د. مينا ملاك عازر
توقفنا المقال السابق، عند سؤال المقال المعنون به السلسلة بعد أن توصلنا أن التدخل الدولي في لبنان لا يعتمد على الطائفة ولا الرغبة في مد النفوذ فحسب، بل اعتباراً على أن لبنان له نصيب من أكبر خزان غاز في العالم مكتشف حديثاً.
لكن السؤال، وقبل الاستمرار في هذا النسق، السؤال الذي نسلسله في مقالات، كيف لا يستند التدخل الدولي في لبنان على شكل من اشكال الطائفة فقط؟ أقول لحضرتك وببساطة أنك لو اعتبرت التدخل السعودي في لبنان بالتواجد الواضح على شكل المساعدات المالية، هو تدخل سني في وجه المد الشيعي القائم بواسطة حزب الله ومن وراءه إيران الدولة الشيعية الأكبر في المنطقة، وكذلك بالطبع التواجد الإيراني خلف حزب الله، لكنك أبداً لا تستطيع اعتبار التدخل الفرنسي هو من شأنه دعم مسيحيو لبنان ضد مسلميه مثلاً، أو حتى ضد شيعته، فالصراع هنا ليس موجود، فرئيس لبنان المسيحي متحالف مع حزب الله الشيعي، ناهيك عن أنه حتى مسيحيو لبنان قد تقاتلوا في أيام الحرب الأهلية، فهناك حسابات دولية تحكم مثلا تدخل تركيا السنية التي تسيطر بشكل أو بآخر على شمال لبنان، وتسيطر بشكل أو بآخر على ميناء طرابلس اللبناني الذي انتقلت له حركة التجارة اللبنانية والقادم والصادر من وإلى لبنان بعد تفجير مرفأ بيروت رقم واحد في لبنان، كذلك لا يمكنك غض النظر أبداً عن زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري للبنان في أعقاب التفجير، وكأنه يضع قدم مصرية لصد النفوذ التركي ولسد وقطع الطريق على قفزة تركية مرتقبة ومتوقعة، ويعمل الفرنسيين حسابها لوضع أقدامهم في لبنان لعلهم يصلون للتريليونات المكعبة من الغاز الطبيعي القابعة تحت سطح البحر المتوسط بعد أن أوشكت قفزتهم على الثروة الغازية في ليبيا على الفشل، ذلك الفشل الذي أعلنه أردوغان بنفسه بدعوة بلاده لدول شرق المتوسط للتحاور والتفاوض حول الأوضاع في شرقي البحر المتوسط، ذلك بعد أن كان لا يعترف بأي اتفاقيات ترسيم حدود، لكن وبعد أن وقعت مصر واليونان اتفاقاتهم الأخيرة، كان مسماراً في نعش الأحلام التركية خاصة بعد اعتماد ذلك في الأمم المتحدة، وحرمان تركيا من أن تمد يدها على قطرة ماء بالمتوسط ليس قدم مكعب غاز.
يبقى السؤال معلقاً بعد ما رصدناه من تدخل دولي محكوم ليس بحسابات طائفية أو دينية فحسب بل في الأغلب مستند على أطماع أو حماية الحقوق في أكبر خزان غاز طبيعي مكتشف في العالم مؤخراً وبعد أن رصدنا هذا، يبقى السؤال الأهم الذي نطرحه من مقالنا السابق، وامتددنا إليه في هذا المقال ويبدو أنه ولضيق المساحة سنستمر في طرحه لننهي على إجابته المقال القادم -بإذن الله- وهو هل لبنان برميل بارود أم خزان غاز طبيعي؟ فانتظرونا وتابعونا.
المختصر المفيد كما غير البترول من خريطة وتوجهات دول الخليج وخريطتهم الجيوسياسية، يبدو أننا مقبلين على أوضاع أشد خطورة يفعلها الغاز في منطقة الشرق الأوسط وبالأدق منطقة شرقي البحر المتوسط.