بعد مطالب بإعلان لبنان "دولة فاشلة" وتجريد حزب الله من السلاح.. ماذا يعني مصطلح الدولة الفاشلة وما يترتب عليه من قرارات دولية؟

 

ليلة دامية شهدتها عاصمة الأرز "بيروت"، تفجير خراب ودمار.. رائحة الدم تملأ الأركان، الأشلاء بالشوارع، بكاء ونحيب على الضحايا والمصابين والمفقودين، صرخات مدوية هزت أركان العالم من بيروت، إثر انفجار مرفأ بيروت بنحو 2800 طن متفجرات خلفت آلاف الضحايا والمصابين والمفقودين.

 

تعج المستشفيات بالمصابين بخلاف مصابي كورونا، تعجز عن تقديم يد العون، آلاف المصابين بلا علاج بلا طبيب بلا سرير بالمستشفى، قوات الدفاع المدني تواصل البحث تحت الأنقاض أملاً في العثور على المزيد من المفقودين، مساعدات ومساندات دولية للبنان في محاولة لتخفيف وطأة الفاجعة.

 

اتهامات لإسرائيل وأخرى لحزب الله، العلم يؤكد استحالة وقوع هذا الانفجار دون أن يكون متعمد، اتهامات من الإعلام اللبناني للحكومة ومسؤولي الدولة اللبنانية بـ الدولة الفاشلة.. فماذا يعني مفهوم الدولة الفاشلة في علوم السياسة؟ وما القرارات التي تترتب على هذا التوصيف؟ هذا ما سنعرفه بالسطور المقبلة.

 

حمّل المذيع اللبناني، مارسيل غانم، مقدم برنامج "صار الوقت" المذاع عبر فضائية "mtv" اللبنانية، مساء الثلاثاء، مسؤولية تفجير مرفأ لبنان للمسؤولين والحكام قائلاً: "أنتم لم تبنوا دولة.. أنتم بنيتم مزرعة، كلكم استقيلو بداية من رئيس الجمهورية، اللي المفروض يقدم الان استقالته، مرورًا برئيس الحكومة، ورئيس مجلس النواب، وأعضاء المجلس والوزراء".

 

وتابع "كلكن يعني كلكن.. من كبيركم لصغيركم.. لا يحق لكم أن تتكلموا، ولا أن تتحدثوا ولا أن تراقبوا أو تتفقدوا اسكتوا، اعتقدنا أن العدو الإسرائيلي هو الذي يضرب لبنان فوجدنا أن السبب أسوأ من العدو، فأنتم السبب أنتم المهملون والمفسدون الفاسقون.. أنتم الجبناء والعار والإهمال الذي قتل الناس اليوم.

 

وأردف، "متفجرات متواجدة بالمرفأ منذ عدة سنوات، موضوعة ومخزنة بطريقة غير شرعية، هذا الموضوع يجر دولة بأكملها للاستقالة، دولة لا تعرف ماذا يوجد في المستودع بالمرفأ، أطنان من المواد لا تعرف دولتنا ما هي، يقولون مفرقعات ثم يثولون كيماويات ثم يقولون مواد متفجرة، هي دولة فاشلة وغبية وحقيرة".

 

وأضاف، كنا نخاف من كورونا.. واليوم انظروا إلى المستشفيات، إلى الأحياء، إلى الناس، تئن من الموت والجوع والعطش على حافة الطرقات، هناك أشخاص فقدوا لا نعرف أين هم؟

 

وشدد، ما حدث بمرفأ بيروت يستدعي استقالة دولة بكاملها، أنتم دمى تتسترون على الخطأ والفساد، ماذا فعلتم؟ ألم تروا هذا الانفجار المخيف الذي وصل إلى قبرص واليونان وتطايرت الأشلاء بالبحر.

 

وأختتم بقوله، يا مجرمون يا وقحون يا سفلة.. زعلتوا إن قلنا تفوا، تفوا عليكن كلكن.

وكذا دعا خبير استراتيجي لإعلان لبنان دولة فاشلة وأن يكون هناك وصاية دولية عليه يتم بموجبها نزع كل السلاح خارج الشرعية والبدء بإعادة إعمار ما تهدم وإعادة الثقة للمدنيين.

في العلوم السياسية تصنف الدول الضعيفة والمغلوبة على أمرها بالفاشلة، إذ يُعتمد في التصنيف على مؤشرات سياسية واقتصادية واجتماعية وعسكرية.. متى توافرت يتم تصنيف الدولة هكذا.

 

يستخدم مصطلح الدولة الفاشلة من قبل مختلف وسائل الإعلام في العالم، بوتيرة أسرع من السابق، إذ استحضر بقوّة خلال فترة ما سمّي بالربيع العربي ولا يزال، وتمّ إطلاق هذه التسمية من قبل دول وهيئات ومؤسّسات حكومية وغير حكومية، على دول عربية وغير عربية، بهدف التأثير في أوضاع هذه الدول من دون استعمال القوّة العسكرية، وذلك في إطار ما سمّي بالجيل الرابع من الحروب غير المتماثلة.

 

بدأ الاهتمام بمفهوم الدولة الفاشلة من قبل أكاديميي السياسة منذ بداية الثمانينيّات، إلا أن الترويج السياسي له ظهر في أوائل التسعينيّات في خطاب مندوبة الولايات المتحدة الأمريكية في الأمم المتحدة، في سياق حشد الجهود الدولية لمساعدة الصومال وإنقاذها. وتلى ذلك ترويج للمفهوم من خلال استخدام المصطلح على يد كلّ من جيرالد هيلز وستيفن راتنر، من خلال دراسة نُشرت لهما في العام 1993 عن الدولة المنهارة في العام 1995. 

 

وحدث الاهتمام العالمي بمخاطر الدول الفاشلة، بعد أحداث 11 سبتمبر 2001، حيث اعتبرت هذه الدول منطلقًا لتصدير المخاطر(الإرهاب الدولي، تجارة المخدرات، الأسلحة غير الشرعية، اللاجئين والمهاجرين غير الشرعيين، …إلخ) إلى دول العالم الأخرى، بما فيها الدول الغربية والولايات المتحدة الأمريكية، فأُعطي مفهوم الدولة الفاشلة مجالًا أوسع ليضم دولًا كالعراق.

 

سمات الدول الفاشلة ومؤشراتها، وهو فقدان الحكومة المركزية سيطرتها على إقليم أو أقاليم من أراضيها، أو فقدان الدولة حقها السيادي في احتكار قوّتها بشكل شرعي، ما يعرضها للاضطرابات وحركات العصيان المدني، فتصبح الدولة عاجزة عن تقديم الخدمات المجتمعية.

 

تصبح الدولة فاشلة عندما تكون سيادتها مقيدة بسبب تعرضها لعقوبات اقتصادية، وسياسية، وعسكرية، أو وجود قوات أجنبية على أراضيها. ويمكن التعرف إلى بعض خصائص هذا المفهوم، ومنها عدم قدرة الدولة أو رغبتها في حماية المواطنين واعتبار نفسها فوق القانون المحلي أو الدولي، فتمارس العنف وترتكب العدوان، أو تعاني عجزًا ديمقراطيًا يجرّد مؤسساتها الحكومية من جوهرها الحقيقي.