كتب - نعيم يوسف
تمر اليوم، الأحد، الموافق 13 سبتمبر، ذكرى رحيل الفنان المصري الكبير سراج منير، والذي وافته المنية في مثل هذا اليوم عام 1957، تاركا خلفه تراثا فنييا وإنسانيا ضخما.
من عائلة فنية وأرستقراطية
من عائلة أرستقراطية، أو كما يقول المصريون "ابن ذوات"، ولد سراج منير عبد الوهاب، في 15 يوليو عام 1904، في منطقة باب الخلق بالقاهرة، ووالده هو عبد الوهاب بك حسن وكان مديرا للتعليم في المعارف.
لم يكن سراج منير من عائلة أرستقراطية فقط، بل نشأ في كنف عائلة فنية أيضا، حيث أن شقيقاه هما أخواته المخرجان السينمائيّان حسن وفطين عبد الوهاب، الأمر الذي زرع في قلبه محبة الفن منذ صغره.
الاتجاه لدراسة الطب
على الرغم من حبه للفن، وانضمامه لفريق المسرح في المدرسة، إلا أنه بعد الانتهاء من دراسته الثانوية، اتجه لدراسة الطب في ألمانيا، وهناك حدث تحول غريب، حيث نفذت أمواله، واضطر للبحث عن مصدر رزق، وتعرف في أحد النوادي على مخرج ألماني سهل لهُ العمل في السينما الألمانية مقابل مرتب ثابت، وبعد فترة ترك دراسة الطب، ودرس الإخراج مع الفنان محمد كريم، ثم انتقل لممارسة نشاطه الفني في ميونخ، حيث كان يوجد أكبر مسرح في ألمانيا، وكان معه في تلك الفترة الفنان فتوح نشاطي.
العودة إلى مصر
عاد "منير" مرة أخرى إلى مصر، ولكنه ليس طبيبا، بل فنانا، ورغم ذلك، عمل مترجماً في مصلحة التجارة، إلا أن حنينه للتمثيل جعلهُ ينضم لفرقة رمسيس وشارك فى بطولة فيلم زينب الصامت، ثم انضم لعدد من الفرق حتى أصبح عضواً بارزا فى فرقة الريحاني، ورغم عشقه الكبير للفن، إلا أنه كان نادما لعدم استكمال دراسة الطب، خاصة وأن كل أفراد أسرته قد اعتلوا مناصب بارزة، ولم يكن الفن في ذلك الوقت من الأعمال المرموقة في المجتمع.
أعمال خالدة
خاض سراج منير معترك الحياة السينمائية ممثلاً ومنتجاً، وقدم مايقارب المائة فيلم سينمائي، قام ببطولة 18 منها، أما فيلمه "عنتر ولبلب" عام 1945 فقد كان نجاحه الجماهيري أكبر تعويض له عن شعوره بما خسره، وعرف عنه ثقافته العالية وإدمانه القراءة، وكان من أكثر الفنانين إلماماً بقواعدِ اللغة وأصولِ النحو والصرف.
من أهم الأعمال التي قدمها للسينما المصرية: "زينب"، "عنتر ولبلب"، "بنات اليوم"، "المجد"، "علموني الحب"، "انت حبيبي"، نهاية حب"، "الوسادة الخالية"، "نساء في حياتي"، "القلب له أحكام"، "إزاي أنساك"، "وداع في الفجر"، "العروسة الصغيرة"، "أرض الأحلام"، "شباب امرأة"، "نهارك سعيد"، "ليالي الحب"، "أيامنا الحلوة"، "أيام وليالي"، "عهد الهوى"، "قصة حبي"، "سيجارة وكاس"، "الجسد"، "مدرسة البنات"، "الله معنا"، "انتصار الحب"، "السيد البدوي"، و"ليلة من عمري".
نهاية فنان عاشق للفن
كفنان مثقف واع، وعاشق للفن، أراد "سراج منير"، أن يلعب دورا مهما، لإنقاذ صناعة السينما، بعدما تدهورت وفقدت سمعتها وهبطت فيها مواضيع الأفلام، وفي عام 1953، خاض تجربة الإنتاج وأنتج فيلم "حكم قراقوش"، ووضع أغلب أمواله فى إنتاجه، وكان يرويي قصة وطنية تصور حقبة من تاريخ مصر ساد فيها الفساد والرشوة، ورغم أنه أنفق نحو 40 ألف جنيه عليه، لم تتجاوز إيراداته عشرة آلاف جنيه، فاضطر سراج منير أن يرهن الفيلا التي يعيش فيها، وتسبب ما حدث في إصابته بالذبحة الصدرية التى أدت لوفاته.
على المستوى الشخصي، تزوج من الفنانة ميمي شكيب، ووصف زواجهما بأنه أحد أقوى الارتباطات الفنية، حيث استمر قائما حتى رحل الفنان سراج منير عن الحياة عام 1957.