يعاني الكثير من الآباء من مشكلات تواجههم بصفة دورية مع المراهقين من الأبناء، فيما تشكو الأمهات من العناد الدائم من قبل هؤلاء البالغين الصغار، لذا نكشف الآن عن كيفية التعامل مع المراهق العنيد، بعد فهم أسباب عناده.
سر عناد المراهقين
في البداية، تعرف المراهقة بأنها تلك المرحلة التي تأتي بعد البلوغ، ولكنها تسبق فترة الرشد الكامل، لذا فهي مرحلة شديدة الخطورة، يواجه فيها المراهق مجموعة من التغييرات.
الانتقال من مرحلة الطفولة إلى البلوغ، يعني المرور بتغيرات جسدية ونفسية متعددة، حيث يلاحظ النمو من ناحية الجسم، لكنه ليس بالدرجة المطلوبة من ناحية العقل والتفكير، وهو أحد أسباب رغبة المراهق في إثبات بلوغه بدرجة تتعارض مع مصلحته ومع رغبة الأبوين أيضا.
في وقت تتضارب فيه الأحاسيس بدرجة متوقعة لدى المراهق، فإنه يشعر بقوته مع نموه الجسدي المفاجئ، ليبدأ في ممارسة بعض التحدي ضد الأبوين، لتظهر ظاهرة العناد عند الكثير من المراهقين، والتي نوضح طرق التعامل معها، عبر الكشف عن كيفية التعامل مع المراهق العنيد.
كيفية التعامل مع المراهق العنيد
تعتمد كيفية التعامل مع المراهق العنيد بالدرجة المثالية، على عدم الانفعال عند مواجهة العناد، فبينما يسعى المراهق إلى إغضاب والديه في تلك المرحلة، وكأنه يحاول معرفة حدود انفعالاتهم، فإنه من المطلوب أن يبقى الإنسان هادئا تماما عند التعامل مع المراهق، وإلا شعر بأنه قوي وقادر على التأثير فيمن حوله بكل سهولة، علما بأن الانفعال الزائد قد يؤدي إلى اتخاذ قرارات خاطئة لا تؤدي إلا لسوء الأوضاع أكثر فأكثر.
ينصح بوضع بعض الحدود للابن المراهق، فبينما يسعى إلى الإحساس باستقلاليته الكاملة، فإنه يفترض أن يدرك كذلك أن الأمور ليست متاحة بشكل كامل، بل يجب أن يحترم بعض القواعد في المنزل وخارجه، طالما لم يبلغ بصورة كاملة، وهي القواعد التي تبنى على أساس من الاحترام المتبادل، فإن قدم المراهق الاحترام المطلوب لوالديه، فإنه يحصل عليه بالتبعية.
طريقة أو كيفية التعامل مع المراهق العنيد تتضمن كذلك حسن التواصل معه، فاحترام المراهق للوالدين لا يعني عدم التواصل فيما بينهم، بل يجب أن يدرك الابن أنه قادر على التحدث بحرية مع أبويه، ما يكشف عن أهمية مواجهة الأزمات مع المراهق ببعض من التعاطف، الذي يجعلك قريبا منه ولست منافسا له.
يرى خبراء الصحة النفسية أن التعامل بتكبر مع الأبناء يعتبر من أسباب عنادهم الزائد في مرحلة المراهقة، لذا يفترض بالأب أو الأم أن يقوما بالعكس تماما، حيث ينصح بالتحدث بهدوء مع الابن المراهق عند مواجهته لأزمة ما، مع عدم فرض الحلول عليه، بل الإشارة إليها باعتبارها حلولا اختيارية يمكن للمراهق القيام بها إن أراد.
بشكل عام، يعتبر فهم المراهق، والعلم بالأشياء التي تسعده والعكس، مع معرفة الأصدقاء المقربين منه ومدى قوة علاقته بهم، من الأمور التي تقوي من العلاقة بين الآباء والمراهقين، لذا تعد من الأشياء المطلوبة.
كيفية التعامل مع المراهق الكاذب
يلجأ المراهقون في بعض الأحيان إلى استراتيجية تعامل أخرى إلى جانب العناد، وتتمثل في الكذب على الأبوين، وهي من الأمور التي تحتاج إلى التعامل معها بالكثير من الحكمة، ليشمل ذلك في البداية الحرص على عدم الكذب بشكل عام وأمام المراهق بشكل خاص، وإلا فقد المثل الذي ينبغي الاقتداء به.
يعتبر تجنب توجيه كلمات النقد من أسباب تخلي المراهقين عن الكذب، فبينما يلجأ الإنسان بشكل عام إلى الكذب خوفا من رد فعل المحيطين بعد ارتكاب خطأ ما، فإن اللجوء إلى تلك الحيلة السيئة لن يكون مطلوبا إن اطمأن من عدم وجود عواقب وخيمة لكذبه.
يرى الخبراء أن إعطاء المراهق فرصة تحمل المسؤولية في حياته، من وسائل السيطرة على السلوكيات الخاطئة مثل العناد والكذب، مع الحرص على دعمه نفسيا طوال الوقت، ومراقبة أفعاله بصورة غير لافتة أو مزعجة، وهو الأمر الذي يقودنا إلى كيفية التعامل مع خصوصية المراهق.
كيفية التعامل مع خصوصية المراهق
بينما يعد تمتع المراهق بالخصوصية مفيدا من ناحية إحساسه بالثقة في النفس، التي تتولد من ثقة الآخرين فيه، فإن ترك المساحة الكافية للمراهق من الأمور المطلوبة ولكن بدرجة ما.
يشمل احترام خصوصية المراهق على سبيل المثال عدم القيام بالتفتيش في محتوياته بحثا عن شيء ما قد يضر بصحته، مثل السجائر، إلا أن احترام خصوصيته أيضا لا يعني عدم القدرة على التحدث معه عن شكوكك بشأن هذا الأمر، حيث يجب أن تدار الأزمة في إطار من الاحترام والثقة، قبل اتخاذ القرارات الصارمة إن تطلب الأمر مع أحد الأبناء.
كذلك فإن احترام خصوصية المراهق لا يتعارض مع معرفة الأصدقاء المقربين منه بشكل شخصي، حيث يتيح ذلك للأبوين فرصة معرفة المخاطر التي قد تحيط به، من أجل توجيه الابن في الوقت المناسب، ولكن من دون اتباع أساليب فرض السيطرة التي لا تفيد في نهاية المطاف.
في النهاية، يبدو أن كيفية التعامل مع المراهق العنيد أو الكاذب، تعتمد على الحكمة والهدوء عند مواجهة الأزمات، مع توفير مناخ من الاحترام المتبادل، من شأنه أن يسهل المشكلات مهما بلغت.