بقلم: فيولا فهمي
الحق يُقال حتى لو ربطوا صاحبه بالحبال.. بالرغم أننا دولة الهوس الديني وشعوذة السحر، بلد الألف مئذنة ومليون زاوية مسجد وأعلى معدلات التحرش الجنسي والجريمة، بلد تضم أكثر شعوب العالم إدمانًا لاستخدام المواقع الإباحية وأدوية المنشطات الجنسية والقيام برحلات الحج والعمرة، حكومة حريصة على الاحتفال السنوي بعيد العمال بالرغم من انهيار الصناعة وتوقف عجلة الإنتاج.. إلا أن النظام الذي نعيش تحت ظلاله الوفيرة منذ 28 عامًا قد نجح بجدارة في استكمال المسيرة الحافلة التي بدأت بالانقلاب الثوري عام 1952، فلقد كان أحد أهدافه النبيلة تأسيس صناعة وطنية قوية وتقوم على السواعد المصرية، ورغم أن هذا الهدف لم يتحقق إلا أن الاعتراف بالحق فضيلة، فلدينا العديد من الماكينات التي تنتج لنا صناعة مستقرة لا غبار عليها..
لدينا أكبر ماكينات لصناعة الاتهامات، فهناك أجهزة أمنية تلقي بالاتهامات المطاطية جزافًا على المعارضين وتعتبرهم أعداء الوطن المندسين، ويبدو أن تلك الأجهزة قد نقلت العدوى إلى الأفراد حتى أصبحت أقصر طريق للمواجهة والمنافسة بين الأفراد هو إلقاء الاتهامات وتشويه السمعة والخوض في الأعراض وانتهاك خصوصية الحياة الشخصية دول دليل أو برهان..
لدينا أيضًا ترسانة قوية لإنتاج التخلف والجهل والتغييب الفكري والثقافي مصدره الأساسي البرامج الفضائية التي تستضيف شيوخ الأحلام وعمائم الفتاوى، تجعل الغلابة يعتقدوا أن دخول الحمام بالرجل اليسرى شر محتوم، وخلع ملابس المرأة أمام الكلب الذكر فسق محكوم..
لا نستطيع أيضًا أن ننكر امتلاكنا لأحدث ماكينات التعذيب الحديثة، فلقد دأبت وزارة الداخلية على إمدادنا بأحدث الوسائل والأساليب المتطورة في هذا المجال، لنتفوق على جميع البلاد العربية التي كانت تتصدر قائمة البلاد المنتجة..
نمتلك أيضًا بلا منافس مصانع لإنتاج صناعتين استراتيجيتين أولهما الاستبداد الفكري والسياسي والثانية الاستسلام والاستكانة، وتلك المصانع بداخل المدارس والجامعات، حتى يتعلم النشء والجيل الصاعد فن الاستكانة والصمت أمام الظلم والشعور بالألفة مع الاستبداد..
بالفعل نجيد إنتاج صناعات استراتيجية غير ملوثة للبيئة ولكنها ملوثة للفكر والعقل..