كتبت د. فاطمه طارق
"مصر هبه النيل" تعني كلمة النيل في اللغة العربية المأخوذة من اليونانية (نايلوس) وتعني وادً وفي اللغة المصرية القديمة كان يسمى (إيترو) بمعنى النهر الكبير. يعتبر نهر النيل أطول الأنهار في العالم, ويعتبر المصدر الرئيسي لأساس المياة في مصر.
أعتمدت الزراعة في مصر على دورة نهر النيل الذي يفيض على أراضيها كل عام, ويستمر موسم الفيضان من شهر يونيو وحتى سبتمبر؛ حيث يرسب على ضفاف النهر طبقة من الطمي الغنية بالمعادن المثالية لزراعة المحاصيل, وبعد انحسار مياة الفيضان يبدأ موسم النمو من شهر أكتوبر وحتى شهر فبراير ثم يحرث ويزرع المزارعون البذور في الحقول والتي كانت تروي من المصارف والقنوات وكان المزارعون يعتمدون على مياة النيل بشكل أساسي. وفي الفترة من شهر مارس إلى شهر مايو تحصد المحاصيل ثم تفصل الحبوب من القش.
قاموا المصريون القدماء بزراعة قمح ايمر والشعير وعدد كثير من المحاصيل والحبوب والمكونيين الرئسيين للغذاء هما الخبز وشراب الشعير, وزرعوا الكتان لصنع الملابس. كما استخدموا البردي النامي على ضفاف النيل لصنع الورق
كان الفلاح المصري القديم يقوم بتقسيم الحقول إلى أحواض ويقوم بريها. وقد أستعمل في الزراعة العديد من الآلات الزراعية وأهمها الفأس اليدوية والمحراث وآلة تسوية الأرض وللري أستخدام الشادوف لرفع المياة من نهر النيل أو الترعة إلى الحقول العليا والجرار وشق القنوات والترع وأقام السدود.
فأذا حل موسم الحصاد ونضج الزرع عمد الفلاحون إلى الحصاد وجني المحصول في سعادة على أنغام الناي والغناء. وكان يتم حصر المحاصيل ومقاديرها لتدبير الأقتصاد القومي وتوفير الغذاء للشعب المصري طوال العام لمواجهة إنخفاض النيل.
ولم يقتصر العمل في الحقل على الرجال فقط بل شارك فيه أيضاً النساء إلى جانب أزواجهن وأفراد أسرتهن وكذلك الأولأد والبنات خاصة أيام الحصاد. وأرتبط المصري القديم بتقديس معبودات مختلفة حتى في الزراعة فعبد "حابي" معبود النيل ومعناة السعيد أو جالب السعادة, و"أوزير" معبود الخضرة والثمار, والمعبودة "سخمت" معبودة الحقول, والمعبودة "رننوت" معبودة الصوامع والغلال, و المعبود "سوكر" و "مين" للإنتاج والوفرة. وكانت تعتبر مواسم البذر والحصاد مواسم وأعياد عظيمة يشارك الملك فيها.