سليمان شفيق
في القائمة الوطنية لمجلس الشيوخ يلمع اسم فريدة النقاش مرشحة دفعت الثمن وتبحث عن دعم الوطن والنساء والفقراء .
منذ تأسيس حزب التجمع الوطني عام 1976 تعرفت علي الكاتبة فريدة النقاش ، وزوجها الكاتب حسين عبد الرازق ، فتاة جميلة مثقفة واشتراكية ، رضعت من ثدي اليسار وتكحلت من طمي النيل ، واكملت مسيرة نساء يساريات عظام اعطوا الوطن اكثر مما اعطوا لاي شئ اخر في الحياة ، فريدة ابنة فضيلة الشيخ عبد المؤمن النقاش الرجل الازهري الذي علم اولادة وبناتة ان حب الوطن من حب الله ، كانت فريدة هي البنت الصغيرة الراعية الاسرة في امومة مبكرة ، فكان الوطن هو الام والام هي الوطن ، من مواليد مدينة أجا في محافظة الدقهلية. حصلت علي ليسانس الآداب من جامعة القاهرة العام 1962، عملت في عدة مؤسسات إعلامية مثل وكالة أنباء الشرق الأوسط وجريدتي الجمهورية والأخبار المصريتان، إضافة لكونها رئسة تحرير جريدة الأهالي فهي رئيسة تحرير مجلة أدب ونقد
لا انسي كيف عرف الجلاد طريق فريدة ومنذ 1977 كانت تختطف من الامن هي وزوجها حسين وتسكن الزنازين تاركة اطفالها ، مما جعل واحد من اهم كتبها واهم الكتب في ادب السجون كتاب (السجن الوطن) والذي كتبت عنة الاستاذة الدكتورة نيفين مسعد (في هذه الزاوية البعيدة كانت تنحشر مجموعة من السير الذاتية من تلك التي يقال عنها أدب السجون، سير لمثقفات أمثال فريدة النقاش ونوال السعداوي وصافيناز كاظم تتكرر في عناوينها كلمة السجن وإن كان عنوان فريدة هو الأوجع، لم يحدث أن استخدمت أفعل التفضيل من قبل للدلالة على الوجع لكن هأنذا أفعل ذلك مع فريدة النقاش وأنا أستعيد عنوان كتابها)
وتقول فريدة عن نفسها :
(بدأت علاقتي بالكتاب من الصغر بفضل شقيقي الأكبر رجاء النقاش فهو الذي أعطاني أول كتاب قرأته في حياتي، ولا أذكر اسمه، فقد كنت صغيرة جدا لكني أذكر أنه كان عبارة عن رواية أميركية تتناول اضطهاد السود في أميركا وقرأته بشغف كما أنه وطد علاقتي بعالم الكتب التي كانت تزخر بها مكتبة والدي المدرس والشاعر
وفي رحلتي مع الكتاب كان أول كتاب أختاره بنفسي من مكتبة والدي هو ديوان للمتنبي وكنت صغيرة أيضا لدرجة أنني لم أفهم منه شيئا لكني استمتعت بإيقاع كلماته وقد أعدت قراءته فيما بعد باهتمام ووعي أكبر.
مخزون الكتب الكبير في مكتبة والدي كان كافيا لأنهل منه ما أريد قراءته في فترة النشأة الأولى ولكن هذا لم يمنعني في التفكير باقتناء كتاب من خارج مكتبة الأسرة وأذكر أن أول كتاب حرصت على الادخار من أجل شرائه من مصروفي الخاص كان كتاب «الجنس الثاني» لسيمون دي بوفوار وكنت في الثانوية العامة وسمعت عن الضجة التي أثارها هذا الكتاب بعد ترجمته في بيروت فقررت اقتناءه
واقع الأمر أنني لم أقتصر على مجال ثقافي معين، فقد تنوعت قراءاتي في مجالات مختلفة بداية من القرآن الكريم الذي أحرص عليه باستمرار مرورا بدواوين الشعر العربي القديم وصولا للثقافة العالمية التي انفتحت عليها بعد التحاقي بقسم اللغة الإنجليزية بكلية آداب القاهرة. ولا أنكر أنني كنت أكثر انبهارا بهذه الثقافة الجديدة إلى جانب حرصي على القبض على الثقافة القديمة في نفس الوقت
من بين الكتب التي يراودني الحنين الجارف لإعادة قراءتها كل فترة رواية صادفتني وأعجبتني بشدة وهى رواية «الأم» لمكسيم جوركي والتي ترجمت للعربية في الخمسينات والستينات وقد تركت أثرا عميقا في نفسي، خاصة وأنني أنتمي لقرية كانت مليئة بالفقراء - قبل أن أسافر للقاهرة للدراسة الجامعية - فرغم أننا كنا أسرة مستورة كانت هناك فقراء كثيرون حولنا في القرية لا يجدون ما يقتاتون به وكان هذا الفقر يثير تساؤلات كثيرة في نفسي ولما قرأت «الأم» استشعرت من نضال بطليها قيم الاشتراكية فكانت هذه الرواية مدخلي للاقتناع بالفكر الاشتراكي حلا للمشكلات الموجودة. وحتى بعد ظهور كتب أخرى تناولت سقوط الاشتراكية أو انتقدتها فلم يزدني ذلك إلا اقتناعا بالاشتراكية كضرورة لخلاص الإنسانية من الاستغلال. وأنا أعتقد أن ما حدث في منظومة البلاد الاشتراكية لم يكن إلا سقوط لتجربة أولى كانت بروفة تمهيدية للتجربة الثانية للاشتراكية التي ستأتي هذه المرة بعد أن تتخلص من غياب الحريات وتقييدها الذي كان سبب سقوطها في المرة الأولى)
هكذا تكون الوعي عند فريدة وجبلت علي احترام وطنها ونوعها والفقراء وكل البشر دون توقف امام اللون او النوع او الدين او الطبقة الاجتماعية )
تري فريدة ان هناك تناقض كبير بين الدور الذي لعبته المرأة في الموجات الثورية المتتالية والاستحقاقات الديمقراطية المتتالية لـ«خارطة الطريق» سواء التصويت على الدستور أو انتخابات الرئاسة، وبين مكاسب المرأة، فبينما كان الحضور النسائى ملفتًا وعظيمًا في حسم مستقبل الثورة، فإن الحصاد كان هزيلًا جدًا بالمقارنة بما قامت به، وذلك لسببين رئيسيين، أولهما الهيمنة الثقافية التي مارسها اليمين الدينى - الذي أرفض أن يطلق عليه «الإسلام السياسي»، لأن الإسلام بريء مما يفعلون - وسيطرته على ذهنية قطاعات كبيرة من المجتمع المصرى في ظل أن شعاره الرئيسى «المرأة عورة»، والسبب الآخر هو مواصلة السياسات الاقتصادية والاجتماعية التي انتهجتها الأنظمة المستبدة منذ عهد «السادات» ولم تتغير، وهى السياسات القائمة على السوق الحرة دون ضوابط، ما جعل المرأة «سلعة» تستخدم في كل المجالات، فهذه السياسات الاقتصادية والاجتماعية أدت إلى تدهور أوضاع الفقراء، ومن بين الفقراء كان النساء، ومن بين العاطلين فإن النساء هن الأكثر عرضة للبطالة، ومن بين الأميين هن الأكثر أمية أيضًا، وهذه حقائق عالمية في معظم بلدان العالم، وخاصة دول العالم الثالث، فالنساء يعانين من دفع ثمن التراجع في كل المجالات، وبالتالى فإن «اليمين الدينى» و«الرأسمالية المتوحشة» وقفا ضد تطور وضعية النساء.
وعن علاقة الرئيس السيسي بالمرأة تقول :
- (الرئيس السيسى له نوايا طيبة بخصوص المرأة، وفى خطاب تنصيبه أصرف في منح العهود للنساء، لكنه عند التطبيق تصرف بنفس الطريقة القديمة، لأنه محكوم بالمحيط الذي يتحرك فيه، لكن لا يكفى، فنحن في حاجة ملحة لتطهير قوانين الأحوال الشخصية، وونحيي نسبة اعطاء النساء 25% في البرلمان و10% في الشيوخ وننتظر تعديل قوانين الأحوال الشخصية، خاصة أن هذا القانون يتأسس على فلسفة معادية للنساء، وهى أن الرجل ينفق والمرأة تطيع، وهذا المفهوم ضد الديمقراطية وضد إنسانية المرأة، وضد مبدأ المواطنة، وبناءً على هذا المفهوم تأتى فكرة «الطاعة»، بحيث يجعل من المرأة وهى الطرف الآخر في العلاقة الإنسانية، كائن أدنى أقرب إلى الحيوان، وهكذا تصبح العلاقة بين الرجل والمرأة في القانون المصرى علاقة
«عبودية",واضافت فريدة النقاش في حوارها مع البوابة نيوز :
يمكن تقييم الرئيس السيسي علي مستويين :- يمكن الحكم على الرئيس من خلال مستويين، الأول «السياسات الخارجية» وهذا المستوى ناجح جدًا ويستعيد صورة مصر سواء في أفريقيا أو الوطن العربى أو العالم الأوربي، والثانى «السياسات الداخلية» وهو أيضًا ينقسم إلى شقين، الشق الخاص بالمشروعات الكبيرة مثل «قناة السويس الجديدة» و«مشروع المليون وحدة سكنية» فالأداء فيها جيد جدًا، أما الشق الثانى فيتمثل في استسلامه لرجال الأعمال والانحياز للأغنياء على حساب الفقراء، الذين يتحملون بسبب حبهم لـ«السيسى»، لكن لا أحد يعلم إلى متى ستصمد قوة تحملهم في ظل الانحيازات ضدهم.)
تحية للنائبة القادمة والمرأة المناضلة والمثقفة الحقيقية فريدة النقاش