د. مينا ملاك عازر
أشكر القوات المسلحة التي تفهمت أن ما فعله كمساري قطار المنصورة عمل فردي، وأتمنى أن التحقيقات تسير في هذا الاتجاه، وإلا يصبح في نظر البعض عمل إرهابي، فتمسك البعض بالقواعد دون النظر للموقف والبعد الإنساني، وهذا بغض النظر عن كون الموجه له الجرم مجند بالجيش المصري أم لا، فلا ننسى للآن ما جرى بأحد القطارات حين قفز الراكب والقى نفسه من القطار هربا من ضغط الكمسري عليه ليدفع التذكرة، حينها لم يجد كما وجد المجند من ينقذه ومن يتعاطف معه.
أنا لست متعاطف ولا مدافع عن الكمسري، ولا عن المجند، أنا باحث عن الإنسانية في قلوب افتقدتها، وباتت جافة قلقة من المحاسبة الغير آدمية في بعض الأحيان، القصة تكمن هنا في أن وزير النقل نفسه رجل من القوات المسلحة، ومن المؤكد أنه يتفهم تماماً مدى تقدير رجاله للقوات المسلحة، وما جرى ليس موجه لتلك الهيئة العريقة وصمام أمان البلد، لكن من جهة اخرى تمسك السائق بحقه الوظيفي والا تعرض للمساءلة من رؤسائه وإنما هو تمسك صلب جاف بقواعد بالية تخلو من أي قيم إنسانية، وربما لو لم تجد من يوثقها بفيديو ما كنا لنعرفها مثل كثير من الوقائع التي جرت بين جنبات وسائل النقل العام. ولي اقتراح ان يعطي لكل مجند تصريح سفر مجاني عند ذهابه الي وحدته والعودة منها .
كل هذا لا يجعلني أبدا أتغاضى عن الإخفاق الذي حققه لقاح كورونا في أوكسفورد بعد أن حجزت الكثير من بلدان العالم من بينها مصر جرعات من اللقاح، كي تقي مواطنيها من كورونا الفتاك، كل هذا الإخفاق الإنجليزي المؤسف أتى مرتكزاً على أن واحد من المجرب عليهم اللقاح اصيب بأعراض مرضة، ولأن سلامتك أولاً توقف العمل باللقاح ولن ينتج الآن، وبات الأمل معلق باللقاحين الأمريكيين، وأقربهم لقاح شركة فايزر الأمريكية التي يسابقها الصينيين في أن ينتجوا السلاح الفتاك ضد كورونا المستجد.
تخيلوا حضراتكم ملايين الدولارات أو الإسترليني مصروفة على عمل إنساني كبير لنجدة البشرية وإنقاذها، لم يتوانى الإنجليز على هدمه ووقف إنتاجه، لأنه يهدد سلامة البعض ولا ينقذهم، من المؤكد أنهم لن يبدأوا من الصفر، لكن على الأقل المرتقب من عائد اللقاح لن يأتيهم وسط سباق محموم أوروبي وصيني وأمريكي لإنتاج اللقاح المنتظر لتهدئة روع البشرية التي باتت مضطرة لانتظار موجة ثانية أو للتعايش معه تحت أي ظرف، إنسانية أوكسفورد والقائمين على إنتاج اللقاح التي ظهرت في سعيهم لإنتاجه، والتي وضحت جلياً في إيقافهم إنتاجه، أتمناها تغزو قلوبنا نحن المصريين الذين بتنا متجردين من كل ملامح الإنسانية جراء تعاملاتنا البغيضة بعضنا حيال بعض.
المختصر المفيد الإنسانية يا سادة والرحمة بعضنا ببعض.