سليمان شفيق
التفاوض معركة ستطول... مؤكداً أن المفاوضات «سوف تنجح".»
أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن بلاده "تتحرك في معركة تفاوض" حول ملء وتشغيل سد النهضة، الذي تبنيه إثيوبيا على النيل الأزرق رافضا الحديث عن الخيار العسكري قائلا "لا أحد يقول أو يهدد بالحديث عن عمل عسكري"
طالب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وسائل الإعلام المصرية بعدم الحديث عن حل عسكري لنزاع «سد النهضة» الإثيوبي، مؤكداً أن مصر تخوض «معركة تفاوضية ستطول»، كما سعى إلى طمأنة المصريين، وشدد علي ان مصر لن توقع علي اي اتفاق لا يكون لصالح مصر .
قال السيسي، في مؤتمر بثه التلفزيون الرسمي، خلال افتتاحه إحدى المناطق الصناعية بشرق القاهرة، «نحن نتحرك في معركة تفاوض (حول) عملية ملء وتشغيل السد»، وأضاف: «هذا التفاوض معركة ستطول... ولن نوقع على شيء لن يحقق لنا المصلحة»، مؤكداً أن المفاوضات «سوف تنجح".»
ويرعى الاتحاد الأفريقي، منذ مطلع يوليو الماضي ، مفاوضات شاقة، على أمل الوصول إلى اتفاق نهائي حول قواعد ملء وتشغيل السد الذي تقيمه إثيوبيا على النيل الأزرق، وتخشى القاهرة تأثيره على حصتها من مياه نهر النيل.
وخلال المفاوضات الأخيرة، تصاعد الخلاف مع إعلان إثيوبيا انتهاء المرحلة الأولى من تعبئة خزان السد، فيما تُجهز أديس أبابا «حملة دبلوماسية» عالمية لشرح موقفها، وكسر ما وصفته بـ«هيمنة مصر» على الرأي العالمي، فضلاً عن استقطاب باقي دول حوض النيل لصفها.
ودحض السيسي الحديث المتناقل على مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام عن خيار العمل العسكري، وقال: «لا أحد يقول أو يهدد (بالحديث عن عمل عسكري)... انتبه أنت تتحدث إلى الرأي العام»، وأضاف: «لا يجوز أن يتحدث عن كلام من هذا القبيل لأننا نتفاوض، والتفاوض معركة، وأطمئنكم أننا لن نوقع على أي اتفاق نهائياً إلا إذا كان يحقق مصالحنا".»
وتابع: «نحن حريصون مع أشقائنا في إثيوبيا والسودان على حقهم في التنمية وتوليد الكهرباء، بشرط ألا يؤثر ذلك على حصتنا في المياه".
وسعى السيسي لطمأنه القطاع الزراعي في مصر من تأثيرات السد، قائلاً: «نقوم بإجراءات مهمة جداً لتعظيم استخدام المياه، وتقليل الفاقد، باستثمارات تقترب من تريليون جنيه»، وأكد أن الدولة تعمل على إقامة محطات معالجة وتحلية، في إطار خطة كاملة لتحسين جودة المياه، وتقليل حجم الفاقد، وإعادة استخدام المياه أكثر من مرة، مطالباً وسائل الإعلام بتوعية الشعب بكيفية الحفاظ على المياه.
وأخفقت مفاوضات متقطعة، جرت على مدى نحو عقد، في التوصل لاتفاق لتنظيم كيفية ملء إثيوبيا لخزان السد وتشغيله دون المساس بحصص المياه التي تخص مصر والسودان .
ووفي الاجتماع الاخير الذي عقد بين مصر وإثيوبيا والسودان ، جلسة جديدة، وجهت فيها مصر والسودان انتقادات لإثيوبيا بسبب ما وصفته الدولتان بملئها خزان سد النهضة على نحو أحادي، وقالت وزارة الري المصرية، في بيان: «أعربت دولتا المصب عن شواغلهما إزاء الملء الأحادي الذي قامت به إثيوبيا، الأمر الذي ألقى بظلاله على الاجتماع، وأثار تساؤلات كثيرة حول جدوى المسار الحالي للمفاوضات، والوصول إلى اتفاق عادل للملء والتشغيل".
ومن بين القضايا التي تناقشها المحادثات التي يستضيفها الاتحاد الأفريقي كيفية تشغيل السد خلال أعوام الجفاف، عندما تقل معدلات هطول الأمطار، وما إذا كان الاتفاق وآلياته لفض المنازعات يجب أن يكون ملزماً قانوناً
وخلص الاجتماع إلى ضرورة إعطاء الفرصة للدول الثلاث لإجراء المشاورات الداخلية في ظل التطورات الأخيرة، في إطار السعي نحو التوصل لحلول للنقاط العالقة الفنية والقانونية، واتفق الوزراء على معاودة ترفض إثيوبيا الإقرار بـ«حصة تاريخية» لمصر في مياه النيل، تقدر بـ55.5 مليار متر مكعب سنوياً، مؤكدة أنها جاءت بموجب «اتفاقيات استعمارية قديمة»، ولا يمكن لها أن «تكبل حقها في التنمية".»
تعمل إثيوبيا على بدء حملة للترويج لقضيتها على نطاق ،ونقلت وكالة الأنباء الإثيوبية عن وزير الخارجية قوله، في اجتماع مشترك عقده مع وزير المياه سيليشي بيكيلي ودبلوماسيين إثيوبيين في دول آسيا وأوقيانوسيا، إن «التنمية المستقبلية للبلاد ستعتمد كثيراً على مواردها المائية، والدبلوماسية النشطة على الاستخدام العادل لمياه نهر النيل». وانتقد الوزير المسؤول الإثيوبي ضعف الترويج لرؤية بلاده مقابل هيمنة موقف مصر على الرأي العام عالمياً، قائلاً: «لا يزال الجهد الدبلوماسي منخفضاً في تغيير الوضع الراهن في حوض النيل بشكل فعال، والكشف عن هيمنة مصر والدعاية الكاذبة ضد حق إثيوبيا في استخدام المياه»، على حد وصفه. وشدد على «ضرورة أن يكون الدبلوماسيون الإثيوبيون في الصدارة لتعزيز قوة التفاوض الحازمة للبلاد من أجل الحفاظ على مبدأ الاستخدام العادل المعقول بين الدول المشاطئة لنهر النيل». ووفقاً له، فإن إثيوبيا ستعيد تنشيط نهج دبلوماسي جديد، من خلال إشراك مختلف أصحاب المصلحة، بما في ذلك الدول المشاطئة الأخرى لدول حوض النيل.
من جهة اخري شدد السيسي، خلال اتصال هاتفي مع رئيس جمهورية جنوب إفريقيا، سيريل رامافوزا، مساء السبت الماضي ، على رفض مصر أي عمل أو إجراء أحادي الجانب من شأنه المساس بحقوق بلاده في مياه النيل.
إلى ذلك تناول الاتصال متابعة تطورات ملف سد النهضة، في إطار ما تم مناقشته خلال القمة الإفريقية المصغرة الأخيرة، وفق المتحدث الرسمي باسم رالرئاسة المصرية.
من جهته، أعرب رامافوزا عن تطلعه لاستمرار التنسيق المكثف بين البلدين بشأن قضية سد النهضة وصولاً إلى اتفاق عادل ومتوازن لجميع الأطراف بشأن هذا الملف الحيوي.
يشار إلى أنه في وقت سابق، أعلنت وزارة الري السودانية أنها تتطلع لاستئناف المفاوضات والتوصل لاتفاق ملزم للجميع، مؤكدة على إجراء المفاوضات ضمن إطار زمني محدد. ورفضت أي قرار منفرد يعطل التفاوض حول الأزمة.
كما وصفت الوزارة بيان الاتحاد الإفريقي الذي صدر، الجمعة الماضية ، حول القمة المصغرة التي انعقدت الثلاثاء الماضي، حول سد النهضة، بالمتوازن، مؤكدة أنه جاء متوافقاً مع ما طرحه رئيس الوزراء السوداني، عبد الله حمدوك، بشأن التوصل لاتفاق عادل وملزم قانوناً بما يحفظ مصالح جميع الأطراف.
وكان البيان قد دعا إلى ضرورة التوصل لاتفاق عادل وملزم حول ملء وتشغيل سد النهضة، ضمن اتفاق شامل يتضمن المشاريع المستقبلية. ورحب بدعم الأمين العام للأمم المتحدة ورغبة المجتمع الدولي في دعم الدول الثلاث فنياً ومالياً لإدارة موارد المياه العابرة حال التوصل لاتفاق شامل.
إلى ذلك، شدد مجدداً على ضرورة التزام كل الأطراف بالامتناع عن اتخاذ إجراءات أحادية من شأنها إعاقة عملية التفاوض.
يشار إلى أن سد النهضة الذي يمثل منذ فترة قضية حيوية بالنسبة لإثيوبيا، يثير خوف مصر والسودان من مسألة التأثير على كمية المياه.
كما يشكل هذا السد الضخم، وهو أكبر منشأة لتوليد الطاقة الكهرومائية في إفريقيا على النيل الأزرق الذي ينضم إلى النيل الأبيض في السودان لتشكيل نهر النيل، مصدر توتر كبير مع مصر منذ2011 .
ففي حين تحتاج إثيوبيا للسد لتحقيق التنمية الاقتصادية، تعتبره مصر التي تعتمد على مياه النيل بنسبة 90% لتأمين مياه الري والشرب، تهديداً حيوياً لها. كما يبدي السودان مخاوف مماثلة.