بقلم : كمال زاخر
جيلنا تربي علي تقبيل يد ابيه وأمه وامتد الأمر الي الأب الكاهن، فصار الكاهن "ابونا"، الذي نقبل يده، وكنا ننادي أجدادنا ب "سيدي" و "ستي"، ولما كان الأب الأسقف هو بمثابة الأب للكاهن، فحسب بمقام الجد بالنسبة لنا، فهو أبو أبونا، وصار من الطبيعي أن يحوز لقب "سيدي" وفي المجمل "سيدنا"، وحين بسطت الرهبنة ظلالها علي الكنيسة مع ابتعاثها المعاصر عرفت "الميطانية" للأب الأسقف طريقها إلي تعاطي الناس معه.
اللافت هو ذهاب البعض - وقتها - إلي رد الأمر إلي تأصيل طقسي وعقيدي وتوظيف نصوص تراثية لاثبات أنه تسليم آبائي، ربما انحيازاً للنسق الديري الرهباني، بل وطرح الأمر في مؤتمرات كنسية حاشدة، مازلت اذكر منها "مؤتمر خدام مدارس الأحد" - أظنه عقد بالاسكندرية ما بين عامي ٦٨ و ٦٩ أو حول ذلك، ان لم تخذلني الذاكرة.
تجري الأيام وتختفي عادات وتتغير خريطة العلاقات الجيلية، ولم يعد تقبيل الأيدي من آيات احترام الكبار، ولم يعد الجد "سيدي"، اجتاحتنا ادبيات ومعطيات الثورة الرقمية وآليات التواصل الإجتماعي وما بعد عصر السرعة، وزادت أعباء الكنيسة ومسئولياتها، بما يتجاوز الشكل والألقاب في تحديات جديدة فرضتها سيولة المعرفة وخروج المعلومات - المتداولة والمتاحة - عن السيطرة والتدقيق والتوثيق، وصارت اجيالنا الواعدة في مهب التشكيك والتسطيح، ووضع الإيمان علي المحك.
صارت الكنيسة بحاجة الي اعادة هيكلة منظومتي الرعاية والتعليم بما يعينها علي تواصل معمق مع اجيالها الجديدة، يقدم لهم ما تملكه من زخم ايماني حفطته بامتداد قرون كما تسلمته بتواتر يصل الي رب المجد عبر طابور لم ينقطع من آباء حفظوا الوديعة.