر والتي استمرت اكثر من 300 عام انتشر بها الظلم والفساد والطغيان
سنوضح في هذه الحلقة لماذا تعتبر فترة احتلال الدولة العثمانية لمصر هي اسوا الفترات في تاريخ مصر
في عام 1516م قرر السلطان العثماني " سليم الأول " احتلال مصر والشام, وفي هذا الوقت كان الذي يحكم مصر والشام هم المماليك وسلطان المماليك هو قنصوة الغوري ,
واستطاع سليم الأول احتلال مصر في عام 1517 بعد خيانة بعض امراء المماليك ومساعدتهم لسليم الأول في احتلال مصر
ويصف المؤرخين المصريين الذي عاشوا في ذلك الوقت مثل ابن إياس و ابن زنبل
ان سليم الأول كان حاكم دموي لا رحمة في قلبه
حيث كان كلام سليم الاول لجنوده قبل احتلال مصر هو " اذا دخلتم مصر فأحرقوا بيوتها "
وقام الجنود العثمانيين بمذابح كبيرة في الشعب المصري وحدثت حوادث قتل واغتصاب بعشرات الالاف في اليوم الذي دخل فيه العثمانيين مصر
ويصفها المؤرخ المصري ابن إياس : "بالمصيبة العظمى التي لم يُسمع بمثلها فيما تقدم من الزمان، فقتلوا جماعة كثيرة من العوام وفيها صغار وشيوخ لا ذنب لهم، وحطوا غيظهم في العبيد والغلمان والعوام، ولعبوا فيهم بالسيف وراح الصالح بالطالح، فصارت جثثهم مرمية في الطرقات، فكان مقدار من قتل في هذه الواقعة فوق العشرة آلاف إنسان في أربعة أيام، ولولا لطف الله لفني أهل مصر بالسيف"
ولما دخل العثمانيين مصر سرقوا كل الغلال والاموال و التحف النادرة التي في مصر , وقام سليم الاول واخذ كل الصناع واصحاب الحرف المهرة ورحلهم الى " الاستانة " عاصمة الدولة العثمانية لكي لا يكون هناك اي مكان به صناعة جيدة غير عاصمة الدولة العثمانية وادى ذلك لتدهور الصناعة في مصر واختفت معظم الحرف والصناعات
وكان العثمانيين قبل احتلال الشام ومصر يقولون انهم جاءوا الى مصر والشام لكي ينصروا الدين الاسلامي لان المماليك يخالفون الدين الاسلامي
واثبت عكس ذلك لان عندما دخل العثمانيين مصر قاموا بقتل الشيوخ والمتعلمين داخل المسجد الازهر , وكان الجنود العثمانيين يشربون الخمور في الشوارع وهذا كان امر ممنوع في وقت حكم المماليك وكان يجلد الذي يفعل ذلك اثناء حكم المماليك
اما بالنسبة للتعليم :
اغلقت كل المدارس التي في مصر وكان التعليم موجود في الازهر فقط وكان التعليم في الازهر يقتصر على العلوم الشرعية فقط مثل القرآن و الفقه و منعوا اي دراسة للعلوم الطبيعية مثل الطب والهندسة وحرقوا كل الكتب الخاصة بهذه العلوم
اما في مجال الزراعة :
فرضوا ضرائب كبيرة جدا على الفلاحين , ولان الفلاحين لم يقدروا على دفع هذه الضرائب وضع العثمانيين نظام يعرف " بنظام الالتزام " وهو ان يتم القبض على الغير قادرين على دفع الضرائب ويقومون بمزاد على هؤلاء الاشخاص ويقوم شخص من الاغنياء بدفع الضرائب بدلا منهم للعثمانيين وفي المقابل يأخذهم ليعملوا خدم عنده في الاراضي الزراعية التي يملكها هذا الشخص الغني الذي دفع الضرائب وكان الفلاحين يعملون لديه بدون مقابل , فكان نظام الالتزام الذي طبقه العثمانيين في مصر بمثابة تجارة العبيد
وهذا النظام كان السبب في تدهور الزراعة في مصر لان الفلاحين الذين قبض عليهم لم يستطيعوا زراعة أراضيهم
وبذلك كانت الزراعة والصناعة والتجارة والتعليم متوقفين في مصر وانتشر الجهل والفقر والمرض والخرافات
ومن كثرة المذابح التي قام بها العثمانيين في مصر وكثرة المجاعات والمرض والموت , كان تعداد مصر قبل دخول العثمانيين حوالي 9 مليون نسمة بعد 300 عام من حكم العثمانيين وصل لـ 2 ونص مليون نسمة فقط
وقام المصريين بثورات كثيرة ضد الحكم العثماني في مصر لكن واجه العثمانيين هذه الثورات بالقوة والقمع
وظهرت واحدة من اشهر الهتافات في تاريخ مصر وهو " يا رب يا متجلي.. اهلك العثمانلي "
وهذا الهتاف الذي كان يردده المصريين في ثوراتهم ضد العثمانيين
والعثمانيون هم الوحيدين الذين حكوا مصر ولم يتركوا اي اثر حضاري لهم فعلى سبيل المثال رغم مساوئ الاحتلال الانجليزي في مصر لكنه قام ببعض المشاريع في مجال الزراعة وايضا الاحتلال الفرنسي قاموا باكتشافات هامة في مصر مثل حجر رشيد , لكن العثمانيين لم يتركوا اي شئ حضاري في مصر
وعندما جاء محمد على باشا وحاول اقامة مشاريع لتنمية مصر كان السلطان العثماني يحاول جاهدا محاربة وايقاف هذه المشاريع
وكانت الدولة العثمانية تتصف بالعنف والدموية منذ بدايتها فكان السلطان العثماني عندما يتولى الحكم كان يقتل كل اخوته لكي لا ينافسه احد على العرش
فعلى سبيل المثال :
سليم الاول الذي احتل مصر قام بانقلاب عسكري على والده السلطان بايزيد الثاني ثم قام سليم الاول بقتل كل اخوته و حاول انه يقتل ابنه في اواخر ايامه
ووالد سليم الاول السلطان بايزيد الثاني قتل اخوه جيم
ووالد بايزيد الثاني السلطان محمد الثاني المعروف بمحمد الفاتح قتل اخوته الاثنين احمد وحسن
وهكذا كل السلاطين الى ان نصل لعثمان بن ارطغرل الذي اسس الدولة العثمانية ايضا قتل عمه دوندرا
والسلطان محمد الثالث الذي كان بعد سليم الاول بفترة هو ايضا اعدم كل اخوته وكان عددهم 19 وقتل كل سيدة حامل من والده او اخوته وقتل ابنه أيضا
كل المحتلين الذين احتلو مصر كانت لهم بعض الإنجازات وكل الحكام الذين حكموا مصر كانت لعصرهم عيوب و إنجازات
لكن لم يترك العثمانيين أي انجاز يذكر في فترة حكمهم لمصر
مراجع المعلومات :
عجائب الاثار في التراجم و الأخبار - الجزء الثالث
بدائع الزهور في وقائع الدهور - المؤرخ محمد بن اياس
استعمار مصر - تيموثي ميتشل
مصر العثمانية - جرجي زيدان
تحفة الأحباب بمن ملك مصر من الملوك والنواب - ابن الوكيل
انفصال دولة الأوان واتصال دولة بني عثمان - بن زنبل