تأكيد رسمي سعودي على السماح للطائرات الاسرائيلية بعبور أجوائها
سليمان شفيق
أعطت السعودية الأربعاء الضوء الأخضر لكافة الرحلات الجوية المتجهة نحو الإمارات والمغادرة منها لعبور أجوائها، وذلك بعد عبور رحلة تجارية إسرائيلية اتجهت إلى أبوظبي سماء المملكة مطلع الأسبوع. ورحب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بالإعلان السعودي مشيرا إلى أن "الطائرات الإسرائيلية ستكون قادرة على الطيران مباشرة من إسرائيل إلى أبوظبي ودبي والعودة".
وهذا أول تأكيد رسمي سعودي على السماح للطائرات من كافة الدول وبينها إسرائيل بعبور أجوائها من وإلى الإمارات، بعدما كان مستشار الرئيس الأمريكي وصهره جاريد كوشنر كشف عن ذلك الاثنين في أبوظبي لدى وصوله مع وفد إسرائيلي في أول زيارة من نوعها لدولة خليجية.
وسارعت الرياض إلى التأكيد على أن فتح الأجواء أمام الطائرات الإسرائيلية لن يغير مواقف المملكة "الثابتة والراسخة تجاه القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني" والقائمة على مبادرة السلام العربية التي تنص على أن لا تطبيع قبل قيام دولة فلسطينية مستقلة.
وفي السياق، كتب وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان على تويتر "مواقف المملكة الثابتة والراسخة تجاه القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني لن تتغير بالسماح بعبور أجواء المملكة للرحلات الجوية القادمة لدولة الإمارات العربية المتحدة والمغادرة منها إلى كافة الدول".
وتابع أنه و"كما أن المملكة تقدر جميع الجهود الرامية إلى تحقيق سلام عادل ودائم وفق مبادرة السلام العربية".
ترحيب إسرائيلي:
من جهته، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهواول امس الأربعاء إن أول رحلة تجارية بين إسرائيل والإمارات لن تكون الأخيرة، في إشارة إلى أن الرحلات بين البلدين عبر الأجواء السعودية ستتواصل.
وصرح نتانياهو في بيان بعد إعلان السعودية عن سماحها لكافة الرحلات الجوية القادمة لدولة الإمارات والمغادرة منها بعبور أجوائها، "هناك الآن انفراج كبير آخر" مشيرا إلى أن "الطائرات الإسرائيلية وتلك القادمة من جميع دول العالم ستكون قادرة على الطيران مباشرة من إسرائيل إلى أبو ظبي ودبي والعودة" بدون الإعلان عن أي جدول زمني لذلك.
وأظهرت مواقع تحديد مسارات الطائرات عبور الطائرة أجواء السعودية ومرورها فوق العاصمة الرياض، في أول رحلة معلنة لشركة طيران إسرائيلية تسافر في سماء المملكة. لكنّها تفادت أجواء البحرين وقطر.
وقال كوشنر لدى وصوله إلى أبوظبي عند نزوله من الطائرة "هذه أول مرة يحدث فيها هذا الأمر وأود أن أشكر المملكة العربية السعودية لجعل ذلك ممكنا".
التحالف السري السعودي الاسرائيلي :
يبدو أن هناك تحالفا فعليا بين السعودية وإسرائيل في الصراع ضد نفوذ إيران المتنامي في المنطقة. وهذه علاقة متطورة وشديدة الحساسية في نفس الوقت، لكن في غالب الأحيان هناك تلميح لما قد يجري تحت السطح على مستوى هذه العلاقة.
وسبق ان أعرب رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الجنرال غادي إيزينكوت افي مقابلة مع صحيفة "إيلاف" السعودية ومقرها بريطانيا استعداد إسرائيل لتبادل المعلومات الاستخباراتية مع الجانب السعودي بهدف التصدي لنفوذ إيران
وقال: "هناك مصالح مشتركة (بين إسرائيل والسعودية) وفيما يتعلق بالمحور الإيراني فإننا في توافق تام مع السعوديين".
وبعد أيام قليلة وفي حديث له عقب مؤتمر في باريس، قال وزير العدل السعودي السابق، محمد بن عبد الكريم العيسى لصحيفة معاريف الإسرائيلية أن الإرهاب باسم الإسلام غير مبرر أينما كان، بما في ذلك في إسرائيل".
كان هذا التصريح انتقادا علنيا نادرا من داخل العالم العربي للهجمات التي تستهدف اسرائيليين .
وفي اليوم التالي مباشرة، كشف مسؤول سابق بارز في الجيش الإسرائيلي في تصريح له في لندن عن اجتماعين عقدهما مؤخرا مع أميرين سعوديين بارزين، وأنهما أكدا له "أنتم لستم أعداء لنا بعد الآن"، في إشارة إلى إسرائيل.
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يقول إن نقلة قد حدثت في العلاقات بين إسرائيل والدول العربية.
هذه الإشارات لا تُرسل بالصدفة، إنها مُنسقة بعناية وتهدف إلى تحذير إيران بوجود علاقة متطورة (بين السعودية وإسرائيل) وكذلك تهيئة المجتمع السعودي بالنظر إلى احتمالية أن تُصبح مثل هذه العلاقات أكثر وضوحا من أي وقت مضى.
لا يواجه الإسرائيليون مشكلة، بالنظر إلى طبيعة ثقافتهم السياسية، في الحديث بشكل علني أكثر من السعوديين عن هذه العلاقة. نحن لا نعرف الكثير عن الواقع العملي لهذه العلاقة أو محتواها الاستراتيجي، لكنها حقيقية وتشهد تطورا
تهديد إيران:
يمكن القول إن هذه العلاقة هي "تحالف أملته الظروف (التي تمر منها المنطقة)". لقد أدى تدمير نظام صدام حسين في العراق عام 2003 على يد تحالف تقوده الولايات المتحدة إلى الإطاحة بحكم عربي سني يمثل ثقلا موازنا لإيران الشيعي..
ترتبط القيادة السياسية التي يهيمن عليها الشيعة في العراق الجديد بعلاقات وثيقة مع طهران، وليس من سبيل المصادقة أن تلعب الميليشيات العراقية الشيعية دورا نشطا في القتال الدائر في سوريا دعما لحكومة الرئيس بشار الأسد.
ساعد قرار إيران دعم الرئيس الأسد في الحرب الأهلية في سوريا بالإضافة إلى التدخل العسكري الروسي في تحويل دفة الحرب لصالح دمشق.
وفتحت هذه التطورات الباب أمام إمكانية وجود منطقة نفوذ شيعية تمتد على طول الطريق من طهران إلى البحر لمتوسط، وهو الأمر الذي يعتبره العديد من السنة تدخلا أجنبيا فارسيا في قلب الشرق الأوسط العربي.
ولذا، فإن العداء بين إيران والسعودية هو عداء استراتيجي وديني في آن واحد.
حتى الآن يبدو أن إيران وحلفاءها ووكلاءها مثل جماعة حزب الله الشيعية في لبنان هم الطرف الفائز، ولذا فإن تعزيز العلاقة بين إسرائيل والسعودية أمر منطقي لكل منهما.
تؤكد السعودية وإسرائيل أنه لا يجب مطلقا السماح لإيران بامتلاك سلاح نووي، وتشعر كل منهما بالقلق من بعض جوانب الاتفاق الدولي الذي يحُد من أنشطة إيران النووية.