نسمع وربما نقرأ كثيرا عن الباليه، هذا النوع الفريد من الرقص، والذي يتطلب تمتع ممارسيه بالرشاقة والمرونة، ولكن ماذا عن تاريخ رقص الباليه وفوائده وأضراره المعلنة وغير المعلنة؟ هذا ما نجيب عنه الآن.
نشأة وتاريخ الباليه
يعرف رقص الباليه بأنه ذلك الأداء الحركي شديد الرقي، والذي يشهد قيام الراقصين بالتحرك على رؤوس أصابع الأقدام، فيما يتم الاعتماد خلال هذا الرقص التعبيري على الموسيقى المصاحبة له، من أجل إيصال فكرة العرض إلى المشاهدين.
ظهر رقص الباليه للمرة الأولى في القرن الـ15، في غرب القارة الأوروبية وتحديدا في إيطاليا، حيث انتقل بعد ذلك إلى فرنسا بفضل تعدد حالات الزواج التي حدثت في هذا الوقت بين الإيطاليين والفرنسيين، قبل أن يزداد انتشاره بدعم من كاترين دي ميديشي، زوجة ملك فرنسا هنري الثاني.
انتقل الباليه إلى مدن أوروبية أخرى بمرور العقود والقرون، حيث شهد القرن الـ19 مرحلة توهج غير مسبوقة لرقص الباليه في روسيا، ليرى العالم إبداعات فنية محفورة في الأذهان حتى الآن، مثل كسارة البندق والجمال النائم وبالطبع بحيرة البجع، فيما يعود الفضل لأبناء روسيا في تعزيز هذا الفن الراقي بكم من الفنيات والحركات التي ساهمت في زيادة شعبيته حول العالم.
شروط رقص الباليه
يتطلب احتراف رقص الباليه تعلم المبادئ الخاصة به واعتياد القيام بحركاته المعقدة نوعا ما منذ الصغر، حيث يفضل أن يكون البدء في سن الطفولة من عمر الـ7 أو الـ8 أو ربما قبل ذلك إن أمكن، حتى يصبح تحكم الراقص في جسده أكثر سهولة منذ البداية، وخاصة وأن العمر الفني ليس طويلا نظرا لأن اعتزاله غالبا ما يحدث في نهاية العشرينيات من العمر.
يحتاج رقص الباليه من ممارسيه أن يتعلموا كيفية الوقوف بمرونة على رؤوس أصابع الأقدام، قبل التمكن من عمليات القفز بشكل مرتفع وكذلك الدوران بصورة منتظمة والعودة للوضع الطبيعي بشكل يبدو سهلا.
يعتمد راقصو الباليه دائما على أحذية جلدية أو مصنوعة من أنواع خفيفة من القش لعدم إعاقتهم عن الحركة بصورة مرنة، فيما يعتبر هذا الفن مناسبا للرجال والنساء على حد سواء، وخاصة بالنظر إلى فوائده المتعددة.
فوائد رقص الباليه
تتعدد الفوائد التي يحصل عليها الشخص فور تعلمه وربما احترافه فن الباليه، إذ يتعلم منذ الصغر أهمية العمل في مجموعة، نظرا لاعتماد الباليه دائما على حركات يقوم بها فريق كامل في تعاون مثمر، كما أن تعلم قيمة مهمة مثل الانضباط يصبح أكثر سهولة في ظل ضرورة قيام الراقص بالحركات المطلوبة دون وجود فرصة لارتكاب أي خطأ ولو بسيط.
يعطي رقص الباليه المزيد من الثقة إلى ممارسيه، في ظل التمكن من القيام بحركاته المعقدة بالنسبة للآخرين في سهولة ويسر، كما أنه يزيد من انغماس الشخص وسط الآخرين ليصبح اجتماعيا بصورة أفضل، وخاصة مع تطلب هذا النوع من أنواع الفن قيام راقصيه بالسفر لدول مختلفة حول العالم، الأمر الذي يزيد من ثقافتهم وخبراتهم أيضا.
بالطبع لا يمكن تجاهل الفائدة الأكثر وضوحا لرقص الباليه، والمتمثلة في الحصول على جسم رشيق وقوي، يعود بالنفع على الصحة الجسدية التي تصبح أقل عرضة للمعاناة من الأمراض، وكذلك الصحة النفسية التي تبدو أفضل في ظل قيام الجسم بإفراز هرمونات السعادة الناتجة عن الحركة المستمرة.
أضرار رقص الباليه
ربما يعتبر الدخول أحيانا في منافسات غير شريفة من أسوأ الأضرار المرتبطة برقص الباليه، حيث يمكن للراقص أن يتعرض في خضم المنافسات لظروف تبدو قاسية وخاصة إن كان في عمر صغير لا يسمح له بتقبل اختلافات البشر، ما يكشف عن أهمية تقديم الدعم النفسي للاعبين في الأوقات الصعبة.
كذلك يؤدي احتراف رقص الباليه والسعي الدائم إلى القيام بالحركات على أكمل وجه، إلى معاناة بعض الراقصين من أزمة الكمالية، أو التطلع إلى الكمال في كل شيء، وهو ما قد يتسبب في عدم إحساس المرء بالرضا عن عمله في أي وقت ومهما كان رائعا، وربما يؤثر بالسلب على حياته الخاصة بمرور الوقت.
في كل الأحوال، يؤدي الحرص على دعم لاعبي رقص الباليه على المستوى النفسي إلى تجنب الأضرار المحتملة لهذا الفن الراقي، والذي تتعدد فوائده الصحية والنفسية على من يمارسه، وخاصة وأنه يعتبر وسيلة مثالية لتعليم الأطفال أهمية الانضباط منذ نعومة أظافرهم.