عزة كامل
موجة غضب وحزن اجتاحت بنات الأصدقاء والأقارب بعد جائحة كورونا، وبارتدائنا الكمامات، مع فرض التباعد الجسدى، إحساس بعدم الأمان وقلة الحيلة جثم على اللقاء، أخذت أنظر إليهن بعطف ممزوج بالألم والغضب على حالتهن الاحتجاجية بعد جريمة «فيرمونت»، التى وقعت عام 2014، والتى تم استدعاؤها على خلفية الأحداث الأخيرة المشابهة.
أحسست بضربة خنجر أصابتنى عندما وقفت إحداهن وقالت: «من يدرى كم من واحدة ذهبت إلى حفلة مثل تلك وهى مطمئنة، وحدث لها مثلما حدث لفتاة فيرمونت ليتناوب اغتصابها ثمانية ذئاب بشرية؟! لقد ذبحونا يوم ذبحوها».
جملة عميقة اختصرت كل شىء، وجعلتنا نشهق ونحن نحاول لملمة ما تبقى من شظايانا التى تناثرت فى المكان، وأكملت أخرى: «بدأت أخاف من النوم كى لا تداهمنى الكوابيس، أحتاج لهواء نقى لأتنفس وأنجو من هذا الجحيم»، وتساءلت أخريات: «أى مصير قاتم ينتظرنا؟!».
لم أستطع إيقاف مرارة سرت فى حلقى، استدعاء الجريمة أصبح الحدث الاجتماعى الأبشع، فلم يكتف المجرمون بالاغتصاب، بل وقّعوا على جسدها بحروف أولى من كل اسم، وتم توثيق الجريمة «فيديو»، وأرسلوه إلى أصدقائهم نوعا من التفاخر، اغتصاب معلن فى قلب المدينة لتأكيد ذوات مريضة بإذلال النساء.
هؤلاء المجرمون ارتكبوا أكثر من جريمة، خطف البنت، ثم تخديرها، ثم اغتصابها، ثم تصويرها «فيديو»، ثم نشره فى مواقع التواصل الاجتماعى، سادية تحقيق اللذة بتعذيب الآخر، والحصول على متعة شاذة ضد المرأة لأنهم يحتقرون النساء بشكل فظ، واستخدام سلطة ونفوذ أبناء الأثرياء الجدد.
كل شىء متاح؛ التسلية، والاغتصاب بكل سماته السادية، التى هى جزء لا يتجزأ من تكوينهم الاجتماعى والنفسى والشخصى المشوه، وأقصى متعة للسادى تتلخص فى سعيه المدرب لتحقير وإهانة وإذلال الفتيات، وسحق آدميتهن، وجرح كرامتهن دون الشعور بأدنى ذنب، ولا حتى التفكير فى الأذى النفسى والجسدى الذى سيلحق بالضحية، وكيف يمكن لها أن تتعايش مع هذه الجريمة، وكيف سيتعامل معها المجتمع؟!
جميعنا يشعر بأن الجو صار مدججا بروائح كريهة، جعلت خواطر بغيضة تطوف فى أخيلتنا، كأننا نمشى فى طرق موحشة وعرة، طرق مطمورة فى البذاءة والابتذال، يحرسها الشيطان والمال، طرق ملوثة بالعفونة، تحوم فوقها أرواح أضناها الخوف، وسرق منها بريق الحياة، مصير هذه الفتاة وغيرها مرهون بتحقيق العدالة الناجزة لأن ما حدث جريمة ضد الإنسانية، جريمة ضد نساء وفتيات المجتمع المصرى، جريمة تنتظر تحقيقات عادلة وشفافة ولا تتهاون فى عدم إفلات المجرمين من العقاب.
نقلا عن المصرى اليوم