تحتفل مصر بعد غد الخميس بذكرى افتتاح قناة السويس الجديدة في 6 أغسطس 2015 والتى تعد أقصر طريق يربط بين الشرق والغرب وذلك بسبب موقعها الجغرافي الفريد وهي قناة ملاحية عالمية مهمة تصل بين البحر المتوسط عند بورسعيد والبحر الأحمر عند السويس ويصبغ عليها هذا الموقع الفريد طابعًا من الأهمية الخاصة للعالم ولمصر كذلك.
وأبرز المعلومات عن افتتاح قناة السويس الجديدة:
افتتح الرئيس عبد الفتاح السيسي رسميًا مشروع قناة السويس الجديدة في السادس من أغسطس 2015 ووقع وثيقة التشغيل الفعلي للقناة التي تأمل مصر في أن تسهم في تحسين الاقتصاد، وألقى الرئيس بهذه المناسبة كلمة تحدث فيها عن آفاق تشغيل هذه القناة وعائداتها على الاقتصاد والشعب المصري، كما شكر فيها كل من ساهم وعمل على إنجاح هذا المشروع الوطني الذي اُنجز في فترة قياسية.
وهي عبارة عن فرع بطول ٣٥ كيلومترًا يمر بموازاة قناة السويس الأصلية التي يبلغ طولها ١٩٠ كيلومترًا، ويعود تاريخ بنائها إلى ١٤٥ عامًا، ويهدف إلى مرور السفن في الاتجاهين دون توقف في مناطق انتظار داخل القناة وكذلك تقليل زمن العبور مما يسهم في زيادة الإقبال على استخدام القناة ويرفع من درجة تصنيفها.
ومن الشخصيات البارزة التي حضرت الاحتفال على المستوى العربي والدولي، الأمير صباح الأحمد الجابر الصباح أمير الكويت، والرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، والملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البحرين، والرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، والرئيس الفلسطيني محمود عباس، والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، والشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي، ورئيس الوزراء الإثيوبي هيلا مريام ديسالين.
وأكد الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال افتتاح القناة الجديدة أن افتتاح مشروع قناة السويس يمثل انطلاقة لمشروعات جديدة من بينها مشروع تنمية منطقة قناة السويس وتوسعة ميناء شرق بورسعيد، وأثناء إلقاء السيسي لكلمته على المنصة الرئيسية للاحتفال بافتتاح القناة أمام عدد كبير من الزعماء عبرت أول سفينة في قناة السويس الجديدة، وكانت سفينة أخرى تبحر في الاتجاه المقابل في القناة الأصلية.
وتتعاظم أهمية القناة بقدر تطور وتنامي النقل البحري والتجارة العالمية حيث يعد النقل البحري أرخص وسائل النقل ولذلك يتم نقل ما يزيد عن 80% من حجم التجارة العالمية عبر الطرق والقنوات البحرية "التجارة المنقولة بحرًا"، وتوفير الوقت والمسافة هو ما تحققه القناة وبالتالي وفر في تكاليف تشغيل السفن العابرة لها يؤكد ما لهذه القناة من أهمية.
الموقع الجغرافي لقناة السويس يجعلها أقصر طريق بين الشرق والغرب بالمقارنة مع رأس الرجاء الصالح، حيث يحقق طريق القناة وفورات في المسافة بين موانئ الشمال والجنوب من القناة، الأمر الذي يترجم كوفر في الوقت واستهلاك الوقود وتكاليف تشغيل السفينة.
وتتميز قناة السويس بأنها أطول قناة ملاحية في العالم بدون أهوسة، ونسبة الحوادث فيها تكاد تكون معدومة بمقارانتها بالقنوات الأخرى، وتتم حركة الملاحة فيها ليلًا ونهارًا، ومهيأة لعمليات التوسيع والتعميق كلما لزم الأمر لمجابهة ما يحدث من تطوير في أحجام وحمولات السفن، ومزودة بنظام إدارة حركة السفن (VTMS)، وهو نظام يقوم على استخدام أحدث شبكات الرادار والكمبيوتر، ليكشف ويتابع حركة السفن على طول القناة، ويتيح بذلك إمكانية التدخل في أوقات الطوارئ، وتستوعب القناة عبور السفن بحمولة مخففة، لحاملات النفط الخام الكبيرة جدًا (VLCCs) والضخمة (ULCCs)، وكل السفن الفارغة مهما كانت حمولتها.
وجاء نص الكلمة التاريخية للرئيس السيسي:
يسعدني أن أرحب بكم اليوم باِسم شعب وحكومة جمهورية مصر العربية.. أرحب بأشقاء مصر المخلصين وأصدقائها الأوفياء.. من أرادوا أن يشاركوا شعبها العظيم فرحته بإنجازه التاريخي..الذى أثبت من خلاله قدرته على صناعة
التاريخ باقتدار.. والعبور إلى المستقبل مــــــــن أجل تقـــــــدم ورخــــــــاء الإنســـــانية بأكملهـــا
اسمحوا لي أن أتحدث إليكم كمواطن مصري يفخر بعظمة بلاده وبحضارتها العريقة التي تُدرس في العديد من المناهج الدراسية بمختلف دول العالم لتستلهم شعوب العالم القيم التي أرستها تلك الحضارة العظيمة.. وها هي مصر تقدم اليوم هديتها إلى العالم.. ليس فقط من أجل الشعب المصري ولكن من أجل الإنسانية والتنمية والبناء والتعمير.. إن مصر لم تقدم للعالم على مدى العامين الماضيين هذه القناة الجديدة فقط.. ولكن امتد عطاؤها ليشمل مجالات أخرى حيوية.. وسيذكر التاريخ لمصر وشعبها أنهما تصديا لأخطر فكر إرهابي متطرف لو تمكن من الأرض لحرقها.. كما أنهما ساهما في تقديم القيم الإسلامية السمحة.. من خلال الأزهر الشريف وعلمائه الأجلاء.. الذين يساهمون بفاعلية في تجديد الخطاب الديني وتصويبه.
لقد قام الشعب المصري بإنجاز مشروع القناة الجديدة في ظروف صعبة على الصعيدين الاقتصادي والأمني، حيث كانت قوى الإرهاب والتطرف تحارب مصر والمصريين.. إلا أننا استطعنا بفضل الله عز وجل ثم بجهد المصريين التغلب على تلك الظروف وتحقيق الحلم.
إن عظمة القناة الجديدة لا تكمن فقط في كونها إنجازًا هندسيًا هائلًا.. ولكنها أيضا منحت المصريين الثقة وأكدت للعالم أجمع قدرتهم على العمل والإنجاز.. فالقناة الجديدة خطوة واحدة على طريق طويل بدأه المصريون لتحقيق آمالهم وطموحاتهم.
إن سر عظمة المصريين وقوتهم يكمن في وحدتهم ككتلة واحدة ووقوفهم صفا واحدا ويدا واحدة.. وها نحن نرى فضيلة الامام الأكبر وقداسة البابا معًا ليعبرا دائما عن وحدة الشعب المصري.
ولن يفوتني هذا المقام أن أقدم الشكر لأرواح شهداء مصر الذين جادوا بأنفسهم ودمائهم من أجل هذا الوطن ولتحقيق استقراره.. لقد قدموا تضحية غالية ليس فقط من أجل مصر.. ولكن أيضا من أجل الإنسانية.. كما أتقدم بوافر الشكر والتقدير للهيئة الهندسية للقوات المسلحة ولهيئة قناة السويس وتحالف شركات التكريك وشركات المقاولات.. الذين ساهموا جميعًا في إنجاز هذا المشروع العظيم في توقيته المحدد.
وعَدنا نحن المصريين العالم بأن نقدم له القناة الجديدة هدية.. وها نحن نوفى بالوعد الذي قطعناه جميعًا علــى أنفسنـــــا.. وفى زمن قياسي.. نهدى للعالم شريانا إضافيا للرخاء.. وقناة تواصل حضاري بين الشعوب.. لتساهم في تيسير وتنمية حركة الملاحة الدولية.. وتفتح آفاقا جديدة للتنمية.. وتشارك في تحقيق آمال وطموحات شعب مصر العظيم.. الذي أنجز هذا المشروع بعقول أبنائه.. وقوة سواعدهم.. ومدخرات أموالهم.
من سيناء الغالية.. ملتقى الشرق والغرب.. من أرض مصر الطيبة كأخلاق أهلها.. العظيمة في شموخها كالأهرامات.. العبقرية في موقعها على مر الزمان.. الباقية أبدا كنيلها الخالد.. نستلهم من كتاب التاريخ الإنساني.. صفحات الفخـــــر والمجــــــــد التي كتبــــــها الأجــــداد.. ونسطر في صفحات المستقبل نهجا فريدا لمصر الجديدة يلبى طموحات أبنائها.. ويتسق مع كفاحهم ونضالهم الممتد بامتداد البشرية.
لطالما كانت قناة السويس جزءًا من نبض مصر فشغلت مفكريها وأدباءها.. فها هو مفكر مصر الكبير الدكتور جمال حمدان يصفها قائلًا "لنا أن نطمئن رغم كل التحديات والعقبات أن مستقبل قناة السويس وثيق كما هو مضمون.. بل ومشرق أكثر مما كان في أي وقت مضى فقط بشرط أن نقبل بالتحدي.. وأن نتصدى للخطر باليقظة وبالإصرار وبالتخطيط الدؤوب ثم بالعمل الحازم الحاسم".. وها هي نبوءة جمال حمدان تتحقق.. واقعًا جديدًا يجري الآن متدفقًا في مياه هذه القناة.
واسمحوا لي أن أوجه رسالة إعزاز وتقدير لشعب بلادي.. الذي برهن يومًا تلو الآخر على أن عطاء مصر من أبنائها المخلصين لا ينضب أبدًا.. يا أبناء مصر.. إنني أحيى وطنتيكم.. فقد لبيتم نداء الوطن.. وتمكنتم من تمويل هذا الإنجاز الهائل خلال أيام معدودات.. ودعونا جميعا نهدى إنجازنا العظيم لأرواح شهداء مصر الأبرار.. نقول للهم إن أرواحكم لم تذهب هباء.. ودفاعكم عن وطنكم وشعبكم لم يكن فقط من أجل الدفاع عن أرض الوطن.. ولكن أيضا لمنح الأمل لأجيال قادمة.. ستعي وتتعلم من تجاربكم وتاريخكم معاني الفداء والتضحية والإيثار.. فلتنعموا جميعا في سلام الجنة.. ولن يفوتني في هذا المقام أن أتوجه بخالص الشكر والتقدير.. لكل من ساهم بنتاج عقله وجهده في تحقيق هذا الإنجاز المبهر.
إن انطلاق حركة الملاحة البحرية في قناة السويس الجديدة.. وإنجازها بهذه المعدلات غير المسبوقة.. يتخطى تحقيق أهداف اقتصادية أو سياسية.. ليبرز لنا هدفا إنسانيا تنشده مصر المستقبل.. يحقق لشعبها الكرامة والعدالة والاستقرار.. في ظل دولة ديمقراطية مدنية حديثة.. مــن خــلال استدعاء القــدرات المصرية على البناء بخطوات متسارعة في شتــى المجــالات.
إن مرحلة البناء الراهنة تتطلب تهيئة المناخ المناسب للعمل والاستثمار.. ولقد كان رجال القوات المسلحة والشرطة المدنية في طليعة الصفوف المصرية.. التي تسعى بدأب وإخلاص في مواجهة إرهاب أعمى.. فقد صوابه.. وراح يضمر الشر والسوء لمصر وشعبها.. وأراد أن يفرض على المصريين أفكاره المتخلفة عن ركب الحضارة.. فكانت إرادتهم وقدرتهم على هزيمته ودحره أقوى من حقده وعنفه.
إن التاريخ يروى للإنسانية بأسرها كيف كانت قناة السويس.. محورًا لانطلاق إشعاع مصر الثقافي والحضاري للمنطقة والعالم بأسره.. وهمزة الوصل بين مختلف أرجائه.. بدءا من العصر الفرعوني ومرورا بالحكم الإغريقي والحقبة الإسلامية..
ثم التاريخ الحديث.. ووصولا إلى قناتنا الجديدة.. إن مصر ستظل الملتقى الجامع للشرق والغرب مثلما كانت على مدى التاريخ.
إن الشعب المصري العظيم يعلن للعالم اليوم رسالة قناة السويس الجديدة: إننا ننتصر على الإرهاب بالحياة، وعلى الكراهية بالحب.. لتكن القناة منطقة رخاء للإنسانية.. ليس فقط فوق مياهها بل وعلى ضفتيها.. بما يرتفع إلى مقام تاريخ هذه القناة التي وضعت بصماتها على جغرافيا الوجود وخريطة البشرية.. وأؤكد لكم أن مصر ليست بلد المشروع الواحد.. ولا يصح أن تكون كذلك.. فشعبها الشاب كما هو في حاجة إلى العمل فإنه أيضـــا قـــادر علــى الإبـــداع والإنجـــاز.. وما افتتاح قناتنا الجديدة اليوم إلا انطلاقا لمشروعات وطنية عديدة.. ولعل أكثرها اتصالا بإنجاز اليوم هو مشـروع التنميـة بمنطقـة قنـاة الســويس.. حيث تم اعتماد المخطط العام للمشروع.. وستشرع الحكومة على الفور في تنفيذه بتنمية وتطوير منطقة شرق بورسعيد.. والتي ستشهد توسعة ميناء شرق بورسعيد وتطويره.. والاهتمام بالظهير الصناعي للميناء.. وكذا تطوير البنية الأساسية للمنطقة وربطها مع المشروعات الأخرى الجاري تنفيذها.. وسيلى ذلك البدء مباشرة في تنمية مناطق الإسماعيلية والقنطرة والعين السخنة.
إن تنمية منطقة القناة تستهدف إنشاء منطقة اقتصادية عالمية.. تشمل عددا من الموانئ والمدن الجديدة والمراكز اللوجستية والتجارية.. والتي تحقق زيادة لمعدلات التبادل التجاري بين مصــــر وجميــع دول العالم.. ونحن باستمرارنا في تحقيق هذا الهدف.. نطمح إلى مشاركة أصدقائنا في كافة ربوع العالم في حلمنا الطموح ببناء مصر المستقبل.. حيث تنطلق في مصر حزمة من المشروعات تستهدف إنشاء شبكة قومية للطرق العملاقة.. وتنمية زراعية تطمح لاِستصلاح مليون فدان.. وإنشاء عدد من المدن الجديـــدة لتســـتوعب الزيـادة الســكانيــة.. بالإضافة إلى البدء في تدشين عدد من الموانئ.. والتوسع والتنمية الصناعية من خلال تشجيع الصناعات الصغيرة والمتوسطة.. وأؤكد لكم جميعا إن الدولة المصرية تجدد عزمها على المضي قدما على خطى الإصلاح السياسي والاجتماعي.. لتحقيق أهداف وطموحات أبنائها في العدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانيـة.
إنني أتوجه لكم جميعا بالتحية والتقدير.. وأشكر الله عز وجل أن وفقنا جميعًا لإنجاز هذا الحلم الكبير.. الذي عظم لدينا الدافع لتحقيق المزيد من الإنجازات لمصرنا الحبيبة الغالية.. ذلك الوطن العظيم الذي حملني أمانته ومسئولية قيادته.. إن هذا الوطن يستحق أن نبذل من أجله الكثير ونضحي من أجل أن يصل إلى ما يستحقه.. هذا الوطن ينتظر منا جميعا صدقا في النوايا.. وإخلاصا في العمل.. وثباتا على المبادئ والقيم.. جميعًا.. شبابا وشيوخا.. رجالا ونساء.. مسلمين ومسيحيين.
إن مصر التي استعادت إرادتها مع ثورتي الخامس والعشرين من يناير والثلاثين من يونيو.. قد اختارت سبيلها.. وأنارت دربها.. وإن كانت لم تصل بعد إلى كل ما تريد.. فإنها عرفت كل ما تريد وتمضي في طريقها لتحقيقه.. وإذا كانت الشعوب قادرة على الحلم.. فإن الشعوب الحرة فقط هي القادرة على الإنجاز.
بسم الله الرحمن الرحيم.. على بركة الله.. نأذن نحن عبد الفتاح السيسي رئيس جمهورية مصـر العربية.. ببدء تشــغيل قنـاة السويـس الجديـــدة.
تحيا مصر.. تحيا مصر.. تحيا مصر
وتحيا شعوب العالم المحبة للسلام..
وتحيا مبادئ الإنسانية وقيم التسامح والتعايش المشترك