كتب – روماني صبري
برع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في المتاجرة بالقضية الفلسطينية، لذلك سرعان ما استغل إبرام الإمارات وإسرائيل اتفاقية السلام بين البلدين، والتي شهدها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبو ظبي، والتي تقضي بتعليق خطط الضم الإسرائيلية لأجزاء من الضفة الغربية، ليظهر كالعادة في صورة الرئيس الشجاع المناهض لتل أبيب من اجل الشعب الفلسطيني، حيث استنكر المعاهدة ووصف قرار الإمارات بأنه خيانة للقضية الفلسطينية، زاعما أن الإمارات تمرر هذا التطبيع كنوع من التضحية بالنفس من أجل فلسطين، وإنها في الحقيقة خانت القضية الفلسطينية من اجل مصالحها، وإنها بذلك تنافق ما يجعل شعب المنطقة لن يغفر لها، مهددا بقطع العلاقات الدبلوماسية مع أبو ظبي وسحب سفيرها من أنقرة، هو الذي تجمع بلاده شراكة إستراتيجية تاريخية مع إسرائيل!، لتترجم تصريحاته انه الأب الروحي للازدواجية والخداع.
تركيا تبارك العدوان الثلاثي على مصر
شهد عام 1949 إقامة العلاقات بين إسرائيل وتركيا، وجاء ذلك بعدما باتت تركيا من أوائل الدول المسلمة التي أعلنت اعترافها بدولة إسرائيل، بعد مرور شهور قليلة من نكبة الشعب الفلسطيني، وفي عام 1951 رفضت تركيا تقييد الملاحة الإسرائيلية في قناة السويس أمام مجلس الأمن، كما أعلن "عدنان مندريس"، رئيس وزراء تركيا عام 56 تأييده للعدوان الثلاثي على مصر لاحتلال القناة.
البلد المفضل لليهود
وكشف وثائقي لقناة "تركيا الآن"، عن ان رئيس الوزراء الإسرائيلي "دافيد بن جوريون" زار تركيا واجتمع مع "مندريس"، وفي عام 1992 وقع البلدين اتفاقا للتعاون في مجال السياحة، بعد أن أصبحت تركيا البلد المفضل للسياح الإسرائيليين، وفي عام 1994 اتفقت رئيسة الوزراء التركية "تانسو تشيلر" سرا مع تل أبيب على تبادل المعلومات الاستخبارية، وكذا تنسيق الجهود ضد الإرهاب العام.
اتفاقيات تعاون عسكري
أما العام 1996 فشهد توقيع حكومتا تركيا وإسرائيل اتفاقيات تعاون عسكري ودفاع مشترك، وبعد مرور عام تم توقيع اتفاقية "التجارة الحرة التركية الإسرائيلية"، والتي دخلت حيز التنفيذ، وتعد الأولى لإسرائيل مع بلد مسلمة، كما زار رئيس وزراء تركيا "اردوغان" وقتها عام 2005، إسرائيل واجتمع مع "ارائيل شارون"، وانقضى عاميين وكان "شيمون بيريز"، أمام مجلس الأمة التركي، كأول رئيس إسرائيلي يلقي خطابا أمام برلمان دولة مسلمة.
مصانع أسلحة لإسرائيل في أنقرة
ثمة 16 اتفاقا للتعاون العسكري بين البلدين تتضمن التدريب والتعاون المشترك للقوات البرية والجوية والبحرية، وتعد تركيا ثاني دولة بعد الولاية المتحدة الأمريكية تحتضن اكبر مصانع أسلحة الجيش الإسرائيلي، وبلغ حجم التبادل الاقتصادي بين البلدين 6 مليارات دولار، كما احتلت الخطوط الجوية التركية المركز الأول بين شركات الطيران التي تتعامل مع تل أبيب.
مشروع تركي يصب في مصلحة تل أبيب
سجلت حركة السياحة عام 2009 رقما قياسيا عقب زيارة نحو 560 آلف سائح إسرائيلي لتركيا، وفوق كل ذلك، تركيا الدولة الوحيدة التي تعمل على تنفيذ مشروع لمد تل أبيب بمياه الشرب.
فلاش باك لبعض جرائم آل عثمان
وكيف نصدق دولة تتباهى بتاريخها العثماني الإجرامي في حق دول الشرق بأنها تقف في صف الفلسطينيين وليس مصالحها!، الم يقل الوالي العثماني بعد احتلالهم ليبيا لجنوده :" كل ليبي لا يدفع الضريبة العثمانية ضعوه على ظهر احد الجمال، أو جروه وهو مكتوف بذيل حصان، بعدها القوه في السجن، وفي حالة نجح في الهروب من عذابكم، ألزموا جاره بدفع ضريبته"، حتى بلغت جرائمهم أشدها فحين حكم طرابلس الوالي عثمان باشا الساقسلي، معدوم الضمير الذي عرف بالقسوة والظلم راح يغتصب النساء المتزوجات، وفي عهده تم اغتصاب طفل أمام أعين أبيه، فأخذ الرجل يصرخ باكيا مستغيثا بالمارة عل أحدا منهم ينقذ طفله، فما كان من الوالي إلا الحكم عليه بالضرب بالسياط كونه صرخ واستغاث بالناس، بعدها أقدم الساقسلي على الانتحار بدس السم لنفسه حيث أبصر وقتها عدد كبير من الغاضبين الذين رددوا قائلين : ارتكب الكثير من الجرائم في حقنا هو وأقرباؤه ومنهم من عينهم قوادون، لذلك نريد رأسه."
وكشف الجحيم الذي عاشه الليبيين في هذه الفترة الشيخ المؤرخ الطاهر الزاوي في كتابه "ولاة طرابلس" قائلا :" لم يعرف الأتراك الاهتمام بالعمران في ليبيا لا قليلا ولا كثيرا، عاش العثمانيون في طرابلس أكثر من 300 سنة، ولما جاء الاحتلال الإيطالي في أكتوبر سنة 1911 لم يكن في البلد نور كهرباء، ولا شبر من السكة الحديد، لم يكن هناك واحد يحمل شهادة دكتوراه في الطب، ولا شهادة ليسانس في الحقوق، المسافر كان يأتي إلى المدينة فيمشي في الصحراء حتى يصل سور المدينة، انتهجوا الفوضى والظلم وسلب الأموال، وعدم التقيد بأي شريعة إلا فيما تمليه إرادة الوالي من كل ما يوفر له شهواته ونزعات نفسه".
بعد وأد الثورة الليبية، لم يبق أمام الدولة العثمانية سوى تسليم البلد العربي للمحتل، حيث حدث في سبتمبر عام 1911 غزو ايطاليا لطرابلس والتي شرعت تقصفها عبر أسطولها البحري، وسط تخاذل العثمانيون في الحرب الذين مكنوا المحتل الايطالي من غزو طبرق ودرنة والخمس بكل سهولة، وأمام كل هذا وقف المجاهدون الليبيون وحدهم يخوضون المعارك ضد ايطاليا، وفي 23 أكتوبر عام 1911 حققوا نصرا منفردا عليهم في معركة الهاني، لكن تركيا أبت في الوقت نفسه إلا أن تمضي في طريق الخيانة كعادتها لتوقع في 18 أكتوبر عام 1912 معاهدة "أوشي" لتسلم فيها الشعب الليبي إلى ايطاليا المحتل الأجنبي الجديد ليذيقهم من جديد العذاب والمعاناة.