الأقباط متحدون | الحصاد المرير
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٢٠:٥٢ | الثلاثاء ٢٢ مايو ٢٠١٢ | ١٤ بشنس ١٧٢٨ ش | العدد ٢٧٦٨ السنة السابعة
الأرشيف
شريط الأخبار

الحصاد المرير

الثلاثاء ٢٢ مايو ٢٠١٢ - ٢٥: ١٠ ص +03:00 EEST
حجم الخط : - +
 

بقلم: د.وجدي ثابت

 ان كل من يرصد ممارسات الأغلبية السياسية  الحالية بمجلس الشعب المصرى ليلحظ  ظاهرة متكررة   تدعو للقلق و الحذر. فالممارسات التشريعية تتخذ احيانا اتجاه ينزع نحو الاستئثار بالسلطة و مثاله الفاضح تكوين الجمعية التأسيسية المنحلة بنسبة خمسين فى المائة  اعضاء من الأغلبية البرلمانية ولكن  بقرار مشرف من القضاء الادارى المصرى  مبنى على أسانيد دستورية قوية لا شبهه فى حجتها لكل متخصص فى القانون الدستورى تم حل هذه الهيئة الشاذة التكوين و التمثيل. و لكن هذه الممارسات تذهب أيضاً الى اتجاه  خطير وهو الاعتداء على الضمانات القضائية للحقوق و الحريات العامة و هو ما تمثل فى تقليص اختصاص  المحكمة الدستورية العليا فى مشروع قانون هيكلة و تنظيم المحكمة الذى لاقى رفضا كاملا من الجمعية العمومية للمحكمة الدستورية لتقليص اختصاصاتها  بدلا من دعمها و توسعة دائرة اختصاصاتها الى مجال الرقابة السابقة على دستورية كافة التشريعات المحالة لها قبل اصدارها و بمجرد التصويت عليها. و هو ما ادى الى سحب المشروع المؤسف الخاص بإعادة هيكلة المحكمة الدستورية و الذى اثار استهجان رجال القانون و القضاء لما فيه من عدوان على سيادة القانون. و فى النهاية فلا ننسى ان نذكر ان اخفاق هذا المجلس و فشله عن ارضاء الفئات المهنية كاساتذة الجامعات يعد سبب ثالث للقلق و الحذر فتنظيم المراكز القانونية لأساتذة الجامعة و اعضاء هيئات التدريس  بصورة مثيرة للمعنيين قد ادى الى تجمعهم و تظاهرهم ضد مشروعات القوانين المؤسفة التى ان دلت على شئ تدل على النزوع الى الاستئثار بالسلطة و عدم القدرة على الحوار الديمقراطى مع المعنيين بالقرار. و كان علاقة هذه الأغلبية بجميع المؤسسات الاخرى للدولة ينبغى ان تتحول الى علاقة قوة بين طرف يأمر و يطاع وطرف يخضع و ينصاع . وهذا مفهوم رجعى و متخلف للممارسات السياسية .


 يكفى ان يرى الشعب الوقت الضائع فى مهاترات غير مجدية حول الغاء النصوص المجرمة لختان  البنات حتى يفطن الى الخطا الفادح المرتكب فى حق الحقوق و الحريات العامةو يكفى أيضاً ان ننظر الى  ذلك الجدل العقيم الذى حدا بنائب ان يصر على الدفاع عن هذا المشروع لرفع التجريم عمن يقوم بهذا العدوان البر برى على طفلة صغيرة- حتى نشعر بالحسرة و الأسى لان ممارسات هذا المجلس تنزع نحو الشطط فى انتهاك الحقوق و الحريات الاساسية مما يحتم فى المرحلة القادمة ان يوفر الدستور الجديد ضمانات أساسية لاستقلال القضاء  .و لرقابة دستورية القوانين  
اننى لا املك الا ان احذر بصفتى الشخصية و العلمية كمواطن  مصرى و كرجل قانون متخصص فى الشئون الدستورية  مجلس الشعب المصرى من كل محاولة للاعتداء على اختصاصات المحكمة الدستورية العليا او السلطة القضائية فى مصر فهى اخر حصن بقى للمصريين  ضد محاولات الاعتداء المتكررة على الحقوق و الحريات و لاسيما على الضمانة القضائية الضرورية  لحمايتها.و نحذر أيضاً من الرغبة الجامحة لهذا المجلس فى الاستئثار بالسلطة و عدم احترامه لأحكام القضاء ولاستقلاله.
 
من المؤسف ان اللطمة الاولى التى وجهها القضاءالادارى للأغلبية البرلمانية الحالية و التى تمثلت فى الجمعية التأسيسية المنحلة  لم تكف ليتعظ المؤمنون و انما من اللازم لطمة اخرى اكثر إيلاما مع الأسف من السابقة و  هذه المرة تأتى الصفعة من القضاء الدستورى نفسه . 
ان مشروع قانون اعادة هيكلة المحكمة الدستورية العليا يستهدف تقليص اختصاصاتها و أضعاف القوة القانونية اللملزمة لأحكامها وهى صفعة لسيادة القانون. 
 
نحن نطالب على العكس فى ظل الظروف الراهنه بدلا من تقليص دور الرقابة القضائية على القوانين تعضيد و اتساع نطاقها مع إقرار بعض الضمانات الدستورية  على النحو التالى :
 
١. تبنى نظام الرقابة السابقة على دستورية التشريعات المحالة الى المحكمة الدستورية من ثلاثين عضوا فقط من مجلس الشعب او من رئيس الجمهورية فهذا امر ضرورة لحماية الحقوق و الحريات العامة المهددة الان فى مصر اكثر مما سبق. وهى ضمانة لحماية الحرية فى مواجهة التشريع. 
٢. تقرير حظر دستورى لكل مشروع قانون يتضمن تحصين التشريعات  امام رقابة القاضى الدستورى ايا كان عدد المصوتين من اعضاء البرلمان  لمخالفة هذا التحصين لحقوق الأقلية البرلمانية و لمبدأ الرقابة العامة و الشاملة على دستورية القوانين فى حد ذاته. لان من مقتضيات هذا الاخير ان رقابة الدستورية تتقرر ليس على اساس عدد من صوتوا على التشريع و أنما على اساس موافقة التشريع للدستور وهو ما يستحيل تقريره دون انعقاد رقابة مسبقة. 
٣.   ان الجهل و العبث باختصاصات القضاء الدستورى يؤدى بالمجلس الحالى الى حلول هزلية مقيته من مقتضاها النص فى مشروع القانون على عدم اقتران حكم الدستورية بالأثر الملزم اذا ما صدر ضد المجلس لعدم دستورية قانون الانتخاب و باقتران الحكم بالقوة التنفيذية الملزمة لو صدر فى صالح المجلس. ان هذا العبث الذى يتدنى الى حد الإساءة فى استعمال السلطة التشريعية و البله السياسى و القانوني لا يليق  بمصر و لا بالقضاء المصرى. 
٤. يتعين ان يعطى ألقاضى الحق فى استبعاد التشريع المتصور تطبيقه فى النزاع و ذلك اذا ما خالف التشريع  معاهدة دولية  او وفاق دولى صدقت عليه مصر ولاسيما فى مجال الحقوق و الحريات الاساسية للمواطنين و هو ما لا يتأتى الا اذا نص النص الدستور الجديد على  منح القواعد الدولية المكتوبة و بشرط التصديق عليها و إدراجها فى النظام القانوني المصرى قوة قانونية ملزمة اعلى من التشريع تكفل للقاضى استبعاد التشريع المخالف للحقوق و الحريات الاساسية. 
٥. يجب ان يعطى رئيس الجمهورية فى الدستور الجديد الحق فى حل المجلس التشريعى كما هو الحال فى كافة الديمقراطيات البرلمانية وذلك فى حالة أزمة سياسية تتولد عن الممارسات التشريعية المجافية لأحكام الدستور و الضمانات و الأعراف الدستورية  التى نخشى ان يقترفها هذا المجلس.  
 
 
فى ألنهاية يجب الا يغرب عن البال ان الثورة المصرية تهدف الى رد حقوق و حريات المصريين و ليس مصادرتها و واجب المؤسسات الدستورية الأوحد هو تحقيق هذا الهدف فى جميع المجالات السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية.  
 
ان انتهاء الفترة الانتقالية بانتخاب رئيس الجمهورية  يؤدى الى  حل المؤسسات التى قامت اثناء هذه الفترة بما فى ذلك المجلس العسكرى و مجلس الشعب و بصراحة كاملة  فان العوار الدستورى الذى يعترى قانون الانتخاب يؤدى حتما الى التسليم بهذه النتيجة الدستورية الاخيرة
 
دكتور وجدى ثابت غبريال 
استاذ القانون الدستورى و الحريات العامة
بكلية الحقوق و العلوم السياسة 
جامعة لاروشل الفرنسية
المسئول التعليمى عن الماجستير فى القانون العام
عضو الجمعية الفرنسية  للدستوريين




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تقييم الموضوع :