عزة كامل
عرضت صفحة الفيس بوك: «توثيق الأسرة المصرية بالألوان» أكثر من ثلاثين صورة عالية الجودة وبالألوان لتوثق شكل الأسرة المصرية فى الفترة من 1900 إلى 1994، منها صورة لأم تحمل ابنتها، وترتدى فستانا بسيطا وأنيقًا فى الوقت ذاته، وهى تبتسم ابتسامة عذبة وساحرة، وشعرها معقود من الخلف على الطريقة المصرية المعروفة، وصورة لأب مصرى مع أولاده وهم يرتدون البدل والطرابيش، وصورة ثالثة لأم تتوسط ابنتها وابنها وهى ترتدى فستانًا أنيقًا بأكمام، ويصل طوله- أى الفستان- إلى تحت ركبتيها بقليل، كما أن هناك صورة لزوجة تجلس تستند بكتفها على صدر زوجها الواقف باستقامة، وهو ينظر إلى الكاميرا، بينما الزوجة ترتدى فستانًا أبيض عارى الصدر، ليشكلا معا لوحة بديعة أشبه بلوحات الرسامين العالميين.
ونرى الشيخ القارئ مصطفى إسماعيل بالجبة والقفطان يجلس وخلفه زوجته تستند بيدها العارية إلى حافة الكرسى الذى يجلس عليه، وشعرها مسترسل على كتفيها، وأخ يجلس ببدلته الأنيقة بين أختيه، وترتدى كل منهما فستانا أبيض، ليظهر أيديهما المزدانة بأساور اللؤلؤ، أما الشعر فكان مصففًا بعناية فائقة، كما يبدو فى الصور، فلاحة مصرية بجلبابها المزركش، ومفتوح الصدر، والضفائر طويلة، وهى تجلس فى وضع التصوير مع أبنائها.
جعلتنى هذه الصور أستعيد الماضى وأتحسر على ما آلت إليه أحوالنا اليوم، حاضرنا التعس الذى دمغته الوهابية بدمارها الكارثى تحت شعار المحافظة على الفضيلة، وحياء المرأة القويمة- كما يزعمون- وتحسرت على بلاد كانت الأزياء فى مصر القديمة لها وزن وفلسفة، فالنساء نراهن فى التحف والكنوز التى اختارتها مقابر ومعابد قدماء المصريين يلبسن ثوبا واحدا متشابها يتألف من رداء أنيق وبسيط بلا ثنايا، وضيقا يصف أجزاء ومنحنيات الجسم، وينحدر من تحت الصدر حتى يبلغ رسغى القدمين ويحمله شريطان يمران فوق الكتفين.
وفِى رسومات أخرى نرى تطورات لهذا الثوب حتى يصبح قطعتين، وكلتاهما من الكتان الشفاف، وهو ضيق ويظهر الكتف الأيمن عاريا. كيف انتقلنا من عبق الحضارة المصرية القديمة وتصميمات بداية القرن العشرين حتى نهاية السبعينيات، إلى محاولة فرض فتاوى السلفيين العدائية المسنونة ضد المرأة، والتى استهدفت السيطرة والتحكم فى جسدها وعقلها، والدعوة إلى الالتزام بما يسمى الزى الإسلامى، الذى يلزم بأن يكون لباس المرأة يغطى جميع أجزاء جسمها، من أسفل القدمين حتى أعلى الرأس، ويشمل الكفين والوجه والعينين.
أحلم بأن تزاح هذه الصور الوهابية، والتى طغت علينا بأيديولوجيتها، حتى يعود وجه مصر الحقيقى المتسم بحب الجمال والحياة.
نقلا عن المصرى اليوم