الأب الدكتور أثناسيوس حنين
بحث علمى فريد حول فرادة الهيرمونيطيقا الأوريجينية
Proecursors of Origen,s Hermeneutic Theory
جولة فى ذهن السابقين لنظرية اوريجين التفسيرية
تأليف البروفسور مارك ادواردز -أستاذ اللاهوت بجامعة أكسفورد
M.J. Edwards ,Professor of Theology ,Oxford .
Studia Patristica ,Vol.XXIX,Peeters ,Leuven ,1997,pp.232-237.
نقلها عن الانجليزية ’بتصرف غير مخل يناسب القارئ المصرى والعربى’ الأب الدكتور أثناسيوس حنين
يعد نهج أوريجين التفسيرى هو الأشمل والأكثر أصالة وفرادة فى العالم الثقافى الأممى والمسيحى قديما وحديثا ’ هذا بالرغم مما أصابه من محاولات التقسيم والتجزئة والتشتيت وسوء الفهم عن حسن أو سوء نية فى القرون اللاحقة . ولكى تظهر هذه الأصالة والفرادة نقدم قائمة لمن سبقوه من أساطين الفكر الفلسفى والمفسرين القدماء والتى بدورها سوف تؤكد ما نذهب اليه من بحثنا المتواضع هذا .جل قصدنا هو أن نظهر ونوثق لقضية طالما تناولتها اقلام والسنة الباحثين المتخصصين منهم والهواة والوعاظ على مدار السنين والى اليوم ’ وهذه القضية هى علاقة الاوريجينية المسيحية بالافلاطونية الحديثة الوثنية والفلسفية والتى طالما قيل عنها انها تسود فكره . فى أحسن الاحوال ’ نحن نرى ’ ولسنا وحدنا ’ان التعبير "الأفلاطونية الحديثة "هو تعبير يلفه الغموض الكبير وأن تطبيقه فى اللاهوت قد صار تقليعة وأمرا سهلا لا يكلف عناء البحث العميق والتحقيق اللاهوتى والتدقيق التاريخى واللغوى والمردود الرعائى والكنسى للتفسير .لن نذهب بعيدا فى البحث عن علاقة ما بين اوريجينوس وبين مدارس التفسير الهيللينية الفلسفية السائدة فى عصره .سنسأل شاهد من ألمع أهل بيت الفلسفة وأشهر الأفلاطونيين وهو بورفيريوس " ولد فى 204 قبل الميلاد"ليقول كيف أن هذا الرأى وهو خضوع المفسر المسيحى أوريجين بلا قيد ولا شرط للافلاطونية هو رأى خاطئ قد جانبه الصواب يقول :
"كان اوريجينوس مرافقا دوما لافلاطون "427 -374 ق م "أى لكتابات افلاطون وكما حاور مؤلفات نومينيوس وكورنيوس وابولوس ولونجينوس ومودراتوس ونيقوماخوس وكما صاحب وحاور المع العقول فى القضايا الفيثاغورية وأيضا أطلع على مؤلفات شيريمون الفيلسوف الرواقى وكورنتيوس ومنها تعلم الاسلوب ’ نكرر الاسلوب ’ التروبيولوجى أى التفسير المنهجى والعقلانى لمسيرة النص ’ والذى طبقه على كتب اليهود أى العهد القديم "
وكذلك يرى العالم المتخصص فى كتابات اوريجين كروزيل بان منهج اوريجين التفسيرى يدين للمسيحية اكثر من الافلاطونية111وصار معروفا من حقيقة انه وحتى عصر بورفيريوس فى القرن الثانى قبل المسيح نجد ان قلة من الافلاطونيين قد طبق اليات الرمزية القحة على الشعر اليونانى والاساطير ولقد سخر افلاطون فى الجمهورية من الرمزيين الذين بالغوا فى الدفاع عن اخلاقيات الاسطورة القديمة المتدنية "الجمهورية". ولقد طبق بلوتارخ التفسير الرمزى الطبيعى والنفسى على الاسطورة المصرية القديمة ايزيس واوزوريس (جاء ذكر مصر وتراثها العظيم فى حوار اوريجين اللاهوتى المسيحى مع كلسوس المثقف الهيللينى).يقل عدد اتباع منهج الرمزية الفلسفية حينما نجئ الى عصر الفيثاغوريين والافلاطونيين كمدارس فكرية مختلفة مثل كورنيوس .يقولون ان اوريجينوس هو طفل الفلسفة اليونانية المدلل وهذا صحيح لأنها كانت ثقافة عصره وهو سعى الى الالمام بها ليعيش مسيحيته ويفسر ويبشر بفهم يناسب ثقافة العصر (قارن مع قضية تجديدالخطاب الدينى فى مصر والحوار بين رئيس جامعة القاهرة د. محمد الخشت وشيخ الازهرد. الطيب فى المؤتمر العالمى الذى عقد فى جامعة الازهربالمحروسة حول تجديد الخطاب الدينى ). القضية ليست قضية اصول بل قضية قرأة الاصول لانسان المجتمع المعاصرأى قضية اطلالات الاصول القديمة على واقع اليوم المتجدد. ليست قضية لاهوت ثابت وجامد ومتعال ومتكبر بل قضية أنسنة اللاهوت المتنازل والمتحرك والمتواضع والساعى الى الانسان وسط ظروفه . هذا ما فعله اوريجينوس مع االتراث المسيحى فى عصره.ولكن تفسيره بعيد عن هذه الصفة الافلاطونية والتى وان التصقت بشخصه بلا مرجعية الا انها لا تخلو من المعنى اذا ما قبلنا ان المناخ الثقافى السائد والمتعدد بين الفلسفة والاديان والثقافات اليونانية والعبرانية والمصرية ولا يمكن لمفكر مسيحى ان يتجاهل تيارات عصره فى اقدامه على التفسير المسيحى للكلمة ’أصل كل الكلمات المنطوقة والمبثوثة (أحد أسباب أزمة اللاهوت القبطى اليوم هى تجاهله وعدائه للتاريخ المصرى القديم ).
نـأتى الى الحركة الثقافية الفيثاغورية "فيثاغورس فيلسوف وحكيم يونانى ولد عام 570 ومات عام 495 ق.م."وقد زار مصر والهند للتعرف على حكمة شعوبها والتى انطلقت أى الحركة الثقافية والحكموية الفيثاغورسية مثلها مثل الكنيسة المسيحية بتقديم التوقير والتبجيل لشخص المعلم الكبير والذى يمتلك صفات وخصال تفوق الطبيعة البشرية . لقد انشغل كتاب السير الذاتية بشخصية فيثاغورس منذ ايام ارسطو ولكن سيرة ابولوسيوس ونيقوماخوس كانت قد تمت كتابتها قبل ولادة اوريجين بمائة عام الى ان جأت سيرة ابولونيوس والتى كتبها فيلوستر فى حياة اوريجين لتثير قضية انه لا يوجد هناك مفر من مقارنة هذه الشخصيات الكبيرة ببعضها والتى نظر اليها الناس نظرة تبجيل وخاصة الى فيثاغورس الذى رأه أتباعه بانه قديس العالم الوثنى بشخصية المسيح كلمة الله . كدارس جاد للقضية ’ رأى ابولوسيوس ان هذه المقارنة وحسب المصادر لا يعتمد عليها ومع ذلك ومن وجهة نظر احادية فأن مسيح أوريجينوس فى بعض خصاله يملك خصالا مشتركة مع فيتاغوراس اكثر من مسيح التقليد المسيحى الاول البسيط ’والذى لم يتعاطى الفلسفة وثقافة العصر الا لضرورات تبشيرية وخدماتية بسبب كثرة اسئلة الناس من الداخل ومن الخارج وفى البدايات الا بعد انتشار البشارة فى العالم المثقف يومها وظهور اللاهوتيين المحاورين مثل يوستينوس الذى عقد قرأنا بين لوغوس يوحنا ولوغوس الفلاسفة لضرورات رعوية وتبشيرية وحوارية .لقد تتبع فيثاغوراس تجسد نفسه من خلال حيوات انسانية سابقة كثيرة ’ وهنا الفارق الجوهرى مع مسيح اوريجين حيث نفس المسيح البشرية لم توجد فقط قبل تأسيس العالم ولكنها تعادل نفس أدم ويظهر ذلك فى فقرات صعبة من شرحه لبشارة يوحنا .لقد كان فيثاغوراس معلما ولكنه لم يكتب شيئا ونفس الشئ صحيح فيما يخص المعلم المسيح .وكما أن كل كلمة للمسيح هى وصية وأمر وقانون ومعيار لحياة المسيحيين ’
كان هناك فرع من فروع الفيثاغورية قد قرر أن يبحث عن حلول كل قضية حياتية عند أقدام المؤسس .واذا كانت بعض كلمات المسيح يحوط بها الغموض وتحتاج الى فحص عميق فان أغلبية كلمات فيثاغورس غامضة ولكن هذا الغموض العميق نافع على كل حال فى اقصاء العامة من السامعين من معية النخبة المختارة وكما يريح النخبة من الاسئلة التافهة . وهذا هو ما فعله المعلم المسيح الذى ميز بين النخبة الذين هم من داخل والعامة الذين من خارج وكما ميز بين منهج تعليم كل منهم وهذا هو ما سعى الى عمله تلميذ المسيح اوريجينوس فقال لهم المسيح "قد اعطى لكم ان تعرفوا سر ملكوت الله . واما الذين هم من خارج فالامثال لئلا يرجعوا فتغفر لهم خطاياهم " مرقص 4 :11-12 . فى كلا المجتمعين الفيثاغورى والمسيحى ’ كان هناك من من يصنعون ديانة ثابتة وجامدة ورجعية من الطاعة المطلقة للحرف ’ وهناك من يصنع عقيدة متحركة وطيعة ومعاصرة ولاهوتية من المعانى التى توجد تحت الحرف أو مستترة فى الحرف(أى لا يميزون بين قطعى الدلالة وظنئ الدلالة كما يقول الفقهاء العرب ). أين اوريجينوس من هذه المدارس ؟ لم يكن اوريجين فيلسوفا هيلينيا وثنيا بل كان لاهوتيا مصريا مسيحيا مثقفا وملما بعلوم عصره ويستخدم الفلسفة "راجع كتابنا ’ مصر فى فكر الاباء ’ اصدار اسقفية الشباب "’. كان مثقفا موسوعيا ’كما كان يبحث مع بولس لكى يستأثر -يسبى كل كلمة -فكر -ثقافة لطاعة وتفسير وقرأة المسيح الكلمة – فكر الله فى واقعه المتغير . لهذا كان هم اوريجين رعويا وخلاصيا وكنسيا .اراد أن يتحاور مع العامة والرعاع الذين يأخذون الكلمة حرفيا ليرتقى بهم الى أعماق الحرف ’ الى الروح .أراد أن يخرجهم من سجن الحرف بدون أن يكسر اسوار السجن !.
وربما شكل هذا احد اسباب سوء فهمه وتشويه افكاره ممن هم اقل منه ثقافة وحبا للكلمة ممن حولوا المنهج الواسع والشامل والمسكونى السمح والمتسامح الى مذهب ضيق وطائفى وأكليريكى حقود منغلق على ذاته . كانت الكلمة المسيحية ’ على يد أوريجين ’ فى متناول العامة والبسطاء (البسطاء لا تعنى الأعباط ! ) بل الفهماء بينما كلمات فيثاغورس انحبست فى يد العقائديين والنخبة الارستقراطية .لقد سن تلاميذ فيثاغورس قانونا أو نظرية الالهام والتى تلزمهم أن يعطوا معنى لما يبدوا سخافات بلا معنى وأن يكملوا ما يبدوا تافها من كلام المعلم .لم يكن أفلاطون متعاطفا كثيرا مع هذا النهج الفيثاغورسى والرمزية المعقدة التى يطبقها تلاميذه .وفى هذه الجزئية يشبه أفلاطون الغنوسيين المسيحيين الذى شككوا فى فى صحة بعض أجزاء الاسفار المقدسة .كما ورد فى ما كتب ترتليانوس ضد الماركونيين أعداء العهد القديم . كان رد أوريجينوس على الغنوسيين هو البحث عن عن الاعماق فيما يبدوا سخافات والبحث عن الذهب فى وسط التراب والحبوب المقدسة وسط الحقول الواسعة وكما كان يسعى لسماع صوت الحبيب على جبال الحق والعلم وتلال الثقافة والمنطق (نشيد الانشاد 2:8 ). لم يكن غنوسيا -عرفانيا بل كان يصنع عرفانية"غنوسية" مسيحية .وهنا يواجهنا تناقض ما لأن المبدأ الكيانى -الانطولوجى عند افلاطون والغنوسيين هو هو المبدأ التفسيرى عند أوريجين والفيثاغوريين . نكرر المبدأ وليس التفاصيل ’ المنهج العام وليس المذهب الضيق أى بين القطعى الدلالة والظنئ الدلالة .لهذا نجد أن الموقف الذى يقود جانب الى رفض الحرف الانثرومورفيزمى للتقليد هو هو المبدأ الذى يتبناه الجانب الاخر كالمفتاح الذى يحول الحرف الى روح ’ اذا المشكلة ليست فى النظرية بل فى التطبيق .هناك ايمان بعالم غير مرئى أكثر حقيقة وأكثر ثباتا واستمرارية عن الظواهر العارضة . يعلم الفيثاغوريون مثل بعض الغنوسيين بأن شكل الاشياء تأتى من الارقام والتى تنكشف لنا بالعقل ..
كان اوريجين مستعدا لكى ما يقبل مع افلاطون بأن وراء كل شكل طبيعى "مخلوق"هناك أصل أبدى"غير مخلوق" وهو النموذج الأعلى وألاسمى لأى نوع طبيعى هو يعبر عن نوع ابدى يدركه العقل فقط " كتاب المبادئ".بينما يؤكد الكثيرون من الفلاسفة والأديان رفضهم لهذه الثنائية بين المرئيات والغير المرئيات .وهنا كان التحدى هو أنهم مطالبون بأن يشرحوا ويفسروا كيف يمكن للعالم العلوى أن يسكب خصوصياته على العالم السفلى وهنا تأتى فرادة أوريجين العالم المصرى وأسهاماته الكبيرة فى تاريخ اللاهوت والثقافة الكتابية .
كيف حل أوريجين هذه المعضلة التى شغلت الفكر القديم ؟ لقد حقق اوريجين هذه المعضلة والتى تتعلق بعلاقة العالم الارضى بالعالم السماوى ’ الابدى بالزمنى والمادى بالروحى باللجوء الى عقيدة اللوغوسΛΟΓΟΣوهنا نجده قد استعان بلاهوت يوستينوس الشهيدوالفيلسوف وحواراته مع الفلاسفة واليهود القائمة على اللوغوس ’ اللوغوس الذى هو الخالق والوسيط فى الخلق وهو هو مصدر الاعلان "الابوكاليبسيس "(قارن تكوين 1 ’6 ويوحنا 1 ’1 -14 ).وقد ذكركتاب المبادئ و الفيلوكاليا العلاقة الوثيقة والوجودية والروحية بين الكلمة والكلمات التى تخرج منه . وبالرغم من براعة حوارات يوستينوس من خلال اللوغوس الا أنه لم يقل كثيرا عن العلاقة بين عمل اللوغوس الابداعى والاعلانى .
لقد قيل الكثير وكتب الكثير عن أن أصل تعبير اللوغوس التوحيدى يأتى من أفلاطون أو على الأقل هو تعبير متوطن فى الافلاطونية الجديدة .فى الحقيقة لا يوجد شئ من هذا المفهوم حول اللوغوس التوحيدى كقوة وسيطة بين الاجيال والتى تشير الى الربط بين العقل والنفس وبين المادة والروح فى الافلاطونية الجديدة ويصير بحثنا فى أتيكوس والكينيوس ونيمونيوس وافلوطين بلا ثمر وكذلك عند افلاطون وتلاميذه.لقد ظهرت ظلال للوغوس الثالوثى عند فيلون الاسكندرى والذى اعتبره قرأئه كفيثاغورسى اكثر من انه افلاطونى جديد.
ولكى يظل أمينا ليهوديته ’ قام فيلون بتفسير تعسفى واستبدادى رمزى يلوى رقبة النصوص لشريعة موسى بادئا من افتراض بوجود خالق لا زمنى وغير مرئى والذى يحفظ العالم من خلال نفس قوته عقله أو اللوغوس ’ والذى يكفى لتكوين صورة عنه .هذا اللوغوس ’ فى الحقيقة ’ هو كلمة الله فى الكتاب المقدس والذى أعلن عن شخصه وخواصه وأخذ طاقاتنا على الفهم او لوغوسنا ’ الى حالته الخاصة أى لوغوسه .ونعرف أن فيلون المفسر اليهودى قد بالغ فى استخدام التعبير"لوغوس" وكيفية ملائمتها للاهوت أباء الكنيسة .لقد كان مبدأ فيلون المنطقى هو ان البشر لديهم قبس وحدس الهى والذى يتقوى بالمعانى الكثيرة وراء الكلمة والتى يفحصها اوريجينوس فى مقدمة شرحه لبشارة يوحنا .الحقيقة هى ان مفهوم اللوغوس كطاقة متوسطة قد مر بمرحلة الحضانة فى الفلسفة اليونانية قبل فيلون بكثير . افضل دليل على ما نقول هو اقتباس يعود الى القرن الثانى لثراثيلوس وهو معاصر لفيلون وهو أيضا تلميذ ورع فى محراب فيثاغورس ." يتم استخدام تعبير لوغوس باشكال وطرق متنوعة ويشار اليه بالقوة الاسبرماتيكية أى الكامنة فى الكون والطبيعة وهذا يقود الى التنسيق بين طاقات الانسان ...اللوغوس هو بالدرجة الاولى القوة التى تضبط كل ... العلاقة بين الاشياء ’ تقوم النفس العاقلة أى الافكار التى تخطر على النفس "اللوجيسمى" بالاقتداء باللوغوس ".
يبدوا أن ثراثيلوس مثله مثل اوريجينوس يؤمن بأن طبيعة العالم هى التى التى تجعل اللوغوس متعدد الطاقات المتكافئة لأن عمل الله فى الكون هو عمل مستمر وفاعل وهو ليس كعمل العرضى المتماسك وهو يعمل فى خلائقه عملا لوغوسيا أى ان.العقل الفاعل فىى الخليقة فى الخليقة والخلائق .
. .لا يوجد تلميذ يدرس الفلسفة فى ايام اوريجين لم يتأثر بثراثيلوس والذى تعود شهرته الواسعة وصيته بالدرجة الاولى الى أنه جمع ورتب ونشر حوارات افلاطون. هذا العمل الزمه بافتراضين سوف يتاثر بهم اوريجينوس فى عظاته وتعليقاته وشروحاته الاول هو أن ومن خلال نص مكتوب تعبر الحقيقة عن الفتها وقرابتها مع العقل الانسانى والثانى هو أن الفائدة التى يحصل عليها القارئ تعتمد الى حد كبير على الاستعداد لزيادة واستثمار طاقة العقل لقبول الحقيقة .أى ’ وبتعبير عربى معاصر ’ أن الاستنارة لا تأتى عبثا بل بل تأتى لمن يأخذ باسبابها .
يرى منتقدوا افلاطون ان حواراته غير واضحة وغامضة ومليئة بالتناقضات ويرد ثاثيليوس بان الكتابات الصحيحة والمؤكدة هى العقائدية بينما هناك كتبات جدلية .ينطلق اوريجين من الكتاب المقدس ويقول فى شرحه لثلاثية لسليمان الحكيم الامثال والجامعة والنشيد بأن هناك ثلاثة انواع من الكتابة -الكلمة – اللوغوس والتى تسمح بالعبور من مرحلة الاعداد والتربية الاولى الى مرحلة النضوج وادراك الاسرار العليا.ونحن نستعمل الامثال لتقديم الاخلاق على شكل كلمات والتى تستعمل حينما نرمى الى معرفة معنى عميق وخفى .بينما كتاب الجامعة يحمل اسرار العالم الطبيعى الملموس وأخيرا ومن خلال الرؤية والمعنى الكامن فى النشيد تستطيع النفس ان تستقبل وتقبل ملء الحب الالهى ’ ملء لاهوت الكلمة الذى صار جسدا وحل فينا ويقول مع العروس " أنا لحبيبى ... ".نجد شئ مماثل عند ثيؤن السميرنى الافلاطونى والذى لاحظ المعانى المتعددة للتعبير من خلال اقتباساته الكثيرة . يظهر ثلاثة مراحل للتعليم لكل افلاطونى الاولى تطهير الارادة والثانى تعليم طويل فى مجال الفيزياء أو الطبيعة والسياسة والمنطق وأخيرا شركة السر (ثيؤبتيا) أى معاينة السر الاسمى . الفيثاغورى ال>. ان النفس اقل استعدادا للقبول من الجسد ولكنها مطواعة بسهولة ومصدر التعليم هو العقل والذى لا يبرهن بالمرة على صفات ظاهرية .اوريجينوس يتمسك بالمعنى الحرفى والتاريخى للاسفار المقدسة والذى هو أقل درجة من البعد الاخلاقى والبعد الاخلاقى أقل من الروحى .وهذه الثلاثة تتقابل مع الجسد والنفس والروح وكما تتقابل مع ثلاثية سليمان الحكيم كما سبق وقلنا .(المبادئ) وبينما يتلقى الروح استنارة من الاقنوم الثالث فى الثالوث فان النفس تعتمد فى نموها على الثانى أى الاقنوم الثانى اللوغوةس وفقط من خلال الاب يستطيع الكائن ومن تقدمه فى الفضيلة أن يشارك فى الحياة الدائمة.الروح وحسب كتاب المبادئ يعمل اولا والملكوت النهائى هو ملكوت الاب .وبالتالى فان القيامة وتمجيد الجسد هى بعد الموت الطبيعى وان رأى بعض العلماء ان اوريحينوس يؤمن بقيامتين هنا وهناك .
فكما ان ثقل الجسد يتنقى بتحول النفس وتوبتها ’ فهذا يتطلب دراية ومعرفة بالعقيدة المسيحية لكى يتم التمييز أى من قصص الاسفار المقدسة يجب قبولها حرفيا وأى منها يتطلب قرأة مجازية وروحية ولاهوتية لا تلغى تاريخية النص وتغربه عن بيئته التى ولد فيها بل تسنطقه ’ وتخرج منه "جددا وعتقاء" دون ان تتنكر للبيئة التى ولد فيها النص . أعتاد أتباع فيثاغورس على أن ما يظهر أنه يخص الجسد فى اقوال معلمهم انما هو درس موجه للنفس بينما يرى هيروكليس الذى تخصص فى تفسير "الوصايا الذهبية " والتى تمت نسبتها الى اثيناغوراس خطأ وهى مجموعة من الوصايا الاخلاقية والحياتية ولون من الوان الهيومانيسم القديم .يرى بأنه حينما تثبت النفس اعتدالها بالطاعة فان الجسد سوف يتنقى بالنظام والممارسة والاعتدال والتى هى فى هذه الحالة تمثل بلوغ السر النهائى او كمال السر والذى بدوره يشرف على الحياة التأملية .ولقد وصل هيروكليس الاسكندرى الى أن يوصى تلاميذه المبتدئيين بعدم أكل قلب الحيوان بينما المبتدئ الحقيقى فى النسك يمجد جسده بالامتناع الكامل عن أكل اللحم فى النهاية فأن الارضية المشتركة بين النهج التفسيرى – الهرمونيطيقى اللاهوتى اوريجين والفيلسوف الاخلاقى فيثاغورس هو الايمان بأن هناك نوع من الالهام فى النص وهذه الالهام الذى يتخلل النص يأتى من الالفة الطبيعية بين اللوغو س الكلمة الانسانية وبين اللوغوس الألهى العامل والمتغلغل فى نسيج العالم .أما اذا كان هناك أمور شاذة أو عيوب او نقائص او أخطاء سطحية أو سوئ فهم فأن هذه الامور ترجع الى برنامج للتعليم المتدرج للقارئ وهكذا يصير النص وحروفه وروحه ولاهوته وناسوته مثله مثل العالم العالم والذى بالرغم من تعدد مظاهر الحياة فيه ’ , ’ وايمانه والحاده ’ وأعماقه وسطحياته وثقافاته ’ الا أنه عالم واحد عالم اللوغوس ’ المتعالى والمتنازل فى أن واحد فى وجه المسيح ’ مسيح أوريجين .