د. مينا ملاك عازر
لأني لا أمتلك ناصية الحقيقة، ولا أثق في كثر من لجان التحقيق التي تعقد في الوطن العربي عامة، وخاصة في وطن كلبنان المقسم، المصالح تحكمه، وتحمي ساسته الفاسدين في معظمهم، لا أستطيع الجزم بشيء لكنني أستطيع تقديم المعلومة الواثق منها لسيادتك، ولأترك لخيالك الخصب ولعقلك الراشد أن يحكم، وربما تبلغنا الأيام القادمة ما لم نبلغه الآن.
2012 اعتقال عنصر في حزب الله في قبرص وإكتشاف٨٫٢ طن من نترات الأمونيوم بمنزله.
2015اعتقال 3 من الحزب في الكويت واكتشاف كميات من نترات الأمونيوم تخصهم.
2017بوليفيا تضبط نترات أمونيوم تخص الحزب.
2020 ألمانيا تصنف الحزب إرهابياً وتضبط نترات أمونيوم.
كما يمكنني إضافة مشهد بين الأزمنة سالفة الذكر، وهو مشهد رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو وهو في جلسة بمجلس الأمن سنة 2018 وبيدعي أن حزب الله يمتلك مواد متفجرة في ميناء بيروت.
عند هذا الحد يمكنني ختام المقال، ويمكنك أن تخرج عزيزي القارئ راضي باتهام حزب الله بالمسؤولية عن الكارثة التي أصابت لبنان والتي ختمت بها المعلومة، لكن دعني أضع لك المعلومات من زوايا أخرى.
هناك مجلة إسبانية ربع سنوية (يعني كل 3 شهور بتطلع عدد) وبتصدر بالإنجليزية المجلة اسمها The Arrest وبالرجوع للعدد رقم 11 الصادر في أكتوبر من عام 2015ورد بها تقرير عن توقيف سفينة محملة ب ٢٧٥٠ طن من نترات الأمونيوم المادة اللي سببت الانفجار، وده حصل في لبنان وتحديداً في سبتمبر ٢٠١٣ السفينة اسمها إيمانويل توماسوس Emmanuel Tomasos ومملوكة لشركة اسمها توماسوس براذرز Tomasos Brothers Company وكانت رافعة علم مولدافيا وكان خط سير إبحارها من جورجيا إلى موزامبيق وفي الطريق حصلها عطل أجبرها على الرسو في ميناء بيروت، وبعد التفتيش في ميناء بيروت تم منعها من الإبحار، وهنا أكتر من شركة قالت إنها مداينة شركة توماسوس براذرز وأبرزهم شركة خدمات وقود البحر المتوسط Mediterranean Bunker Services، ولما القضية تم عرضها قدام القضاء اللبناني اتعقدت، وخيوطها دخلت في بعضها لدرجة أن شركة توماسوس براذرز قالت خلاص مش عايزين السفينة بحمولتها، والله ما هي راجعة.
بس الفكرة أنه تم حجز طاقم السفينة بسبب مشاكل الفيزا، وهنا مكتب محاماة لبناني تدخل وساعد في الإفراج عنهم بشكل قانوني بعد ما فشلت الجهود الدبلوماسية، ووفقاً للتقرير اللي مكتب المحاماة اللبناني كتبه للمجلة الإسبانية، فإنه وبسبب مخاطر الإبقاء على شحنة نترات الأمونيوم في السفينة تم تفريغها وتخزينها في مخزن في ميناء بيروت في ٢٠١٥، بانتظار أن يتم طرحها هي والسفينة في المزاد وده محصلش بسبب فساد وإهمال كل الحكومات اللي تعاقبت على لبنان مش بس من 2013 ولكن على مدار آخر 30 سنة على الأقل.
وهنا وبعد ما أوردته على عهدة المجلة الإسبانية، يمكنني التوقف حيث أنني بهذا رصدت لكم زاويتين، أحداهما يتناولها الإعلام المناوئ لحزب الله -بالمناسبة أنا واحد من الرافضين للحزب ولتسميته ولأعماله المدمرة للبنان- والأخرى تبدو محايدة تبرئ الحزب مبدئيا من تخزينه النترات القاتلة بشكل غير مباشر، ولكنني وللمرة الثانية والأخيرة لن أختم المقال مكتفياً بتلك الزاويتين بل أضيف إليها الزاوية الإنسانية وهي الأهم.
إذن أن المصائب لا تأتي فرادى، فانفجار ميناء بيروت أخد في سكته مخزون القمح، ومخزون من الأدوية المستوردة لأصحاب الأمراض المزمنة، ده غير إن الميناء نفسه هو المنفذ الوحيد للتصدير وتوفير العملة الصعبة في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة والعقوبات الأمريكية على البنوك اللبنانية، والخارجية الأمريكية أعلنت أن عندها تقارير تؤكد تسبب الانفجار في تلوث الهواء بغازات سامة، أي أننا بصدد كارثة تفوق قدرة أمم كبرى على الاحتمال، فما بالك ببلد ممزق زي لبنان للأسف.
المختصر المفيد يعيد التاريخ نفسه لأن الحمقى لم يستوعبوه جيداً.