كان لكلمة نقيب الأشراف تأثير طاغ على جموع المصريين، فكان زعيمًا شعبيًا لهم بفضل المكانة العلمية والوطنية والشعبية الرفيعة، التي كان يحظى بها لدى المصريين.
وسيرته الذاتية تقول إنه مولود، عام ١٧٥٠، في أسيوط وانتقل للقاهرة للدراسة بالأزهر، وأنهى دراسته وانخرط في الحياة العامة، وأوقف حياته وعلمه على خدمة الدين والوطن إلى أن عين نقيبًا للأشراف، عام ١٧٩٣.
وظهر كقائد شعبي، عام ١٧٩٥، عندما قاد حركة شعبية ضد ظلم المماليك، وحين جاءت الحملة الفرنسية، عام ١٧٩٨، استنفر الشعب للنضال وبث روح المقاومة وخرج على رأس المقاومة، ولفارق العتاد والعدة والخبرة القتالية منى المماليك والمصريون بالهزيمة في معركة إمبابة.
ورحل «مكرم» إلى بلبيس وهناك استنفر الناس لمواجهة الفرنسيين، لكن الفرنسيين انتصروا في الصالحية، أغسطس ١٧٩٨، فرحل إلى العريش ومنها إلى غزة وصادر نابليون أمواله وعزله من نقابة الأشراف.
وألقى القبض عليه في يافا ووُضع تحت الإقامة الجبرية ثم عاد للقاهرة واعتزل السياسة، لكنه شارك في ثورة القاهرة الثانية وحين فشلت رحل إلى الشام وعاد مع الجيش العثمانى للقاهرة، عام ١٨٠١، وحين عمت الفوضى السياسية في مصر في ١٨٠٥، بعد خروج الفرنسيين وتصارع الجميع.
وجاء خورشيد باشا حاكمًا، لكنه لم يفلح في ضبط الأمور والسيطرة على الأوضاع، فقاد مكرم ثورة شعبية ضده واستطاع الشعب أن يعزله ويولى حاكمًا جديدًا هو محمد على، الضابط الألباني، الذي أظهر تعاطفاً وتقربًا من المصريين.
وكان عمر مكرم قد أقر حق الشعب في عزل حكامه إذا أساءوا الحكم، غير أن التأثير الطاغى لعمر مكرم على المصريين جعل محمد على يفكر في التخلص منه مستثمرًا رغبة بعض العلماء في الاقتراب من السلطة وما دب من انقسام في صفوف العلماء.
كما نقل الوشاة إلى الباشا أن مكرم قال: «كما أصعدته إلى الحكم فإنني قدير على إنزاله منه».
كما لم تفلح محاولات الباشا في إغواء «مكرم»، فقام الباشا بعزله من نقابة الأشراف ونفاه إلى دمياط «زي النهاردة» في ١٢ أغسطس ١٨٠٩ لـ10 سنوات.
وعاد للقاهرة في ٩ يناير ١٨١٩، وابتعد عن الحياة العامة وحين انتفض القاهريون في مارس ١٨٢٢ ضد الضرائب نفاه محمد على ثانية إلى خارج القاهرة، ومات في نفس العام.